أوروبا تترنح على حافة الركود

  • 3/15/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

شاع عن المسؤولين في أوروبا التردد في اتخاذ القرارات، ما يبعث على الخوف من فشلهم في الاستجابة للأضرار الاقتصادية التي تنجم عن انتشار وباء كورونا. وفي الحقيقة، لم تخل القارة بالفعل من المشاكل الاقتصادية، حيث حذر الخبراء قبل أن يتسبب الفيروس في إغلاق المراكز الصناعية في إيطاليا وحظر التجمعات في فرنسا وإلغاء المؤتمرات التجارية في ألمانيا وإسبانيا، من ركود اقتصادي محتمل في كل أرجاء أوروبا، وفقاً لصحيفة «ذا نيويورك تايمز». وربما أحكم الركود قبضته بالفعل على أوروبا حاليا، ازدادات مخاوف أن يسلك الاقتصاد العالمي الطريق نفسه. وأكد أنجيل تالافيرا، مدير اقتصاديات أوروبا في «أكسفورد إيكونوميكس»، أنه يصعب للغاية تفادي الركود في النصف الأول من العام، حيث يتوقع أن يغير كورونا خارطة الاقتصاد في أوروبا، في ظل صعوبة الإجابة عن طول فترة بقائه ومدى تأثيره. وقياساً على الأزمات السابقة التي واجهتها أوروبا، والتصدي للأزمة السابقة عبر خفض أسعار الفائدة مثلاً، تفقد طرق العلاج هذه فعاليتها مع كورونا. فقد عطلت عمليات الحجر الصحي التي اتخذتها إيطاليا، عجلة الإنتاج في المصانع التي تعول عليها بعض دول القارة في توفير قطع الغيار لقطاع المركبات، ما يشكل مخاطر كبيرة على الاقتصاد الأوروبي. وليس في مقدور هذه المصانع العودة للعمل فور خفض البنك المركزي الأوروبي لتكاليف الاقتراض، الشيء الذي يمكن حدوثه فقط عند تلاشي المخاوف التي تهدد الصحة العامة. وأفضل الطرق لتخفيف الضرر على الاقتصاد، من خلال السياسة المالية وضخ الأموال الحكومية لمساعدة الأعمال الصغيرة التي تعاني من الخسائر الناتجة عن تراجع المبيعات، بجانب مساعدة العمال الذين لم يعد لديهم مقدرة العودة لمزاولة أعمالهم. كما يمكن للحكومات، دعم الإنفاق في الوقت الذي يتفادى فيه الناس ارتياد الأماكن العامة من مطاعم ودور ترفيه ومراكز تجارية وغيرها، خوفاً من نشر الفيروس. وعندما قررت الحكومة الإيطالية، حجر نحو 16 مليوناً من مواطنيها، ناشد كبار القادة الأوروبيين، بضرورة زيادة نسبة الإنفاق الحكومي الموجه. وأعلن رئيس وزراء إيطاليا، طرح برنامج ضخم للعلاج بالصدمة، في حين وعد وزير المالية الفرنسي، بضخ محفزات مالية كبيرة تتناسب والوضع الراهن في البلاد. وحصلت إيطاليا، في الأسبوع الماضي، على موافقة الاتحاد الأوروبي لطرح حزمة قدرها 7,5 مليار يورو (8,6 مليار دولار)، من تدابير الإنفاق لمساعدة المتأثرين من كورونا. لكن وبينما بدأ الفيروس في تسجيل المزيد من الحالات في ألمانيا وفرنسا، يبدو أن السلطات الأوروبية ما زالت بعيدة في التصدي للأزمة مجتمعة. وبينما يتطلع الجميع لاحتواء الفيروس وعودة الحياة لمجاريها الطبيعية، ترسم أحداث الأيام القليلة الماضية، صورة مغايرة. وباتت إيطاليا وبقية الدول الأوروبية، مهددة بمزيد من تعطيل سلاسل توريد المنتجات الصناعية وتعثر قطاع السياحة، في ظل امتناع الناس عن السفر وارتياد المطاعم ومراكز التسوق وأماكن الترفيه وغيرها. ويتمخض عن كل ذلك، تراكم خسائر اقتصادية جمة وليس فقط تحول الإنفاق من حقل إلى آخر. هذه قضية لا تتعلق بأمور غامضة مثل التصنيف الائتماني أو المشتقات، بل تنصب في حياة الناس أو موتهم، الحقيقة الرئيسة التي تحدد عمق ومدى الضرر الاقتصادي وردة فعل المسؤولين الأوروبيين تجاهها.

مشاركة :