رفعت النساء أي موانع شرعية وقانونية وحتى دستورية من أمام توليهن مهمة القضاء في المحاكم، مشددات على أحقيتهن وجدارتهن في اقتحام قاعات المحاكم والجلوس على منصاتها. فقد طالبت عدد من الناشطات في مجال حقوق المرأة بأحقية تولي المرأة الكويتية منصب القضاء، خاصة بعدد تعيين 22 وكيلة نيابة العام الماضي حتى يكتمل حق الكويتية في الترقي في السلم الوظيفي في السلطة القضائية. واكدن خلال الحلقة النقاشية «المرأة والقضاء» التي نظمتها الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية مساء اول من امس في مقر الجمعية بالخالدية على انه لا توجد موانع قانونية او دستورية او شرعية لتولي المرأة لهذا المنصب. بداية تحدثت رئيس النيابة العامة في مملكة البحرين أمينة عيسى عن تجربتها الشخصية في سلك النيابة العامة، بعد ان تخرجت في كلية الحقوق في جامعة الكويت، وعملت محامية هنا مدة عامين. وقالت «قبل أن أعمل في النيابة كنت ضابطة في الشرطة النسائية، وكان مجال عملي التحقيق الجنائي وهذا ما اكتسبت منه خبرة وسهّل لي عملي الحالي كنائب عام، ولله الحمد لم أواجه أي عقبات أو صعوبات أثناء العمل، كما أن الخبرة ساندتني وأضافت لي الكثير». واوضحت انه «برغم عدم قبول الفكرة من المجتمع، فإن البحرين لديها الكثيرات في مناصب نائب عام،محام عام ورئيس نيابة ووكيل نيابة، كما هناك 6 قاضيات في المحاكم الجنائية، وهناك 6 قاضيات تحت التدريب حاليا». واكدت ان من يقول إن المرأة تحكمها عاطفتها هو المعارض لدخول المرأة القضاء، وهي حجج للوقوف ضدها وعدم وصولها الى السلك القضائي وحرمانها من حقوقها وتولي المناصب القيادية في الدولة أو أي مكان، كونها محاربة من قبل الآخر. وقالت عيسى ان «المرأة ليست عاطفية بل هي بشر حالها حال الرجل كما قد يكون الرجل عاطفي أكثر منها في بعض الأحيان، ومتى ما كانت المرأة ملمة بالنصوص التشريعية والقانونية سوف تعمل بها على حكم الواقع الموجود أمامها». بدورها قالت المحامية سعاد الشمالي ان الكثيرين فرضوا وصايتهم على المجتمع من خلال تفسيراتهم الخاصة للنصوص الدينية ويطلبون فرضها على الجميع وبالذات المرأة. وأضافت «ان قرار قبول تعيين المرأة الكويتية وكيلة نيابة صدر بناءً على ما نص عليه دستور الكويت في المادة 8 بتكافؤ الفرص والمساواة في المادة 29». واوضحت أن قانون تنظيم القضاء لم يذكر الذكورة صراحة كشرط لتولي منصب القضاء، ولم يرد نص صريح في القرآن والسنة النبوية يحظر تولي المرأة للقضاء، وهنا نرى أنه لا يوجد مانع شرعي او دستوري أو قانوني لتتولى المرأة منصب القضاء، مضيفة «لكن للأسف بسبب سيطرة الثقافة الذكورية على عقليات المجتمع الكويتي نجدهم يتذرعون بالعادات والتقاليد والمواءمة الاجتماعية لرفض تعيين المرأة في منصب القضاء». واعتبرت الشمالي أن المرأة الكويتية عملت كقاض عن طريق التحكيم، وأثبتت جدارتها وقدرتها على إصدار أحكام رائعة وحيادية دون تأثير العاطفة على عملها كما يدعي محاربوها، مناشدة المجتمع والدولة أن تثق بقدرات المرأة الكويتية على تولي المنصب القضائي مثلها مثل زميلها الرجل. وقالت ان الكويت انضمت إلى اتفاقية سيداو عام 1994 التي تحارب كل أشكال التمييز ضد المرأة، وتلزم جميع الدول المنضمة اليها أن تنص في تشريعاتها ما يلزم المساواة بين الجنسين وإلغاء جميع الاحكام التي تميز بينهما، ونرجو من السلطات الثلاث عدم مخالفة الاتفاقية. أما استاذة الفقه الإسلامي الدكتورة إقبال المطوع فقالت ان الحكم دائما يعود بين الحق والباطل، وهذا لا يختص بالرجل فقط وليس هو فقط من يفصل بين الحق والباطل لأن الحق ليس محددا بالجنس، لافتة أن القضاء ما هو الا جزء من فتوى، لكن هذه الفتوى تتعلق بقانون وضعي ولكن عندما نعود للفتوى في الدين هنا تتعلق بقانون إلهي. وأضافت ان «هناك الكثيرات لديهن دكتوراه في الفقه والشريعة، والى اليوم لا توجد لجنة في الكويت حاولت الاستفادة من أي فتوى نسائية»، لافتة الى أن ليس القضاء فقط يتم احتكاره للرجل بل هناك لجان ووظائف اخرى لا تنظر للمرأة بعين الاعتبار. واوضحت المطوع انه ليس هناك أي فرق بين الرجل والمرأة بتبوؤ المراكز القيادية المهمة والسلك القضائي لأن بالنهاية العقل واحد للجنسين مشيرة الى أن هناك بعض النساء أرجح عقلا من الرجال وقد تجد الحكمة عند المرأة أكثر من الآخر، وقوله تعالى: «يؤتي الحكمة من يشاء» والقضاء هو حكمة وفصل، مشددة على اختلاف المذاهب الاربعة في مسألة تولي المرأة للقضاء مع عدم وجود نص شرعي في ذلك، وان كان اصحاب المذهب الظاهري هم الاكثر تشددا ضد عمل المرأة كقاضية. من جانبها اكدت المحامية أريج حمادة أن سيطرة عقلية المجتمع الذكوري لا تزال مسيطرة، حيث يتم الاعتداد بمعيار الكفاءة على اساس جنس الانسان واعتبار الرجل أكفأ وأكثر قدرة في مجال القانون، ما ترتب عليه تهميش دور المرأة في الكثير من المهن و منها المحاماة وعليه تم حرمان المرأة القانونية من اثبات ذاتها في مجال القانون بسبب هذه النظرة الدونية للمرأة. ولفتت الى ان اعتبار المرأة عاطفية وعدم مقدرتها على تحمل المسؤولية وكتمان الاسرار، كان نتيجته حصر عمل المحاميات في قضايا معينة ومحددة وبسيطة فقط لانها امرأة، ومنها حرمانها من دخول السلك القضائي رغم نجاح التجربة الاولى لوكيلات النيابة الـ22 اللاتي تم تعيينهن العام الماضي. واوضحت ان هناك تجارب رائعة على مستوى الوطن العربي لنساء قاضيات اثبتن جدارتهن ونجاحهن سواء في المغرب والسودان ولبنان ومصر ودول الخليج واليمن والجزائر والاردن. وكشفت حمادة عن احصائية لرصد تجربة المرأة القاضية على مستوى الوطن العربي وقد حصلت البحرين على المرتبة الخامسة على مستوى الوطن العربي حيث وصلت نسبة المرأة في السلك القضائي 12 في المئة، وكانت لبنان في المرتبة الاولى حيث وصلت نسبة وجود المرأة في السلك القضائي 41 في المئة وهي نسبة مرتفعة وازديادها دليل نجاحها. و كان هناك دراسات و بحوث عرضت في مؤتمر انجازات النساء القضايات في الوطن العربي و كانت الاحكام المستنيرة اغلبها صادرة من المرأة القاضية. وأبدت أسفها لوضع القانونية الكويتية المهمش لحجج واهية منها انها عاطفية، فحينما يتم تهميشها فقط لانها عاطفية وكأن الرجل ليس عاطفيا برغم ما نشهده من شد وجذب وطق بمجلس الامة واعضاؤه رجال ما يعني ان لديهم عاطفة، مستدركة «ثم ان عاطفة المرأة عند اسرتها اما في العمل الوضع مختلف فيحكمها عقلها والدلائل كثيرة منها ممارسة المحامية الكويتية للتحكيم. ودعت حمادة المحاميات وجمعيات النفع العام في الكويت الى عدم انتظار الرجل لتأخذ حقها والابتعاد عن السلبية قائلة «لنتحد جميعا لنكثف الجهود للسعي نحو الحصول على حقوقنا التي كفلها الدستور والقانون. تكرار تجربة وكيلات نيابة قالت المحامية أريج حمادة إنه «بعد اشادة النائب العام المستشار ضرار العسعوسي بتجربة وكيلات النيابة، ووصفها بالممتازة، هناك تشجيع لفتح الباب من جديد للموسم القادم،وهذا خبر يثلج الصدر رغم ان المرأة والرجل قد درسا ذات القوانين» متسائلة عن أنه «رغم عدم تفريق القوانين الكويتية بين الرجل والمرأة فلا اعلم الى متى تستمر هذه العقلية تجاه المرأة الكويتية بشكل عام والمرأة القانونية بشكل خاص فبعد نضال طويل ومعاناة استطاعت المرأة الحصول على حقها في النيابة؟». البحرينيات خريجات الكويت تبوأن مناصب عليا قالت رئيس النيابة العامة في مملكة البحرين أمينة عيسى إن أغلب المحاميات ووكيلات النيابة في البحرين خريجات كلية الحقوق في جامعة الكويت وتبوأن أعلى المناصب وأرفعها، مشيرة إلى أنه «لم يكن لدينا كلية حقوق ولا نيابة عامة فقدمنا إلى الكويت للتعلم وبرغم ذلك وجدنا تأخرا كبيرا في تولي المرأة منصب النيابة العامة، وعدم وجودها نهائيا في منصب القضاء برغم أن تجربة المرأة القاضية مطبقة في كل دول مجلس التعاون إلا الكويت والسعودية».
مشاركة :