كان معظم جمهور كرة القدم غير سعيد بتغيير توقيت بطولة كأس العالم 2022 لتقام في فصل الشتاء، لكن ربما كان تأخير انطلاق المونديال لهذه الأشهر الخمسة مفيداً للغاية، وخاصة بالنسبة لقارة آسيا، التي تم تأجيل التصفيات المؤهلة لنهائيات كأس العالم بها بسبب تفشي فيروس كورونا. وقال أحد أعضاء الاتحاد الكوري الجنوبي لكرة القدم: «أنا أذهب إلى مكتبي، لكني لا أفعل أي شيء، حيث لا توجد مباريات ولا بطولات، ولا اجتماعات كثيرة. ولا يمكننا سوى الانتظار».وجمّدت المخاوف من تفشي فيروس كورونا المستجد كرة القدم في معظم البطولات بالعالم، وبعد إرجاء المنافسات الآسيوية جاء الدور على البطولات الأوروبية الخمس الكبرى التي لها انتشار واسع بين الجماهير في العالم وتعتبر الملاذ الأكبر للمتابعين للمتعة.ومع إعلان الاتحاد الأوروبي إرجاء مباريات مسابقتي دوري الأبطال و«يوروبا ليغ»، وتعليق البطولات في إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا ستكون جماهير الكرة أيضاً في عطلة وحصار تحت وطأة الفيروس اللعين.وبدأ فيروس كورونا يؤثر على كرة القدم الآسيوية في يناير (كانون الثاني) الماضي، عندما أعرب نادي بوريرام يونايتد التايلاندي عن عدم ارتياحه بشأن احتمال مواجهة نادي شنغهاي سيبغ الصيني، الذي يلعب له كل من هالك وأوسكار وماركو أرناؤتفيتش، في شنغهاي. ولا يعود السبب وراء ذلك القلق إلى أن مباريات التصفيات المؤهلة لدوري أبطال آسيا باتت تُلعب من مباراة واحدة خارج الديار، ولكن بسبب القلق من فيروس كورونا الذي انتشر في جميع أنحاء الصين. وتساءل نادي بوريرام عما إذا كان يجب تأجيل المباراة، لكن قيل له إن المباراة ستلعب من دون جمهور. ومنذ ذلك الحين، وكرة القدم الآسيوية تحاول التغلب على تداعيات تفشي الفيروس.وفي 22 يناير (كانون الثاني) الماضي، نقل الاتحاد الآسيوي لكرة القدم مباريات المجموعة الثانية من تصفيات السيدات للألعاب الأولمبية من مدينة ووهان، التي ظهر بها الفيروس للمرة الأولى، إلى مدينة نانجينغ الشرقية. لكن ذلك الأمر لم يُجدِ نفعاً، وبالتالي تم نقل المباريات بعد ذلك إلى أستراليا، لكن تم عزل الفريق الصيني الزائر في الحجر الصحي في أحد الفنادق وكان يمارس التدريبات في ممرات الفندق! ورغم كل هذه القيود، قدم الفريق الصيني أداءً جيداً، وتأهل لخوض المباراة التالية في التصفيات أمام منتخب كوريا الجنوبية. وتم تأجيل تلك المباراة إلى أبريل (نيسان)، لكن الصينيين لم تكن لديهم الرغبة في الذهاب إلى كوريا الجنوبية، قبل أن يتم تأجيل المباراة مرة أخرى لشهر يونيو (حزيران) المقبل.ويجب الإشارة إلى أن كل إجراء جديد تم اتخاذه قد تبعه إجراء أكثر صرامة. ومن حيث المسابقات الدولية، تم تأجيل كل شيء تقريباً. وينطبق نفس الأمر أيضاً على عدد متزايد من الدوريات المحلية. وعلى عكس الحال في أوروبا، فقد بدأ الموسم الكروي للتو في العديد من البلدان الآسيوية، لذا ما زال هناك متسع من الوقت، لكن بافتراض أن الوضع سوف يهدأ في مرحلة ما خلال الشهر أو الشهرين المقبلين، ستكون هناك بعض المشاكل الكبيرة التي تتعلق بتحديد مواعيد المباريات، هذا على افتراض أفضل سيناريو ممكن أن يحدث.وكان الدوري الصيني الممتاز هو أول مسابقة آسيوية تقوم بتأجيل انطلاق الموسم الجديد، والذي كان مقرراً له يوم 22 فبراير (شباط). وفي ذلك الوقت، لم تكن العديد من الفرق موجودة في البلد من الأساس، حيث كان نادي شيجياتشوانغ إيفربرايت، على سبيل المثال، يخوض معسكر الإعداد للموسم الجديد في أبوظبي في يناير (كانون الثاني). وكان من المفترض أن يستمر المعسكر لمدة أسبوعين، لكن هذين الأسبوعين أصبحا سبعة أسابيع، نظراً لأن العودة إلى الوطن في وقت مبكر كان من الممكن أن تجعل اللاعبين والموظفين محاصرين في ناديهم.ومن المؤكد أن محاولة الحفاظ على تحفيز وتركيز اللاعبين كانت تشكل تحدياً هائلاً للمدير الفني للفريق، أفشين غوتبي. وما زاد الأمر سوءاً هو أنه بعد ستة أسابيع من البقاء في المدينة، تبين أن راكبي الدراجات المشاركين في سباق الإمارات للدرجات الذين كانوا يقيمون في نفس الفندق قد أصيبوا بفيروس كورونا. ولحسن الحظ، ظل لاعبو شيجياتشوانغ في هذا الفندق لمدة يومين فقط قبل الانتقال إلى فندق جديد. وقال غوتبي لصحيفة الغارديان: «لقد كان الوضع صعباً لأننا لم نتمكن من مغادرة الفندق. لقد كانت هناك صالة ألعاب رياضية بالتأكيد، لكن كان هناك 300 متسابق من راكبي الدرجات يريدون استخدام هذه الصالة أيضاً. لقد أجرينا الكثير من المناقشات وأخبرنا السلطات بأن لاعبينا يتلقون رعاية جيدة وتتم مراقبتهم عن كثب من قبل موظفينا. أنا فخور للغاية بكيفية تعامل اللاعبين مع هذا الأمر. والآن، نحن ننتظر أن نسمع متى سيبدأ الموسم». لكن من غير المرجح أن يسمعوا أي شيء عن بداية الموسم الجديد قبل شهر مايو (أيار).وأبلغت كوريا الجنوبية المشجعين الذين يذهبون للملاعب لمشاهدة مباريات دوري أبطال آسيا (بدأت المنافسة القارية، لكن تم تأجيل العديد من اللقاءات بعد ذلك) بضرورة ارتداء الأقنعة، وقياس درجات الحرارة وتقديم استبيان طبي قبل دخول الملاعب، لكن فجأة حدث ارتفاع مفاجئ في حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتم تأجيل الدوري الكوري.وانطلق الدوري الياباني الممتاز وأقيمت بالفعل أول جولة، وطلب نادي فيسيل كوبي من المشجعين ألا يغنوا أو يهتفوا أو يتحركوا كثيراً - رغم السماح لهم بالتصفيق - قبل أن يقرر الاتحاد الياباني لكرة القدم وقف المسابقة لمدة ثلاثة أسابيع. ومن المؤكد أن المباريات لن تستأنف قبل نهاية شهر مارس (آذار) كما كان مخططاً لها. ويتم التفكير الآن في دورة الألعاب الأولمبية 2020. التي كان من المقرر أن تبدأ في طوكيو في أواخر يوليو (تموز) المقبل. وبالنسبة للاعبي كوريا الجنوبية، فإن احتمال عدم القدرة على المنافسة في تلك المسابقة يعد كابوساً كبيراً، نظراً لأن الحصول على ميدالية يعني الإعفاء من الخدمة العسكرية في كوريا الجنوبية!.وتم تأجيل التصفيات الآسيوية المؤهلة لنهائيات كأس العالم، والتي كان من المقرر إقامتها في مارس (آذار) ويونيو (حزيران)، لتقام في سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول). وكان المنتخب الصيني يعاني في المرحلة الثانية من التصفيات، التي يتأهل منها صاحب المركز الأول فقط بصورة تلقائية للجولة التالية من التصفيات، ثم يتأهل أربعة من أفضل ثمانية منتخبات تحتل المركز الثاني، وهو الهدف الذي تسعى الصين لتحقيقه الآن.وفي وقت لاحق من العام الجاري، سيكون صانع الألعاب البرازيلي ريكاردو غولارت، الذي يعد أحد أفضل اللاعبين الأجانب في الدوري الصيني الممتاز في السنوات الأخيرة، مؤهلاً للعب مع المنتخب الصيني. وبعدما حصل المنتخب الصيني على نقطة واحدة من المباراتين اللتين خاضهما ضد الفلبين وسوريا، تم إقالة المدير الفني الإيطالي مارسيلو ليبي من منصبه كمدير فني للصين في نوفمبر (تشرين الثاني)، وبالتالي فإن تأجيل التصفيات يعني المزيد من الوقت للمدير الفني الجديد، لي تي، الذي سبق وأن عمل مع كل من إيفرتون وشيفيلد يونايتد. لكن في الوقت الحالي، لا يوجد شيء يمكن القيام به سوى الانتظار لمعرفة ما سيحدث خلال الفترة المقبلة.
مشاركة :