«ها قد أطلت الكوكبة التاسعة عشرة بفرسانها الثلاثة والعشرين، ممتطية صهوات جيادها متجهة بعزم وثبات إلى مفترقات طرق فرضتها ميولهم وتوجهاتهم للتزود بالعدة والعتاد والتأهل بجدارة لخدمة هذا الوطن الغالي ومن ثم أداء دورهم على الأرض بكفاية وإتقان». انتهى الاقتباس من كلمة مالكة المدرسة المربية أم الأجيال السيدة عواطف مراد، في حفل تخرج طلبة الثانوية العامة، أحببت أن أبدأ به لأثبت أن الشباب اذا هيئت له البيئة الأسرية والتعليمية والاجتماعية المناسبة ينجح ويتفوق ويبني أحلامه العلمية ليصبح لبنة قوية في بناء الوطن هذا أولاً، أما ثانياً فإن حفلات التخرج التي يقيمها الطلبة في قاعات الفنادق الكبرى أو في قاعات الأفراح إذا كانت بإشراف وتنظيم المدرسة وموافقة ودعم الأهل ليست شراً ولا تنذر بكارثة، بل مناسبة تهطل بالفرح وشمس تضيء قلوب الأمهات والآباء والجد والجدة لأن الحفيد ثمرة الغرسة الطيبة التي نمت وتفرعت وأثمرت وحان قطافها. هذا ما شعرت به في حفل تخرج حفيدي من الثانوية العامة الأسبوع الماضي والذي عجل بعودتي من إجازة قصيرة خارج الوطن لأحضر عرسه العلمي الأول، وقلبي ينبض بالفرح. كان حفلاً جميلاً، بالتنظيم الذي لم يخرج ولو قليلاً عن الحفلات المدرسية رغم أنه كان في قاعة أحد الفنادق الكبرى، الا أن المدرسين ومالكة المدرسة، ومديرها تولوا كل صغيرة وكبيرة، وتحوَّل صغار الأمس الى رجال يصطفون على المسرح وهم يلبسون البشوت والغتر والعقل بكل عزة وافتخار. كان بحق حفلاً مميزاً، يعيد لك الأمل في مستقبل هذا الوطن، شباب صغير يحمل أحلامه ويكرم أساتذته ولم يبدر منه أي سلوك أو تصرف صبياني رغم طراوة العود، وبداية اخضرار الغصن. كنت من أشد المنتقدين لحفلات التخرج خارج المدارس في بداية انتشارها، ثم بدأت ألتمس العذر للخريجين والخريجات، نتيجة المنع والتضييق على المدارس في إقامة الحفلات، التعنت في إقامتها صباحاً، في المبنى المدرسي، ومعظم المدارس لا تمتلك مكاناً مناسباً لإقامة الحفلات بشروط تعسفية، وكانت النتيجة عزوف الطلبة والطالبات عن المشاركة في مثل تلك الحفلات الجنائزية، ووجد الطلبة والطالبات وسيلة للاحتفاء بتخرجهم بعيداً عن القيود والشروط التعسفية. لا أنكر أن هناك تجاوزات من بعض الخريجين أو الخريجات إذا ترك لهم الحبل على الغارب، لكن إذا احتضنت المدرسة الحفل، كما فعلت مالكة مدرسة حفيدي التي لم تترك المناسبة تمر دون أن تبذر آخر بذورها في عقول ذلك الشباب الغض بقصيدة مغناة مهداة لخادم الحرمين الملك سلمان، كتبت كلماتها ولحنت وأنشدت على المسرح ،أقتبس منها هذه الأبيات: سلوا مَن قائد هذا الكيان.... شمس أشرقت شعت على المكان إنه هبة الرحمن ... رمز للرجل الإنسان جاد به علينا الزمان ... فملأ حضوره المكان سلوا مَن .. . سلوا مَن .. إنه سلمان سلمت وعوفيت ... وحفظك الرحمن كانت على دراية تامة بطموحات وأحلام فتيانها فأفصحت في كلماتها عن مميزات كل طالب ( لقد ضمت هذه الكوكبة بين أفرادها الفنان المرهف الحس، ومشروع رجل الأعمال، ومن هو أهل لتحمل المسؤولية، ومن غلب الجد على طبعه فأنساه الديبلوماسية في التعامل، والفتى الطائر الذي لم تمنعه أحلامه من ملامسة أرض الواقع وبحث ومناقشة مختلف الموضوعات والخلوص الى أن يصبح طياراً...). nabilamahjoob@yahoo.com
مشاركة :