دعت الإمارات المجتمع الدولي إلى الخروج بمبادرات عملية من شأنها الحد من أفكار التطرف والإرهاب وتحصين المجتمعات من الانسياق وراء دعاة الحروب والفتن والطائفية والكراهية، وذلك خلال مؤتمر زعماء الأديان الخامس الذي تحتضنه العاصمة الكازاخستانية أستانا، والذي يختتم فعالياته اليوم الخميس بمشاركة 48 دولة، إذ ترأس وفد الإمارات المشارك المدير التنفيذي للشؤون الإسلامية في الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف محمد عبيد راشد المزروعي، يرافقه رئيس قسم العلاقات العامة في الهيئة عبدالعزيز حسن عبدالعزيز، ومدير إدارة الوعظ طالب محمد الشحي. وقال المزروعي: إننا مدعوون اليوم أكثر من وقت مضى إلى تعزيز التضامن والتكافل الإنساني وتعزيزاً للقيم الإنسانية المشتركة، منوهاً بتجربة الإمارات في غرس قيم الحب والوسطية والتعايش والتسامح، حيث يعيش على أرض الدولة أكثر من 200 جنسية من مختلف دول العالم تتعدد انتماءاتهم العرقية وتتنوع معتقداتهم الدينية وتختلف توجهاتهم السياسية لبلدانهم ورغم كل ذلك يتعاونون جميعاً لتحقيق أهداف مشتركة في بناء الوطن وخدمة المجتمع وينعمون بالأمن والسلام داخل الإمارات. وتطرق المزروعي في كلمته إلى المبادرات الخارجية للإمارات التي نالت الريادة في التضامن الإنساني مع المتضررين من الكوارث والأحداث العالمية انطلاقاً من القيم الروحية التي يحملها أبناء الدولة في رفع المعاناة عن البؤساء والمنكوبين أياً كان دينهم ومعتقدهم ولونهم ووطنهم. وقدم المزروعي جانباً من المبادرات التي قامت بها الإمارات من بينها رعاية منتدى السلم في المجتمعات السلمية الذي يجمع قيادات دينية بارزة عرفت بالاعتدال والحكمة. بدوره، دعا الشحي إلى إعلاء قيم الرحمة والحد من الخلافات وإرساء ثقافة الاحترام المتبادل في ظل تعاون مثمر بين الثقافات لا سيما ما يشهده العالم من نزاعات إقليمية والمخاطر المحدقة به في ظل تنامي الجماعات المتطرفة التي تعبث بأمن الأوطان واستقرار شعوبها. ثقافة السلام وافتتح المؤتمر الرئيس الكازاخستاني نور سلطان نزاربايف، بكلمة شدد فيها على ضرورة خلق عالم يسوده السلام والاستقرار، مشيراً إلى أن بلاده يتعايش فيها 18 ديانة مختلفة وكل الكازاخستانيين يمارسون طقوسهم الدينية بكل حرية. وأشار نزاربايف إلى أهمية عودة الاستقرار إلى العالم، خصوصاً في ظل الصدامات التي يشهدها على غرار ما يحدث في أوكرانيا وسوريا والعراق مع ضرورة محاربة جميع الآفات الاجتماعية التي من شأنها أن تزيد من تكوين شخصيات أكثر ميل للجريمة، حيث لفت إلى أن أكثر 700 مليون طفل هم تحت خط الفقر ومثل هذه الحالات ستكون أكثر عرضة للانحراف مستقبلاً. ودعا نزاربايف المشاركين في المؤتمر إلى صياغة توصيات أساسها الاحترام المتبادل، حيث لا مكان للخلافات العرقية أو الدينية كما حض المجتمع الدولي إنهاء كل الصراعات العسكرية والوقف الفوري للعنف ضد المدنيين ورفضاستخدام القوة من خلال تفعيل جميع الآليات الممكنة لإقرار السلام واستغلال وسائل الإعلام في نشر ثقافة المحبة والتسامح. حجر أساس بدوره، أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، الذي يشارك لأول مرة في مثل هذه المؤتمرات، ضرورة استمرار تنظيم مثل هذه الملتقيات العالمية التي تؤسس للحوار، مشيراً إلى أهمية تشجيع هذا الأخير في ظل ما يشهده العالم من أزمات على غرار ظاهرة تدفق المهاجرين غير شرعيين والإرهاب. وقال كي مون إن زعماء الأديان يمكن أن يكونوا حجر أساس في التنمية ووقف استغلال الدين للقيام بأعمال عنف وإرهاب الآخرين. وسيلة ردع من جهته دعا أمين عام منظمة التعاون الإسلامي إياد بن أمين مدني إلى ضرورة تكريس فكرة التعايش لدى الأجيال الصاعدة وزرع ثقافة الحوار والتسامح لدى النشء منذ الصغر لتكبر هذه الثقافة مع الطفل ليكون مواطناً صالحاً يخدم وطنه ويتعايش مع الآخر في ظل سيادة القانون. أما مساعد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي عبدالرحمن عبدالله الزيد، فعرج خلال كلمته إلى الاضطهاد والتمييز القسري ضد فئة مسلمي الروهينغا في ميانمار وما يتكبده الشعب الفلسطيني من انتهاكات صارخة وبشكل يومي من قبل الاحتلال فضلاً عما يشهده العراق وسوريا من أحداث مأسوية خاصة مع وجود تنظيم داعش وما يعانيه الشعب اليمني من إرهاب جماعة الحوثي أو ما يشهده النيجيريون يومياً من عنف جماعة بوكو حرام إلى التمييز الديني في أفريقيا الوسطى. نموذج تعايش أشاد نائب وزير الأوقاف المصري محمد عزالدين، بالأمن والآمان الذي تشهده دولة الإمارات، موضحاً أنها تعد نموذجاً عربياً فريداً للتعايش بين الثقافات والجنسيات المختلفة، مشيراً إلى أن الهدف من انعقاد مثل هذه المؤتمرات التي تهتم بالتقارب بين الأديان هو الحد من الخلافات وتحقيق تعاون مثمر.
مشاركة :