معركة إدلب... لم تنتهِ بعد

  • 3/15/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

من المقرَّر فتْح طريق سراقب - اللاذقية المعروف تحت اسم الـM4، اليوم، بحسب البروتوكول الموقّع في موسكو بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان، بعد معركة سراقب الأخيرة، بدوريات مشتركة، وذلك نتيجة لاجتماعات الأيام الثلاثة في أنقرة بين مسؤولي الجيشين الروسي والتركي. وفيما رفضت جماعات جهادية الالتزام بالاتفاق، وأعلنت أنها ستقصف الطريق وستخطف مَن يسير عليه، فإن المرحلة المقبلة تعتمد على مدى جدية الجيش التركي بالحسم وفرْض الالتزام بوقف النار وسرعة الرد الروسي في حال تم انتهاك الاتفاق.وقد تم تحرير طريق حلب - دمشق المعروفة باسم الـM5 بالقوة وسُمح للمدنيين باستخدامها. إلا أن الجيش السوري وحلفاءه لا يزالون يستخدمون طريق حلب - أثريا - خناصر، الأكثر أمناً. وفي وقتٍ فرضت معركة سراقب اتفاق موسكو وأعادت الحياة لاتفاق أستانة الذي تجاهلته تركيا منذ منتصف 2018، أعلنت أنصار الإسلام، أنصار الدين، أنصار التوحيد والجهاد، حراس الدين (تنظيم القاعدة في بلاد الشام)، مجموعة أبو عمارة ولواء المهاجرين، أنها قررت مهاجمة الدوريات المشتركة، في حين انقسم المعسكر الشمالي (السوري) إلى معسكريْن: معسكر تحت سيطرة تركيا يعترف باتفاق موسكو وآخَر مُعارِض له.وقد أصدرت «حراس الدين» تسجيلاً صوتياً لأميرها أبو همام السوري (سمير حجازي) - الذي قاتل في الشيشان وأفغانستان والعراق وسورية - وهو يحرّض الجهاديين على «الإصرار» على مواقعهم وعدم الانسحاب ورفْض تسليم الـM4.أما أبو محمد الجولاني، قائد «هيئة تحرير الشام»، فشكر الحكومة التركية على دعمه في المعركة الأخيرة. إلا أنه كان غامضاً بشأن نياته المقبلة، اذ خلص إلى تنبيه جماعته بأن «لغة السلاح هي التي ستسود» ما يشير إلى رغبته بمواصلة القتال.وفعلاً، فإن الـM4 يقع تحت سيطرة الجهاديين الأجانب، اذ يسيطرون على النيرب وأريحا وجسر الشغور وبداما، ويرفضون الانسحاب منها. ولدى أنقرة مهمة لا يستهان بها لتذكّرهم بأن قوتهم والدعم العسكري يأتي عن طريقها، وبالتالي فإن خياراتهم تصبح ضعيفة.ويقول مصدر روسي، إن الجانب التركي لمس جديةَ موسكو بفرض اتفاق أستانة وفتْح الطريق ولو بالقوة. وقد أدركت أنقرة أن موسكو فتحتْ M5 بالقوة مع حلفائها، وبالتالي فإن من مصلحة أنقرة فتْح M4 للاحتفاظ بمدينة إدلب التي لا ينوي أردوغان إعادتها.وتقول مصادر قريبة من الرئيس بشار الأسد إن «المشكلة ليست مع تركيا بل مع شخص أردوغان، وما دام في السلطة فإن الأزمة ستستمرّ. فأردوغان يريد تقسيم سورية والاحتفاظ بإدلب لإنها الخط الأساسي الدفاعي عن وجود تركيا في عفرين الكردية والشمال السوري بأكمله».من ناحية أخرى، فإن روسيا وإيران لا تريدان بدء حرب مع تركيا أو تكرار سيناريو معركة سراقب. إذ ان هذه المعركة انتهت بالسيطرة على M5 وبالأخص تقاطع الـM5 والـM4 (سراقب). وقد خسرت تركيا 59 عسكرياً. وكان الجيش التركي وسع دائرة القصف ضد الجيش السوري وحلفائه بعدما قصفت روسيا قافلةً قُتل بداخلها 33 جندياً تركياً ودمّر حلفاء سورية حاملةَ جندٍ قُتل بداخلها كل الجنود الأتراك بواسطة صاروخ مسير (كورنيت) لمنْع تركيا والجهاديين من خرق خط الدفاع في معركة الطلحية ومنها باتجاه جنوب حلب ولكنها فشلت.وكان الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، أمر بإرسال دعم كبير من قوة «الرضوان» قبل 24 ساعة (من تلك المعركة) على هذه الجبهة بالذات رغم رأي القادة العسكريين المُغايِر. إلا أن إبقاء القوة الخاصة منع المنطقة بأكملها من السقوط. وأرسلت إيران وحلفاءها رسالة قاسية لتركيا تفيد بأن دخول المعركة غير وارد، إلا أنها لن تستطيع منْع تدحرج الأمور نحو الأسوأ إذا استمر القصف التركي. وأدركت أنقرة أن المعركة مع حلفاء سورية غير مُجْدية، وبالتالي أوقفت ضرباتها.وترى دمشق أن أردوغان لن يتخلى عن الجهاديين لأنه يستطيع استخدامهم في ساحات القتال في سورية وليبيا والعراق وليأخذ مكاناً له في المفاوضات لتعديل الدستور.ويمثّل وجود أميركا المحتل للشمال السوري مشكلةً لروسيا وحلفائها لأن هدفها - كما قال السفير لدى تركيا ديفيد ساترفيلد - «جعْل من الصعب جداً أن تنتصر روسيا وسورية وحْظر أي مساعدة للإعمار وعودة البلاد إلى ما كانت عليه قبل 2011».واقترح أردوغان على بوتين السيطرة على نفط شمال سورية بعد موافقة الرئيس دونالد ترامب. وبالتالي فإن الوجود التركي أصبح المشكلة الأولى لدى دمشق. وبالإضافة إلى ذلك، فإن أردوغان يستطيع التسلح بوجود ملايين من المهجرين أو أن السوريين هم الذين يطلبون منه البقاء في سورية.ستعتمد دمشق على رفْض الجهاديين لاتفاق سوتشي - موسكو لعودة العملية العسكرية وضرْب باب إدلب خصوصاً إذا خرق الجهاديون وقف إطلاق النار مراراً. فقد سُجّل لغاية اليوم أكثر من 30 خرقاً، إلا أن ضربات الجهاديين الأكثر جدية ستدفع عجلة الحسم العسكري إلى الواجهة مجدداً عندما تُستنفذ الخيارات كلها. وفي هذه الحالة، لن تكون تركيا قادرة على حماية الجهاديين.... من الواضح، كيفما اتجهت الأمور، أن معركة إدلب لم تنتهِ بعد وهي فقط مؤجَّلة.

مشاركة :