يتوقع الاتحاد العالمي لرحلات الأعمال أن يفقد إيرادات بنحو 820 مليار دولار، نصفها من الصين، مع تقليص الشركات خطط السفر بفعل فيروس كورونا القاتل. وبحسب «رويترز»، أظهر مسح أجراه الاتحاد أن رحلات العمل لآسيا كانت المتضرر الأكبر، فقد أعلنت ثلاث شركات على الأقل من كل أربع إلغاء جميع أو معظم رحلات العمل إلى الصين وهونج كونج وتايوان وبلدان أخرى في آسيا والمحيط الهادئ أو تأجيلها. وتزيد أحدث توقعات الاتحاد كثيرا عن تقديرات شباط (فبراير) التي كانت لخسارة تبلغ 560 مليار دولار، ومن المتوقع أن تخسر الصين، التي شهدت تراجعا 95 في المائة لرحلات العمل منذ تفشي الفيروس 404.1 مليار دولار من إيرادات هذه الرحلات، تليها أوروبا بخسارة 190.5 مليار دولار. وتضررت إيرادات قطاعي الطيران والضيافة، وهما عادة أكبر المستفيدين من إنفاق الشركات، كثيرا مع استمرار انتشار الفيروس. وكان قطاعا السياحة والنقل أول المتضررين من تبعات الوباء الجديد في وقت منعت دول عدة دخول مواطنين قادمين من الدولة الآسيوية العملاقة. وألغت شركة لوفتهانزا الألمانية للطيران 23 ألف رحلة في الفترة الحالية وحتى الرابع والعشرين من نيسان (أبريل) المقبل، وأضافت أكبر شركة طيران ألمانية أنه من المتوقع إلغاء رحلات أخرى سواء في الأسبوع الجاري أو في الفترة اللاحقة عليه. ويتوقع قطاع المعارض على مستوى العالم تراجعا بالمليارات في الإيرادات، وقال كاي هاتندورف المدير التنفيذي للاتحاد العالمي لقطاع المعارض، إن القطاع يتوقع تراجعا في الإيرادات على مستوى العالم بمقدار يزيد على 14 مليار يورو، وأضاف: "هذا الحجم من التراجع سيزيد بالتأكيد إذا تم إلغاء فعاليات أخرى. هذا الوضع فريد من نوعه، ويعرض الوظائف للخطر .. قطاع المعارض لم يمر بمثل هذا الوضع على المستوى الدولي من قبل". وبسبب تفشي "كورونا" المستجد ألغي عديد من المعارض على مستوى العالم. وألغي في ألمانيا على سبيل المثال أكبر معرض دولي للسياحة (بورصة برلين للسياحة) ومعرض لايبتسيج للكتاب، وأضرت هذه الإلغاءات بكثير من الشركات. وقال هاتندورف: "صحة الأفراد لها الأولوية .. لكن من المهم عدم إلغاء معارض مهمة مثل معرض هانوفر الصناعي، بل فقط إرجاء مثل هذه المعارض. في كل معرض يتم الاتفاق على كثير من الطلبيات - هذا هو الإيراد المستقبلي. هذا الأمر لا يضر بفرص العمل في قطاع المعارض فحسب، بل أيضا في القطاعات كافة، كما يؤدي على سبيل المثال إلى إلغاء حجوزات الفنادق". وذكر هاتندورف إن الاتحاد طالب المفوضية الأوروبية عبر خطاب بإجراءات محددة على مستوى الاتحاد الأوروبي لحماية القطاع من الخسائر، وقال: "الأمر يدور على وجه الخصوص حول ضمان السيولة لمشغلي المعارض عبر منح قروض وإرجاء تسديد القروض وتسهيلات أخرى ... كل أزمة تنقضي، وهذه الأزمة ستنقضي أيضا، بعدها سنتعلم ما غيرته هذه الأزمة. الأزمات السابقة عززت نموذج أعمال المعارض". ويتوقع اتحاد المعارض في ألمانيا خسائر بقيمة نحو ثلاثة مليارات يورو بسبب إلغاءات وإرجاءات المعارض، وأوضح الاتحاد الألماني أن الجهات المتضررة من ذلك هي منظمو المعارض وشركات تجهيز المعارض وقطاع الفنادق والمطاعم والنقل وعديد من الموردين والحرفيين. وبعد مرور شهرين على ظهور الوباء القاتل، تشهد الأسواق المالية العالمية من شنغهاي إلى وول ستريت بلبلة، مع تراجع أسعار المواد الأولية التي تستوردها الصين بكميات كبيرة، فهبطت أسعار النفط بين منتصف كانون الثاني (يناير) ومطلع شباط (فبراير) بنحو 20 في المائة، ولم تكن هذه سوى البداية. ومع تصاعد الأزمة، اكتشف العالم دور ووهان كمنصة لوجستية وصناعية لعديد من المجموعات الدولية، وأدرك أن أي مشكلة في مصنع صيني يمكن أن تتسبب في بلبلة سلسلة الإمدادات لمجموعة كاملة من الشركات في العالم. وواجه صناعيون في جميع أنحاء العالم من كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة مرورا بألمانيا واليابان وإيطاليا وفرنسا، صعوبات في التزود بالقطع والمكونات التي ينتجها عادة شركاء صينيون. وتحتم على شركة رينو الفرنسية للسيارات إغلاق مصنع مؤقتا في كوريا الجنوبية، فيما عانت شركة أبل العملاقة الأمريكية من جراء توقف إنتاج بعض مزوديها. وتحدث الخبراء الاقتصاديون عن "صدمة العرض"، واتخذت هذه الظاهرة حجما هائلا نظرا إلى مكانة الصين في المبادلات التجارية العالمية، فاكتشف قادة العالم مدى المخاطر، وأدركوا أن الصدمة تؤدي إلى خلل في الشركات وتباطؤ اقتصاد هش في الأساس بسبب الحرب التجارية التي باشرتها الولايات المتحدة مع الصين وأوروبا. وحذرت كريستالينا جورجييفا مديرة صندوق النقد الدولي خلال اجتماع وزراء مالية مجموعة العشرين في 23 شباط (فبراير) من أن "كوفيد - 19 الذي يشكل حالة صحية طارئة عالمية، بلبل النشاط الاقتصادي في الصين وقد يعرض للخطر الانتعاش" الاقتصادي العالمي. ولفت عديد من الشركات متعددة الجنسيات إلى أن الأزمة الصحية ستنعكس على نتائجها، وبدأ القلق يعم البورصات، إلى أن شهد الأسبوع الأخير من شباط (فبراير) انهيارا، مع تراجع المؤشرات في أوروبا والولايات المتحدة بأكثر من 12 في المائة، وهو ما لم يشهده العالم منذ أزمة 2008 حين دخل الاقتصاد العالمي مرحلة انكماش. وسادت مخاوف من أن تقترن صدمة "العرض" بصدمة "طلب" عالمية مع انهيار في الاستهلاك والاستثمارات إذا ما حمل انتشار الوباء دولا أخرى على اتخاذ تدابير حجر وعزل صارمة على غرار ما حصل في إيطاليا. ومع تعليق شركات الطيران مئات الرحلات، خلت الطائرات من الركاب أو بقيت مسمرة على المدارج، وحذرت الجمعية الدولية للنقل الجوي (إياتا) في 5 آذار (مارس) من أن الوباء قد يكلف قطاع النقل الجوي أكثر من 100 مليار دولار. وفيما وصلت ديون الشركات، وبعضها مشكوك في تحصيله، إلى مستويات قياسية، أبدى البعض مخاوف من أن يتسبب تراجع الأسواق في إضعاف وضع المصارف وصناديق الاستثمار الكبرى. ولخص جيتا جوبينات رئيس قسم الاقتصاد في صندوق النقد الدولي الوضع بالقول إن المطلوب هو تحرك الحكومات والبنوك المركزية بشكل قوي ومنسق "لمنع أزمة مؤقتة من أن تضر بأشخاص وشركات دون أن يكون لديها مجال للتعافي مجددا نتيجة خسارة وظائف وعمليات إفلاس". وتأثرت دول العالم كافة تقريبا بالوباء القاتل، ففي الولايات المتحدة، ذكر لاري كودلو، كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يسعى إلى تخفض الضرائب على الدخل مؤقتا كجزء من حزمة تحفيز. وذكر كودلو خلال مؤتمر صحافي: "إنه اقتراح جريء وهذا رئيس جريء"، دون تقديم تفاصيل عن الخطة، التي يتعين تمريرها عبر الكونجرس. وصرح كودلو بأنه سيتم تحديد الاقتراح في "المستقبل القريب" موضحا أنه يهدف إلى منح تخفيض ضريبي للعاملين من الطبقة المتوسطة. وتبحث إدارة ترمب تقديم المساعدة للأشخاص الذين يأخذون إجازات مرضية غير مدفوعة الأجر بسبب "كورونا" إضافة إلى تأجيل الضرائب لبعض "الصناعات المتعثرة". وفي أوروبا، كشفت المفوضية الأوروبية عن إنشاء صندوق استثماري بقيمة 25 مليار يورو "لمواجهة فيروس كورونا" لمساعدة الأنظمة الصحية وغيرها من القطاعات الهشة، وأكدت أورسولا فون دير لاين رئيسة المفوضية الأوروبية أنها ستستخدم "كل الأدوات المتاحة" لدعم الاقتصادات المتأثرة بالوباء. وفي إيطاليا، أعلن جوزيبي كونتي رئيس الوزراء الإيطالي عن حزمة تمويل لمساعدة البلاد في التعامل مع الفيروس قيمتها 25 مليار يورو (28.3 مليار دولار). وقال كونتي بعد اجتماع حكومي إن الحزمة ترقى إلى "تمويل متاح"، لا يتم استخدامه على الفور، لكن يمكن استخدامه بالتأكيد لمواجهة جميع الصعوبات، التي نواجهها بسبب هذه الحالة الطارئة". وأضاف كونتي أن الحالة الطارئة بسبب فيروس كورونا في إيطاليا، وهي حتى الآن الأسوأ في أوروبا، "هي حالة طارئة صحية واقتصادية على حد سواء، ومن الواضح أن لديها تأثيرا اجتماعيا مهما". وفي كوريا الجنوبية، أظهرت أرقام صدرت حديثا أن العجز في قطاع السياحة تفاقم في كانون الثاني (يناير) الماضي، عما كان عليه في الشهر السابق. وسجلت كوريا الجنوبية إيرادات في قطاع السياحة بلغت 1.58 مليار دولار في كانون الثاني (يناير) الماضي، بينما بلغ الإنفاق في قطاع السياحة نحو 2.5 مليار دولار، وأدى ذلك إلى عجز في قطاع السياحة بلغ 928 مليون دولار، بارتفاع 186 مليون دولار عن الشهر السابق.
مشاركة :