نشرت مجلة (تايم) الأمريكية ذائعة الصيت مؤخرًا مقالاً مطوّلاً عن الانتخابات التركية، يرتكز على محورين اثنين. أولهما الشماتة بأردوغان وحزب العدالة والتنمية؛ لخسارته جزءًا من الأصوات التي كانت في صفّه خلال الانتخابات الثلاثة السابقة منذ 2002م، وبالتالي تقليص عدد نوابه إلى 258 نائبًا من أصل 327 نائبًا. لكن يبدو أن المجلة نسيت أن حزب العدالة والتنمية له 47% من عدد النواب، وأنه الكتلة الكبرى التي يصعب تمرير أي قرار بدون موافقتها، وهي المرشحة لتشكيل الحكومة غالبًا. نسيت تايم، ونسي الشامتون أن عمر حزب العدالة والتنمية لا يزيد عن 13 سنة، في حين يتجاوز عمر حزب الشعب الجمهوري 90، إذ أنشأه الهالك كمال أتاتورك عام 1923م، بزعمه ممثلاً لعلمانية تركيا ونهضتها، وحربها على الإسلام بكل ضراوة وعنف، بلغ حد إعدام رئيس الوزراء المنتخب عام 1980م، من قِبل الجيش الفاسد آنذاك؛ لأنه فقط رفع الآذان باللغة العربية، وأمر ببعض التوجهات الإسلامية البسيطة. هذا الحزب الفاشل لم ينل إلاّ 25% فقط من الأصوات بعد محاولات كثيرة في مواجهة أردوغان. وخسارة حزب العدالة والتنمية ليست خسارة بالمعنى المتعارف عليه، فالدنيا دُول. وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية يخسر هذا الحزب أو ذاك بعض المقاعد النيابية تارة، ويكسب تارة، كذلك الحال مع أعضاء مجلس الشيوخ. لكن من الحق الاعتراف بأن مجلة تايم اعترفت بأن خسارة حزب العدالة والتنمية تُعدُّ مكسبًا للعملية الديمقراطية في تركيا، ودليلاً على صدقها ونصاعتها. ومن المتداول سلفًا أن فوز حزب العدالة والتنمية بأغلبية الثلثين سيرفع الأصوات النشاز في تركيا وخارجها مدّعية التزوير المسبق، أو شراء الأصوات، أو إجبارها على توجّه معين. والشائع أن أيدي خفية بذلت جهودًا كثيرة مضنية، ودفعت أموالاً طائلة كي يخسر حزب العدالة والتنمية، بما في ذلك التضليل الإعلامي غير المسؤول، والاتهامات الزائفة عبر كل وسيلة متاحة. ولئن كانت الانتخابات الأخيرة تحمل في ثناياها دروسًا وعبر، فإن أول المستفيدين سيكون حتمًا حزب العدالة والتنمية، إذ ربما اضطره الأمر إلى تغيير إستراتيجياته وخططه وآلية تعامله مع الإعلام، ومع مؤيديه وخصومه على السواء. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :