ذرفت الدموع، وانفطرت قلوب المواطنين والمقيمين وهم يسمعون المؤذنين يرددون مع أذان عصر يوم الجمعة «صلّوا في بيوتكم» تنفيذا لقرار وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بإغلاق جميع المساجد في البلاد حتى إشعار آخر، على أن تقام فيها شعيرة الأذان فقط ويؤدي المواطنون والمقيميون الصلاة في منازلهم أو أماكنهم.وقد شهدت تلك العبارة التي رددها المؤذنون، تفاعلاً كبيراً، ونقلتها مواقع التواصل بتأثر شديد، ليس فقط على النطاق المحلي، بل على مستوى العالم الإسلامي، عندما نقل مقطع مصور لمؤذن يردد العبارة، ثم تخنقه العبرة ويبكي فيكمل الأذان بصعوبة، وهي حادثة لم تشهدها الكويت من قبل.فعلى غير عادته التي دأب عليها منذ 65 عاما، أغلق مسجد عبدالله بن عمر الكائن في محافظة الجهراء أبوابه، معتذرا عن استقبال المصلين، كإجراء احترازي لمواجهة تداعيات فيروس كورونا الذي بدأ ينتشر ويتمدد.مسجد الطين الذي شيد بواسطة دائرة الأوقاف العامة العام 1955، والذي تعتز به محافظة الجهراء كونه معلماً من معالم الكويت القديمة، اكتفى برفع أذان المغرب التزاماً بتعليمات وزارة الأوقاف، فيما وقف رواده على أبوابه والحزن يمسح وجوههم، مبتهلين إلى الله سبحانه أن تنجلي هذه الأزمة عن الكويت والإنسانية جمعاء. وعلى محيط المسجد وقف بعض الباعة وأصحاب الأسواق الشعبية والعمال، في حالة من الكساد والركود بعد هجرة جماعية للزبائن، بدت آثارها واضحة على وجوههم رغم الكمامات التي غطت نصفها.فنكي غلام بائع في سوق شعبي قال لـ«الراي» إن «خسائرنا تتضاعف بشكل يومي بعد انصراف الزبائن بشكل مفاجئ، حيث نفتح محلاتنا يومياً منذ التاسعة والنصف صباحاً حتى العاشرة مساء، وطوال هذه الساعات نجلس وحيدين نتطلع إلى بعضنا البعض، فالناس خائفة والأسواق أصبحت شبه مهجورة في ظل انتشار هذا الفيروس». وأضاف فنكي «أن استمرار الأزمة الصحية سوف يخرب بيوتنا ويجعلنا في مأزق حقيقي في كيفية توفير التزاماتنا، وأهمها الإيجار الشهري لمالك السوق» راجياً صدور قرارات أو مبادرات تراعي أصحاب المحلات وجميع المهن المتضررة من هذا الوضع إلى حين انتهاء الأزمة على خير.وبيّن البائع أحمد شهاب أن «السوق يلفظ أنفاسه في ظل الوضع الصحي السائد والإيرادات اليومية لا تذكر مقارنة بالأيام السابقة، وهي تمثل حالة خاصة لم يسبق لها أن حدثت تحت أي الظروف، وحتى أثناء التوترات السياسية والحروب التي دارت في منطقة الخليج خلال العام 2003، ونرجو مراعاة ذلك وتفهم أوضاعنا وتقديم مبادرات من ملاك المولات، حيث سبق أن قام مالك أحد المجمعات التجارية بمنحنا شهرين مجاناً عام 2003».وفي استطلاع سريع أجرته «الراي» مع الحلاقين وأصحاب المقاهي وبعض المهن الأخرى لم يكن حالهم بأفضل من أقرانهم، إذ إن الجميع يشكو حالة الركود التي ضربت أطنابها في السوق وجعلت المحلات أشبه بالغابة المهجورة، ولا سيما وقت المساء حيث أصبح كثير منهم يفضل الإغلاق مبكراً والانصراف للبيت بدلاً من الجلوس وحيداً بلا عمل أو زبائن.وكانت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، قد عممت بعد صلاة الجمعة أول من أمس، بياناً بوقف الصلوات الخمس في المساجد، والاكتفاء برفع الأذان، وقال وكيل الوزارة فريد عمادي، في تصريح صحافي، إن الوزارة ملتزمة بنص الفتوى الصادرة عن هيئة الفتوى الكويتية بسقوط حضور المسلمين صلاة الجمعة في المساجد وتأدية الصلاة في المنازل، لوجود وباء «أي انتشار فيروس كورونا المستجد كوفيد 19» والخشية من انتشاره أكثر في البلاد وحماية للناس، تماشيا مع الإجراءات الاحترازية والتدابير المتخذة بهذا الشأن وبناء على قرار الجهات المختصة حفاظاً على السلامة العامة. ودعا الجميع إلى تغليب المصلحة العامة، سائلا الله عز وجل أن يزيح هذا الداء عن البلاد.يذكر أن نص فتوى هيئة الإفتاء رقم 17 /2020 قال إنه إذا انتشر مرض معد بين الناس في بلد معين، وأصبح تجمعهم في المساجد للصلاة سببا للعدوى بهذا المرض، بناء على تقرير السلطات المختصة، سقط عن المسلمين لذلك حضور صلاة الجماعة في المساجد، كما سقط عنهم حضور صلاة الجمعة، فيها أيضا وعليهم صلاة الظهر بدلا من الجمعة ويمنعون من دخول المساجد لحمايتهم من انتقال العدوى من غيرهم إليهم أو منهم لغيرهم ويشرع ذلك في زمن الأوبئة والأمراض المعدية من باب أولى.
مشاركة :