قال بنك جولدمان ساكس إن سوق النفط قد تشهد فائضاً قياسياً بنحو ستة ملايين برميل يومياً بحلول أبريل، مع الأخذ في الحسبان الارتفاع الأكبر من المتوقع في الإنتاج منخفض التكلفة، بينما يتسم انخفاض الطلب الناجم عن تفشي فيروس كورونا بأنه «واسع على نحو متزايد». ويتجه خام برنت صوب تسجيل أكبر خسارة أسبوعية منذ 2008 إذ تراجعت أسعار النفط الأسبوع الماضي. وقال بنك جولدمان ساكس في مذكرة بتاريخ 12 مارس «رد فعل المنتجين مرتفعي التكلفة عند توقعنا لأن يسجل خام برنت في الربع الثاني من 2020 سعر 30 دولاراً للبرميل لن يكون كافياً بشكل سريع لتبديد أثر الزيادة الكبيرة القياسية في المخزون التي ستحدث في الأشهر المقبلة». وأضاف محللو البنك أن حدوث قفزة في المخزونات ربما يجبر أيضاً بعض المنتجين مرتفعي التكلفة على وقف الإنتاج، إذ إن الأوضاع اللوجيستية للتخزين ربما تتعرض لضغوط. وقدر البنك خسائر الطلب بسبب تفشي فيروس كورونا السريع الانتشار عند نحو 4.5 مليون برميل يومياً، بيد أنه أشار إلى بعض المؤشرات على تحسن الطلب الصيني على النفط. وقال إن تراكم مخزونات النفط على مدى الأشهر الستة القادمة قد يكون مشابهاً للزيادة التي وقعت على مدى 18 شهراً في الفترة بين عامي 2014 و2016. وأضاف البنك أنه على الجانب الآخر، فإن نمو الطلب العالمي سيشهد انخفاضاً بنحو 310 آلاف برميل يومياً في 2021 وسيفوق بفارق كبير أثر أي رد فعل سريع على مستوى الإمدادات من جانب المنتجين مرتفعي التكلفة، على الأخص مع توقعات حالياً بانخفاض إنتاج النفط الصخري بمقدار 900 ألف برميل يومياً في الربع الأول من 2021. وقال «وأخيراً، فإن أي تصاعد جديد محتمل في التوتر الجيوسياسي في الشرق الأوسط لن يمنع الضغط الهبوطي الناجم عن تراكم سريع للمخزونات ما لم يؤد إلى توقف كبير تاريخي» للإمدادات. إلى ذلك، خلص مسح لـ «رويترز» أمس الجمعة إلى أن أسعار النفط تتجه لأن تقبع قرب المستويات المنخفضة الحالية خلال الأشهر المقبلة، إذ أن انهيار اتفاق بين كبار المنتجين للحد من الإنتاج يضر بسوق مترنحة أصلاً بسبب هبوط الطلب الناجم عن فيروس كورونا. وخفض محللون في استطلاع الرأي السريع توقعاتهم لأسعار خام برنت إلى 42 دولاراً للبرميل في المتوسط هذا العام مقابل 60.63 دولار في المتوسط في استفتاء فبراير الشهري. ومن المتوقع أن يبلغ متوسط سعر خام القياس العالمي نحو 34.87 دولار في الربع الثاني و39.05 دولار في الربع الثالث قبل أن يسترد بعض القوة ويصل إلى 44.08 دولار في الربع الأخير من العام. ويتوقع المسح الذي شمل 21 محللاً بلوغ متوسط سعر الخام الأميركي 30.37 دولار للبرميل في الربع الثاني ونحو 37 دولاراً للعام بأكمله. وقال إدوارد مويا، كبير محللي الأسواق لدى أواندا للسمسرة «تأخرت نهاية أوبك+ كثيراً وانخفاض الأسعار هنا في طريقه للاستمرار لربعي السنة المقبلين على أقل تقدير. سيحتاج كل من برنت وخام غرب تكساس الوسيط الاعتياد على أسعار نفط تحت الثلاثين دولاراً». و هبطت العقود الآجلة للخام أكثر من ثلاثين بالمئة في وقت ما يوم الاثنين، وهو أكبر هبوط خلال يوم واحد منذ حرب الخليج عام 1991، وذلك بعد أن أخفقت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاؤها، بينهم روسيا، في إطار ما يُعرف باسم أوبك+، في الاتفاق على مد أجل تخفيضات إنتاجهم. في الوقت نفسه، هرع منتجو النفط الصخري الأميركي إلى تعميق تخفيضات الإنفاق وتقليص الإنتاج المستقبلي. يُضاف انهيار اتفاق أوبك+ إلى مخاوف تعرض الطلب لضغط بسبب الانتشار العالمي الفائق السرعة لوباء فيروس كورونا الذي أصاب سلاسل الإمداد بالشلل وأثار نزولاً في الأسواق المالية. ومن المتوقع أن يمر الطلب العالمي على النفط بأول تراجع فصلي له لأول مرة منذ 2009، إذ يتنبأ أغلب المحللين بانخفاض في إجمالي الطلب العالمي بين 0.8 مليون برميل يومياً وأربعة ملايين برميل يومياً في النصف الأول من 2020. وبالنسبة للعام بأكمله، يُتوقع نمو طفيف للطلب عند ما بين 0.1 مليون و0.5 مليون برميل يومياً. من جهته، قال خبير الطاقة الأميركي دانيال يرجين إن تخفيف الضغط على أسواق النفط الهابطة قد يستغرق وقتاً طويلاً في وقت يتسبب فيه فيروس كورونا في إلغاء فعاليات عامة وإغلاق المدارس بينما يُغرق منتجو النفط الأسواق بالخام. وقال يرجين وهو أيضاً نائب رئيس مجلس إدارة آي.إتش.إس ماركت للصحفيين في مقر وزارة الطاقة الأميركية «إنها مشكلة حرب أسعار نفط في خضم سوق مضغوطة بينما تطبق (علينا) الجدران». ويدرس مسؤولون في إدارة ترامب عدة سبل لدعم منتجي الطاقة بما في ذلك شراء النفط بالأسعار المنخفضة الحالية لتخزينه ضمن الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، المُحتفظ به في مستودعات تمتد على سواحل تكساس ولويزيانا. لكن يرجين الذي يسدي المشورة أحياناً لمسؤولين أميركيين في مسائل الطاقة، يبدى شكوكاً. وقال «لا أرى كيف يمكن استخدام الاحتياطي البترولي الاستراتيجي، مع كمية النفط القادمة إلى السوق، سيؤدي هذا فعلياً إلى تضخم المخزونات، سيستغرق الأمر وقتاً طويلاً لخفضها». وقال يرجين إنه سيكون من الصعب إثبات أن أي أحد يطرح النفط بأقل من قيمته السوقية، وعلى أي حال فإن إصلاح الأمر لن يكون بين عشية وضحاها. وقال يرجين إنه لا يتوقع انفراجة سريعة. وأضاف «في العادة سيحل الطلب المشكلة بطريقة ما، بسبب أنه سيكون لديك أسعار أقل تعمل كخفض ضريبي وستكون محفزاً، لكن ليس في هذه الحالة بسبب جمود النشاط الاقتصادي». وقال «أسعار البنزين المنخفضة، لا تفعل الكثير حين تكون المدارس مغلقة، والناس يلغون جميع رحلاتهم، ويعملون من المنزل». وتوقع تسارع وتيرة اندماج شركات الطاقة. وقال «الاندماج سيكون أحد السبل لكي يخفض الناس التكاليف».
مشاركة :