النفط يوسع خسائره متأثرا بإجراءات عزل المدن ومخاوف الطلب على الوقود

  • 3/19/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

وسعت أسعار النفط خسائرها، أمس، مسجلة أدنى مستوى في 18 عاما بعد تراجع خام برنت بسبب التدهور الواسع في مستويات الطلب على الوقود بسبب عزل المدن وتعليق الطيران والسفر وفرض إجراءات الحجر الصحي وإجبار الأفراد على البقاء في المنازل منذ وقوع انتشار سريع في مستويات الإصابة بفيروس كورونا المستجد في أغلب دول العالم. ولم تقدم الإجراءات الأمريكية لإنعاش الطلب- مثل خفض الفائدة وشراء النفط الخام لملء الاحتياطي الاستراتيجي- أي دعم يمكن من تحقيق صمود وتماسك الأسعار، في الوقت الذي أظهرت فيه بيانات ارتفاع المخزونات الأمريكية نحو مليوني برميل يوميا. ويفاقم من أوجاع السوق الطلب المتدهور وشدة المنافسة على الحصص السوقية بين كبار المنتجين الرئيسين للنفط بعد تعثر تحالف "أوبك +" في التوصل إلى توافق بشأن تمديد خطط خفض الإنتاج وتقييد المعروض النفطي. ويقول لـ«الاقتصادية»، محللون نفطيون إن انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى له منذ 18عاما تقريبا بفعل تهديدات وباء فيروس كورونا ينذر بأن الاقتصاد العالمي يسير في طريق مسدود نتيجة الأضرار الواسعة المحيطة بالطلب في مقابل انفجار العرض إلى مستويات واسعة من النمو. وفي هذا الإطار، أوضح سيفين شيميل مدير شركة "في جي إندستري" الألمانية، أن خسائر هذا الأسبوع في أسعار النفط وصلت إلى 18 في المائة بينما تهاوت الأسعار إلى مستوى عام 2003 عندما انتشر مرض سارس في آسيا مشيرا إلى أن أغلب الحكومات تحاول التغلب على الأزمة من خلال إجراءات استثنائية لدعم الاقتصاد. ونوه شيميل إلى أن أسعار الخام تواصل نزيفها بوتيرة غير مسبوقة بسبب الانهيار الواسع في الطلب على الوقود الذي يجيء مترافقا مع اتساع مستمر في مستوى الإمدادات من قبل أكبر المنتجين في العالم، متوقعا أن ينخفض سعر برميل النفط إلى مستوى 18- 20 دولارا للبرميل في الأمد القصير. من جانبه، يرى جون هال مدير شركة "ألفا إنرجي" الدولية للطاقة، أن حجم الأزمة هائل في ضوء انتشار الفيروس سريعا وتعطل كل الأنشطة الإنتاجية والاقتصادية في أغلب دول العالم منوها إلى أن السوق النفطية تجد القليل من الدعم في الجهود العالمية لوقف التداعيات الاقتصادية خاصة بعد إعلان مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إعادة تشغيل برنامج عصر الأزمة المالية في محاولة لوقف الأثر الاقتصادي المدمر للفيروس. وأضاف جون هال أن وضع السوق قاتم في ضوء الظروف العصيبة اقتصاديا على كل دول العالم لافتا إلى رصد بنك جولدمان ساكس انخفاضا بمقدار ثمانية ملايين برميل يوميا في استهلاك النفط ما خفض توقعات أسعار برنت للربع الثاني إلى 20 دولارا للبرميل، بينما توقع "ستاندرد تشارترد" أن ينخفض سعر برنت إلى أقل من 20 دولارا في الربع المقبل خاصة في ضوء إغراق السوق بالإمدادات النفطية من كبار المنتجين، وهو ما تسبب في ظهور دعوات جديدة لاجتماع بين المنتجين لبحث إعادة التوازن إلى سوق النفط العالمية. من ناحيته، ذكر ديفيد لديسما المحلل في شركة "ساوث كورت" الدولية، أن شرايين الاقتصاد العالمي تواجه حالة من التعثر والانسداد الكبيرين في ضوء اتساع قرارات حظر السفر وإغلاق الحدود وتوصيات للعزل الذاتي لمواجهة وباء فيروس كورونا الذي ينذر بحدوث ركود عالمي ما دفع إلى حالة من تكثيف بيع النفط الخام وعقود الوقود. وأشار لديسما إلى أن بعض التقارير الدولية تتحدث عن بيع نحو 180 مليون برميل من عقود النفط والوقود منذ 18 شباط (فبراير) الماضي وهو ما يعكس حجم المحنة التي يجتازها قطاع الطاقة في العالم موضحا أن الأزمة تفاقمت على نحو هائل بعدما قلبت روسيا الطاولة في اجتماع المنتجين أوائل الشهر الجاري وإعلانها عن العودة إلى معدلات الإنتاج الطبيعية. بدوره، يقول ردولف هوبر الباحث في شؤون الطاقة ومدير أحد المواقع المتخصصة، أن تهاوي أسعار خام برنت إلى مستوى 26 دولارا للبرميل يشكل أزمة طاحنة للصناعة حيث سيؤدي إلى ضعف الاستثمار في الصناعة العالمية ومن ثم انخفاض الناتج بشكل حاد ما يهدد أمن الإمدادات في المستقبل. وأشار ردولف إلى أن الشركات الروسية وعلى رأسها "روسنفت" نجحت في الضغط على الحكومة للانسحاب من خطة "أوبك +" لتقييد المعروض حيث كانت من بين أقوى المعارضين لتعاون روسيا مع "أوبك" وكان لها دور في الانهيار الأخير لصفقة خفض الإمدادات بحثا عن تعزيز الاستثمارات وزيادة الإمدادات بشكل واسع في المستقبل. وقال "جولدمان ساكس" في تقرير إن عقود كلا الخامين في طريقها إلى هبوط فصلي بنحو 60 في المائة، وهي أكبر خسارة منذ ثمانينيات القرن الماضي على الأقل. وأظهرت بيانات من إدارة معلومات الطاقة، أمس، أن الولايات المتحدة ظلت الأسبوع الماضي مصدرا صافيا للنفط الخام والمنتجات المكررة لخمسة أسابيع متتالية، وهي أطول سلسلة منذ الاحتفاظ بسجلات، وأشارت البيانات إلى أن مخزونات الخام الأمريكية ارتفعت بمقدار 1.95 مليون برميل إلى 453.7 مليون برميل، وهو أعلى مستوى لها منذ تموز (يوليو) 2019. وقالت إدارة معلومات الطاقة إن مخزونات الخام في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما ارتفعت بواقع 563 ألف برميل الأسبوع الماضي، وأن استهلاك الخام في مصافي التكرير زاد بمقدار 118 ألف برميل يوميا في الأسبوع الماضي. ولم يطرأ تغير يذكر على معدلات تشغيل المصافي على مدار الأسبوع. وقالت الإدارة إن مخزونات البنزين في الولايات المتحدة هبطت 6.2 مليون برميل الأسبوع الماضي إلى 240.82 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين لانخفاض قدره 2.9 مليون برميل. وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة تراجع مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 2.9 مليون برميل على مدار الأسبوع إلى 125.12 مليون برميل، مقابل توقعات لهبوط قدره مليوني برميل، وأفادت أن صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام انخفض الأسبوع الماضي بمقدار 841 ألف برميل يوميا إلى 2.16 مليون برميل يوميا. وفيما يتعلق بالأسعار، إذ بلغت أسعار الخام المرجعية الأميركية والأوروبية حوالي الساعة 5:10 مساءً بتوقيت جرينتش، 22.14 دولارًا و25.62 دولارًا، مسجلة انخفاضًا بنسبة 17.85 في المائة و10.82 في المائة على التوالي منذ إغلاق الثلاثاء. خسر خام غرب تكساس الوسيط وخام برنت أكثر من 60 في المائة من قيمتهما منذ الذروة الأخيرة التي سُجلت في بداية يناير. وعبر اقترابه في وقت سابق من الجلسة من سعر 21.73 دولاراً للبرميل، انخفض خام غرب تكساس الوسيط إلى أدنى مستوى له منذ مارس 2002، بين هجمات 11 سبتمبر 2001 والتدخل الأميركي في العراق الذي بدأ في مارس 2003. وبتراجع خام برنت إلى 25.23 دولارًا يكون قد اقترب من مستواه في سبتمبر 2003.

مشاركة :