في ظل منع الحكومات التجمعات والتنقل والسفر، يبقى التواصل التكنولوجي هو أمل الأفراد، في ضوء انتشار فيروس كورونا حول العالم، غير أنه عادة ما تتهم التكنولوجيا بالإساءة إلى التآخي والتواصل المباشر، إلا أنها قد تتمكن من تلميع صورتها بفضل أزمة فيروس كورونا والحجر الصحي، لما توفره من نشاطات و«اجتماعات» عن بعد.وفي هذا الإطار، قالت الهيئة المعنية بتنظيم الاتصالات في الولايات المتحدة، إن شركات كبرى لتقديم خدمات الإنترنت، تشمل «كومكاست كورب» و«إيه تي آند تي» و«فريزون كوميونيكيشنز»، وافقت على عدم قطع الخدمة عن المشتركين على مدى الـ60 يوماً المقبلة، حتى إذا لم يتمكنوا من دفع فواتيرهم بسبب العراقيل التي أحدثها فيروس كورونا.وقال أجيت باي رئيس لجنة الاتصالات الاتحادية، إن اللجنة بعد التواصل مع أكثر من 50 شركة أعلنت موافقة تلك الشركات أيضاً على إعفاء المنازل والشركات الصغيرة من الرسوم المتأخرة، بسبب الظروف الاقتصادية المرتبطة بتفشي وباء كورونا. كما وافقت تلك الشركات أيضاً على إتاحة نقاط لخدمة الإنترنت اللاسلكية (واي فاي هوتسبوت) لمن يحتاجها.ومن المتوقع أن يعمل ويدرس ملايين الأميركيين من المنزل، إذ تحث الولايات والشركات، المواطنين، على البقاء بعيداً عن أماكن العمل والمدارس لتقليل احتمالات انتشار فيروس كورونا.وقال باي، في بيان، أمس، «مع تفشي فيروس كورونا، وانتشاره، وتسببه في سلسلة أعطال للاقتصاد والتعليم والرعاية الطبية والحياة المدنية في بلادنا، من الضروري أن يبقى الأميركيون على تواصل... خدمات الإنترنت واسعة النطاق ستسمح لهم بالتواصل مع ذويهم وأطبائهم، والعمل عن بعد، وضمان قدرة أبنائهم على التفاعل في عمليات التعليم عن بعد».وعبرت شركات الإنترنت عن ثقتها في قدرة الشبكات الأميركية على تحمل القفزة المتوقعة في استخدام الخدمة.وفي هذا الإطار، قال الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أول من أمس، إن حوالي 1700 مهندس من شركة التكنولوجيا الأميركية «غوغل» يشاركون في تطوير موقع إنترنت، للمساهمة في اختبارات الكشف عن فيروس كورونا، الذي ينتشر في الولايات المتحدة بوتيرة متسارعة حالياً.وأعلن الرئيس الأميركي، خلال المؤتمر الصحفي، حالة الطوارئ الوطنية في البلاد، لمواجهة فيروس كورونا، موضحاً أنه اتخذ إجراءات جديدة لمواجهة الفيروس.وبفضل التطورات التكنولوجية، باتت إجراءات العزل، لا سيما في المدن الكبيرة والأسر الميسورة، أمراً سهلاً ومريحاً مع إمكانية العمل من المنزل، والحصول على التشخيص الطبي عن بعد، وممارسة الرياضة عبر التطبيقات أو الأجهزة الموصولة، ووسائل الترفيه بالبث التدفقي. ويقول باتريك مورهيد المحلل لدى «مور إنسايتس آند ستراتيجي»، وفق وكالة الأنباء الفرنسية، «للمفارقة أصبحت الكثير من التكنولوجيات التي تتعرض عادة للانتقاد الشديد، ملجأ نشعر فيه بالأمان في زمن فيروس كورونا المستجد».وفي حين تسجل الأسواق المالية تراجعاً كبيراً، «ارتفع سعر سهم شركة (زوم)، بنسبة 40 في المائة في فبراير (شباط)، بفضل الطلب الكبير على تكنولوجيا العمل عن بعد» على ما يشير موريس جرارد المحلل لدى «فيوتشرسورس»، مضيفاً أن الشركة المتخصصة بالاجتماعات عبر الفيديو شهدت ارتفاعاً غير مسبوق في عدد المستخدمين في فترة زمنية قصيرة.عند الساحل الغربي للولايات المتحدة، أوصت عدة مجموعات كبيرة من أمثال «أمازون» و«مايكروسوفت» و«غوغل»، موظفيها بالعمل من المنزل، لا سيما في منطقة سياتل مركز انتشار الفيروس في الولايات المتحدة.وفي هذا الإطار، تظهر أهمية وسائل التواصل المخصصة لموظفي الشركات مثل «سلاك» و«ووركبلايس» (فيسبوك). وكانت الشركات، الناشئة خصوصاً، تلجأ إلى العمل من المنزل في بداياتها للاقتصاد في كلفة الإيجارات والتجهيزات.وبفضل خطوط الإنترنت القوية، أزيلت العقبات التقنية التي كانت تشوب عقد اجتماعات عبر الفيديو تضم 10 أو 20 شخصاً.في سان فرانسيسكو، أبلغت بعض المدارس، ذوي التلاميذ، بأنها قد توفر بعض الحصص الدراسية عن بعد، في حال اضطرت إلى إغلاق أبوابها. وأعلنت جامعة «ستانفورد» أن دروسها لبقية فصل الشتاء ستتم عبر الإنترنت من الآن فصاعداً.وتريد شركات الواقع الافتراضي الذهاب أبعد من ذلك، فيما تُلغى المعارض المهنية، أو تستبدل بمؤتمرات رقمية. فقد أعلنت شركة «إتش تي سي» التايوانية، الجمعة قبل الماضي، أن المشاركين في مؤتمرها حول ماركتها للواقع الافتراضي «فايف» سيتمكنون من المشاركة فيه بفضل خوذات من خلال الانغماس الافتراضي.إلا أن تقنية الواقع الافتراضي المكلفة لن تغزو كل المنازل، لكن الموظفين والمستهلكين سيكونون على تماسٍ أكبر مع هذه التكنولوجيات الناشئة.
مشاركة :