كشفت لنا أزمة انتشار فيروس كورونا في دول العالم ووصوله إلينا عن الكثير من الحقائق أهمها بروز الروح الوطنية والانتماء والتلاحم بين أفراد المجتمع البحريني وأجهزة الدولة والوقوف جنبًا إلى جنب أثناء حالات الطوارئ والأزمات والكوارث لكن ذلك لا يكفي خاصة أن إدارة الأزمات أصبحت علما يدرس في المعاهد والجامعات ويسمى بعلم إدارة الأزمات والكوارث, ولذا نحن بحاجة الى إنشاء «هيئة وطنية لإدارة الأزمات والكوارث» لوضع خطط طوارئ جاهزة ومستدامة من قبل أخصائيين معتمدين في هذا المجال, تعتمد على المبادأة والابتكار لمواجهة مثل هذه الكوارث والأزمات الإنسانية والطبيعية حيث الحروب والسيول الجارفة والتغيرات المناخية مثل الاحتباس الحراري والأمراض الوبائية, وذلك لتأمين السلامة وكفالة الطمأنينة والاستقرار والأمن للمواطنين والعمل على استمرارية دورة العمل في المؤسسات الحكومية ومؤسسات التعليم خاصة التعليم العالي الذي يمد سوق العمل بالموارد البشرية, وتضمن لنا خطط الطوارئ كذلك التنبؤ الوقائي كمتطلب أساسي في عملية إدارة الأزمات لتفادي حدوث الأزمة مبكرًا وعدم وصول الأزمات الخارجية إلينا مثل الأزمة الحالية. إننا في مملكة البحرين مررنا بأزمات عديدة ولدينا خبرة عالية الجودة في التعامل مع الأزمات فاستطعنا التغلب على تداعيات الحرب الإيرانية العراقية علينا وبعدها حرب تحرير الكويت وما حدث بعدها من حرب الخليج الثالثة وأزمات سياسية مثل ما حدث في الرابع عشر من فبراير 2011 وتداعياتها التي كادت أن تنزلق بالوطن إلى وضع غير محمود العواقب إلا أن دورة الحياة استمرت في العمل من دون توقف برعاية الله ثم القيادة الحكيمة والوحدة الوطنية التي هي صمام الأمان في مواجهة تلك المؤامرة, لذا استمرت الدراسة في المدارس والخدمات الصحية وغيرها في ذلك الوقت, ونحن نؤكد أهمية وجود هيئة وطنية لإدارة الكوارث والأزمات تعمل مدار العام وفق المنهجية العلمية بإدارة اختصاصيين لديهم الحرفية في إدارة الأزمات ومستقلة وتكون تابعة مباشرة للجنة التنسيقية العليا التي يرأسها صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن حمد آل خليفة حفظه الله. بناءً على ما سبق نتساءل ما الذي يمنعنا من إيجاد حلول ابتكارية واستباقية لأزمات وكوارث إنسانية أو طبيعية أخرى قد تحدث في المستقبل لا سمح الله وخاصة في قطاعي الصحة والتعليم وذلك بسبب أن هاذين المجالين هما من المجالات التي تؤثر على شريحة واسعة في المجتمع وهما الطلبة والمرضى من المسنين والأطفال وذوي الأمراض المزمنة, وأنا هنا لا أحلم وإن كان الحلم هو نوع من القدرة الخيالية التي وهبها الله للإنسان بدليل أن معظم الحلول الابتكارية لمشكلات الإنسان بدأت بأفكار خيالية حيث الخيال هو قدرة عقلية تمهد للأفكار الإبداعية, وأليست الوسائل التكنولوجية المتطورة قادرة على إيجاد حل لمثل هذه المشكلات بعقلية جديدة وخاصة في القطاعات الخدماتية وأهمها قطاعا التعليم والصحة. ولتحقيق كل ذلك وجب على القطاع الخاص مثل البنوك والشركات وكذلك الصيدليات المساهمة في مواجهة هذه الأزمات بحكم مبدأ الشراكة المجتمعية خاصة أن بعض الشركات لديها الخبرة في مواجهة الأزمات, لذا لا يجب أن تبخل بالمساهمة في الجهود المبذولة سواء بالمال أو الخبرة. لو افترضنا أن خطر هذا الفيروس مكث مدة طويلة ما الحل؟ هناك حلول وجب أن نأخذ بها خاصة ونحن في عصر التقنية الذي وفر لنا كثيرا من الوسائل والأجهزة التكنولوجية التي يمكن أن تساعدنا في ذلك. وبالفعل بدأت بعض الجامعات الأمريكية مثل جامعة ستانفورد في ولاية لوس أنجلوس بإبلاغ طلابها بأنها «ستبدأ من يوم التاسع من الشهر الحالي بتوفير المقررات الدراسية عبر الإنترنيت لبقية فصل الشتاء وذلك بسبب انتشار فيروس كورونا المستجد» وأضافت هذه الجامعة العريقة الواقعة في شمال كاليفورينا انها تتوقع «أن يستمر عدد الإصابات المثبتة بمرض كورونا 19 بالارتفاع في منطقتنا وفي أوساط جامعاتنا», وأكدت أن مجموعة كبيرة من النشاطات في الجامعة التي تضم 16500 طالب ستلغى أو تتوقف. وفي السياق نفسه أعلنت جامعتان في ولاية واشنطن أنهما ستعتمدان على الإنترنيت في الدراسة عن بعد للسبب ذاته. لذا لم لا تتم مواصلة الدراسة لدينا في الجامعات وخاصة جامعة البحرين الوطنية بطريقة «التعلم الإلكتروني» خاصة أن هناك «مركزا للتعلم الإلكتروني», ولقد نجحت الجامعة إلى حد كبير في هذا النوع من التعلم وإقبال الطلبة عليه وذلك لأنه لا يتطلب وجود المتعلم والأستاذ في نفس المكان مع التدرج به في مدارسنا الحكومية والخاصة.أعتقد أنه جاء الوقت الذي نرتقي فيه بوطننا إلى مصاف الدول المتقدمة حيث عصر التنافسية والتنمية المستدامة وتحقيق ما جاء في رؤية البحرين 2030 من آمال وتطلعات للمستقبل.
مشاركة :