وش يفيد البكاء وش يفيد النحيب!

  • 6/10/2015
  • 00:00
  • 11
  • 0
  • 0
news-picture

الحزن على فقد عزيز أمر طبيعي، المحزن أن تكون أنت من ابتعدت عنه أو استبعدته من حياتك وهجرته وقطعت كل حبال الوصل بينك وبينه قبل وفاته نتيجة خلاف أو اختلاف ما معناه انك انهيته من حياتك وادخلته إلى مقبرة قلبك قبل أن يدفن في المقبرة، لا تستغرب عزيزي القارئ ان قلت لك كل منا لديه مقبرة في قلبه ولكن هناك من يحسن استخدامها عن طريق ما يودع فيها! مازلت أتذكر منظر ذلك الاخ الذي نزل إلى القبر وانكب على جثة اخيه واجهش بالبكاء مرددا بصوت عالٍ «لا...لا... لا تتركني سامحني» لدرجة انه أبكى أغلب من حضر الدفن ولا ابالغ لو قلت أبكى الكل!، سألت زميلي فيما بعد كونه احد اقاربه عن سر ذلك البكاء وكنت أتوقع أن يقول لي صاحبي كانت بينهما علاقة قوية فيها من الود والعطاء ما الله به عليم، صدمت عندما قال لم يكن للود فيما بينهما وجود بل العكس كانت بينهما قطيعة استمرت لسنوات، اعتقد أغلبكم شاهد مثل هذا الموقف الذي عادة ما يتكرر عندما يفقد المتشاحنان أحد أفراد الأسرة أو القرابة. الآن رمضان قادم وأبواب الخير تتفتح في هذا الشهر الفضيل، ولأن عجلة الزمان لن تعود للوراء، والندم على ما فات والاماني والبكاء لن تعيد لنا قريبا أو حبيبا وافاه أجله وعلى فكرة يا كثر من بكى حرقة وألما وذرف بدل الدمع دما على فراق اقرب الناس له كالأم والأب والأخ، يا من هجرت امك واباك، اختك واخاك، عمك وعمتك خالك وخالتك ارحامك انسابك وتنوي أن تصوم الشهر لكنك ما نويت أن تصل رحمك ولم تفكر في أن تتصل وتبارك بالشهر حتى ولو برسالة، ماذا لو تتنازل وتبدأ انت بزيارتهم، وماذا لو بادرت بفتح صفحة جديدة؛ لكي تكسب من كل النواحي، هنا ستذرف دموع الجميع بالفرح وما أجملها من دموع وما أروعها من لحظات، بالاضافة إلى كل ما سبق، هناك فائدة اخرى كونك قد استفدت واخذت العبرة ممن بكى وذرف دموع الفراق والأسى في المقابر وكما قيل «يابخت من شاف التجربة في غيره». للأسف لو نرجع لجذور كل قطيعة بين الاقارب لوجدناها غالبا ما تكون نتيجة أمور تافهة لكنها مع الأسف وجدت قلوبا ممتلئة حقدا وضغينة نفوسا ملتهبة كل همها تحليل نوايا الصدور بخبث وتحليل ما بين السطور بسوء نية! إذا ماذا لو كل منا خاطب نفسه قائلا: من الان فصاعدا ان اردت الفلاح في الدنيا والاخرة لابد ان اصل رحمي واتمسك بأقاربي ولن اترك للشيطان طريقا، بل اتسامى وارفع نفسي عن الهفوات والزلات، البعض يتسامح مع القاصي والداني وتجده هينا لينا لطيف المعشر ومع عشيرته وقرابته شديد البأس والمراس، هل يجهل المتخاصمان انه كلما عودنا انفسنا على التغاضي والعفو والاعتذار وكنا نملك الشجاعة على الاعتراف بالخطأ دون الاعتبار لمكان او مكانة من اخطأنا في حقه ومن ثم لا نتردد في تقديم الاعتذار سنجد اننا ساهمنا في خلق ارضية خصبة صالحة لزراعة الود والوئام. وكما ذكرت في بداية المقال إن هناك مقابر في قلوبنا، ايضا هناك في القلب حدائق غناء، يا بخت من احسن استغلالهما، فرمى في المقبرة الحقد والحسد والضغينة والكراهية، بينما جعل اقاربه واصدقاءه وكل من تعامل معهم من كل جنس ولون في حدائق قلبه الغناء، نداء أخير للمتخاصمين، عودوا إلى قبور قلوبكم واستعيدوا من دفنتم فيها من أحبابكم الى حياتكم قبل أن يصرخ ضميرك عند القبر وأنت تنتحب على فراق من تحب ساعتها نقول لك «وش يفيد البكاء وش يفيد النحيب!»

مشاركة :