تسابقت البنوك المركزية العالمية إلى استخدام جميع أسلحتها، التي تشمل خفض أسعار الفائدة وخطط التيسير النقدي لتخفيف وطأة تفشي فايروس كورونا على الشركات والأفراد، رغم تشكيك بعض المحللين في قدرتها على تخفيف أضرار شلل الاقتصاد العالمي. لندن - أعلنت المصارف المركزية في جميع أنحاء العالم حالة التعبئة القصوى سعيا لطمأنة الأسواق وحملها على تخطي صدمة الانتشار المتسارع لفايروس كورونا، الذي دفع مزيدا من الدول إلى إغلاق حدودها وفرض العزلة على شعوبها. وخفض الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، الأحد، معدلات فوائده إلى الصفر، مشاركا في تحرك عالمي منسّق للمصارف المركزية بهدف ضمان عدم نفاد السيولة في العالم، في وقت تتكشف عواقب اقتصادية متزايدة للوباء. وكانت المصارف المركزية الكبرى قد اتخذت إجراءات مماثلة بخفض أسعار الفائدة وخطط تيسير مالي واسعة، رغم تشكيك بعض المحللين في قدرتها على تخفيف أضرار شلل الاقتصاد العالمي. وكان بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) قد خفض أسعار الفائدة الرئيسية بنصف نقطة مئوية لتصل إلى ربع نقطة مئوية وأعلن عن إجراءات لتخفيف القيود المالية. وثبت البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة لأنها عند الصفر أصلا، رغم أن الأوساط الاقتصادية كانت تنتظر تخفيضها إلى مستويات سلبية، لكن محللين يحذرون من أن الفوائد السلبية يمكن أن تؤدي إلى انكماش الاقتصاد. وأغدق البنك ضخ السيولة والتسهيلات المالية وشراء الأصول عبر برنامج واسع للتيسير المالي في منطقة اليورو لتخفيف أعباء انتشار الوباء على الشركات والأفراد. وشملت إجراءات خفض أسعار الفائدة والتيسير النقدي جميع دول العالم تقريبا، بعد تحول الفايروس إلى وباء عالمي، وترجيح منظمة الصحة العالمية انتشاره في جميع أنحاءالعالم. وأعلنت المؤسسات المالية العالمية مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي عن استعدادها لتقديم القروض لدعم الدول في مواجهة الوباء. وقال جيروم باول رئيس مجلس الاحتياط الاتحادي، أمس، إن الإجراءات الطارئة التي اتخذها المجلس ستساعد الاقتصاد الأميركي في مواجهة تداعيات انتشار فايروس كورونا وتمكينه من التعافي، لكنه حذر من تراجع أداء الاقتصاد خلال الربع الثاني من العام الحالي. واستبعد باول أن يلجأ البنك المركزي الأميركي إلى خفض الفائدة إلى مستويات سلبية، قائلا إن تأثيرها على الودائع غير مناسب للولايات المتحدة. وأضاف أن “الإجراءات التي أعلنها مجلس الاحتياطي الاتحادي، الأحد، ستساعد العائلات الأميركية والشركات واقتصادنا بالكامل في مواجهة هذه الفترة الصعبة وتسريع وتيرة عودته إلى طبيعته بمجرد انتهاء الاضطرابات المرتبطة بفايروس كورونا”. وقال باول “جهزنا أنفسنا بمجموعة كاملة من الأدوات لدعم تدفق القروض للأسر والشركات”. جيروم باول: استبعاد أسعار الفائدة السلبية بسبب تأثيرها على الودائع جيروم باول: استبعاد أسعار الفائدة السلبية بسبب تأثيرها على الودائع ووصف الخطوات التي اتخذها البنك المركزي بأنها “قوية” وقال إنه على المسؤولين الآخرين اتخاذ خطوات مماثلة بما في ذلك على مستوى السياسة المالية. ويعكس الخفض المفاجئ والكبير لأسعار الفائدة خارج مواعيد اجتماعاته الدورية، حجم القلق من تأثير الوباء على الاقتصاد الأميركي والعالمي، لتصل إلى أدنى مستوياتها منذ الأزمة المالية العالمية في عام 2008. وانعكس قرار خفض أسعار الفائدة الأميركية على دول مجلس التعاون الخليجي، خاصة بسبب عملاتها المرتبطة بالدولار الأميركي. وأعلنت البنوك المركزية في كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين وقطر، الاثنين، عن خفض فوري لأسعار الفائدة للمرة الثانية في أقل من أسبوعين، في أعقاب قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي خفض سعر الفائدة الأساسي، فيما لم يعلن المركزي العماني موقفه حتى الآن. وتسعى البنوك المركزية في دول الخليج من خلال قرار خفض أسعار الفائدة، إلى التحوط من الآثار السلبية لتفشي فايروس كورونا على النشاط الاقتصادي في المدى القريب. وكانت البنوك المركزية الخليجية قد تفاعلت مع القرار السابق لمجلس الاحتياطي الاتحادي الأميركي في 3 مارس الجاري، بخفض أسعار الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية. وأصدرت مؤسسة النقد العربي السعودي (البنك المركزي)، أمس، قرارا بخفض معدل اتفاقيات إعادة الشراء بواقع 75 نقطة أساس من 1.75 في المئة إلى 1 في المئة. وذكر المركزي السعودي أنه تم خفض معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس من 1.25 في المئة إلى 0.50 في المئة، بغرض الحفاظ على الاستقرار النقدي في ظل التطورات العالمية الأخيرة. وفي خطوة مماثلة، قرر مصرف الإمارات المركزي خفض سعر الفائدة على شهادات الإيداع الصادرة من قبله ولفترة استحقاق أسبوع واحد بواقع 75 نقطة أساس، فيما أبقى على سعر الخصم دون تغيير. وأوضح مصرف الإمارات أنه خفض أيضا سعر تسهيلات الإقراض وتسهيلات المرابحة المغطاة بضمان بواقع 50 نقطة أساس، إلى 50 نقطة أساس فوق سعر إعادة الشراء (الريبو) لشهادات الإيداع. وتمثل شهادات الإيداع التي يصدرها المصرف المركزي للبنوك العاملة في الإمارات، أداة السياسة النقدية التي يتم من خلالها نقل آثار تغيير أسعار الفائدة إلى النظام المصرفي. في نفس السياق، قرر بنك الكويت المركزي، خفض سعر الخصم بواقع 1 في المئة من 2.5 في المئة إلى 1.5 في المئة ليصل إلى أدنى مستوى له في تاريخ البلاد. ويمثل سعر الخصم في دولة الكويت الذي يقرره بنكها المركزي، السعر المحوري الذي تتحدد بموجبه ضمن هوامش معينة، الحدود القصوى لأسعار الفائدة على معاملات الاقتراض بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية. كما خفض المركزي الكويتي سعر فائدة الريبو وأسعار جميع أدوات بنك الكويت المركزي للتدخل في السوق النقدي بنسبة 1 في المئة. وقرر مصرف قطر المركزي خفض أسعار الفائدة على الإيداع بمقدار 50 نقطة إلى 1 في المئة، وخفض معدل الإقراض بمقدار 100 نقطة أساس إلى 2.5 في المئة. كما خفض المركزي القطري أسعار عمليات الشراء (الريبو) بمقدار 50 نقطة أساس إلى 1 في المئة. وأعلن مصرف البحرين المركزي عن خفض سعر الفائدة الأساسي على ودائع الأسبوع الواحد بواقع 75 نقطة أساس، من 1.75 في المئة إلى 1 في المئة. وذكر البنك في بيان أنه تم خفض سعر الفائدة على ودائع الليلة الواحدة من 1.5 في المئة إلى 0.75 في المئة، وسعر الفائدة على ودائع الشهر الواحد إلى 1.45 في المئة من 2.20 في المئة. كما خفض سعر الفائدة الذي يفرضه المركزي البحريني على مصارف قطاع التجزئة مقابل التسهيلات من 2.45 في المئة إلى 1.70 في المئة. ويخشى محللون ألا تستفيد معظم الشركات المتضررة من تداعيات انتشار الفايروس، من إجراءات المصارف المركزية رغم اتساعها وأهميتها، بسبب شلل الطلب على الكثير من القطاعات وخاصة الخدمات.
مشاركة :