أفاد تقرير أعدّته لجنة العقوبات على إيران في مجلس الأمن، بتغاضٍ في المجلس وخارجه عن انتهاكات طهران القرارات الدولية التي تُحظّر عليها نقل أسلحة إلى دول أخرى، «تجنباً لأي عرقلة للمفاوضات» مع الدول الست المعنية بملفّها النووي. ونشرت اللجنة تقريراً مفصّلاً وتقنياً عن تلاعب إيران بقرارات مجلس الأمن وتحايلها عليها، بما في ذلك محاولتها العام الماضي استيراد قطع غيار لمقاتلات، عبر اليونان، مصدرها إسرائيل. وأوضحت أن وزارة العدل الأميركية أعلنت أنه في أيار (مايو) 2014، جرت محاولة لشحن قطعتَي غيار لمقاتلات إلى إيران، عبر اليونان. وأضافت أن لجنة العقوبات «تحقّقت مع مسؤولين يونانيين، من أن الصنفين كانا وصلا من إسرائيل، وهما عبارة عن ناقل حركة بسرعة ثابتة مُصمّم لمقاتلة من طراز فانتوم، ومجسّ للضغط المطلق لمقاتلة من طراز تومكات إف – 14». وأبلغت بريطانيا اللجنة في نيسان (أبريل) الماضي، أن لديها «معلومات عن شبكة شراء (أجهزة) نووية إيرانية نشطة، حُدد ارتباطها بشركة تكنولوجيا الطرد المركزي TESA وشركة كلاي للكهرباء في إيران، والأخيرة ورد اسمها في قرار مجلس الأمن الرقم 1737» الصادر عام 2006. لكن اللجنة «لم تنجز التحقيق في المعلومات حتى الآن». وأكد تقرير لجنة العقوبات في مجلس الأمن، أن إيران مستمرّة في نقل أسلحة في شكل غير مشروع، إلى العراق وسورية ولبنان واليمن، والى «حزب الله» اللبناني وحركة «حماس» الفلسطينية، مستدركاًَ أن البلاغات والإخطارات في هذه الانتهاكات التي كانت تقدّمها الدول إلى الأمم المتحدة، توقفت أخيراً، عكس ما كان مُتبعاً في السنوات السابقة. وشكّل لبنان الاستثناء الوحيد في تصرّف الدول إزاء تجاهل إيران حظر توريد أسلحة، إذ قدّم «التماساً» إلى اللجنة لاستشارتها في شأن عرض طهران تزويد الجيش اللبناني أسلحة. وأفاد تقرير اللجنة بأنها ردّت على الالتماس اللبناني بأن «أي عمليات نقل لأسلحة من إيران، ربما تكون محظورة بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1747» الصادر عام 2007. واعتبرت اللجنة أن المحاولة الإيرانية لتزويد لبنان أسلحة، «تمثّل إحدى حالات عدم امتثالها لقرار مجلس الأمن». وأشادت بتصرّف لبنان في هذا الشأن، إذ اعتبرت أنه «اتّبع أفضل الممارسات في التماس رأي غير رسمي في شأن احتمال كون المنحة الإيرانية المقترحة، محظورة وفق قرارات المجلس». وأكدت اللجنة أن طهران واصلت «نقل أسلحة بنشاط، وفقاً لتقارير إعلامية، ما أقلق دولاً». سورية والعراق في شأن سورية، ذكرت اللجنة أن «تقارير إعلامية أشارت إلى أن إيران تواصل نقل أسلحة وعتاد ذات صلة، إلى سورية». لكن اللجنة أقرّت بأنها «لم تتمكن من التحقق من ذلك في سورية، بسبب الوضع» هناك. وتابع التقرير أن لجنة العقوبات على إيران كانت أكّدت، بناءً على تحقيقات سابقة، أن «شركة ياس للنقل الجوي، انتهكت عام 2012 قرار مجلس الأمن الرقم 1747»، من خلال «نقل أسلحة محظورة وما يتّصل بها من عتاد، إلى سورية، ونتيجة لذلك أُدرجت الشركة في قائمة العقوبات». أما العراق، فأشارت اللجنة إلى تصريح لوزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، في نيويورك ورد فيه: «ليست لدينا قوات عسكرية في العراق، بل مستشارون، ونرسل معدات الى العراق». وأضافت: «تفيد تقارير بأن إيران تواصل إمداد حكومة إقليم كردستان العراق بأسلحة، لدعمها ضد تنظيم داعش». ولفتت إلى أن «تقريراً إعلامياً نقل عن مسؤول أميركي، أن إيران نشرت في العراق أسلحة مشابهة لصواريخ (من طراز) فجر - 5 وفاتح – 110، لكنها تختلف قليلاً عنها وتحمل أسماء أخرى». وتابعت: «إذا تأكدت هذه المعلومات، فإنها تبيّن أن إيران تنقل أسلحة متطوّرة إلى العراق، في انتهاكٍ للعقوبات المفروضة عليها». اليمن في شأن اليمن، أشار التقرير إلى شحنات أسلحة إيرانية أُوقفت عام 2013، والى السفينة «جيهان» التي حاولت تهريب أسلحة إلى الحوثيين، معتبرة أن الأمر «يندرج ضمن نمط من عمليات نقل أسلحة إلى اليمن منذ عام 2009 على أقل تقدير»، لمصلحة الحوثيين. وأكدت اللجنة أنها جمعت حقائق عن تلاعب إيران بقرارات مجلس الأمن، من خلال محاولات لاستيراد مواد ومعدات تصلح لاستخدام مزدوج في برنامجها النووي وأنظمة تسلّح. وبين الأمثلة على ذلك، أوردت اللجنة أن «دولة»، يُرجح أنها تشيخيا، «أبلغت اللجنة أن مورداً إيرانياً اتصل بشركة Howden CKD Compressors التشيخية التي تتخذ براغ مقراً، لتوريد ضاغطات تصنعها الشركة». واشتبه في كون المستخدم النهائي المعلن عنه لتلك السلع، «مزيفاً». وأفاد التقرير بأن «المورد وشركة النقل المشاركَين في الصفقة، كانا قدما مستندات مزوّرة لإخفاء منشأ الشحنة وحركتها ومقصدها، للالتفاف على ضوابط التصدير والعقوبات المفروضة بموجب قرار مجلس الأمن الرقم 1737». وأشارت لجنة العقوبات في تقريرها إلى مجلس الأمن، إلى أنها لم تقدّم فيه، عكس تقاريرها السابقة، توصيات في كيفية التعامل مع طهران في المرحلة المقبلة، في شأن عدم تقيّدها بقرارات المجلس، «في ضوء المفاوضات الجارية معها للتوصل إلى اتفاق محتمل» بحلول نهاية الشهر. وأكدت أن مجلس الأمن سيصدر، في حال إبرام اتفاق مع إيران، «قراراً جديداً يُقَرُّ فيه اتفاق نهائي يتناول العقوبات التي فرضها المجلس، والتي تمحورت حولها المفاوضات الأخيرة»، لكنها أشارت إلى أن هذه «العقوبات ما زالت سارية في شكل كامل حتى الآن». سليماني وعلى رغم عدم إبلاغ أي دولة، لجنة العقوبات بسفر قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري» الجنرال قاسم سليماني، إلا أن التقرير لفت إلى «تقارير إعلامية أفادت بأنه سافر إلى العراق وسورية، ولبنان من أجل لقاء الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله». وتابعت: «على رغم تقارير إعلامية كثيرة عن سفر قاسم سليماني، الممنوع من السفر، إلا أن اللجنة لم تتلقَّ أي بلاغ من أي دولة عن سفره». وأظهرت معلومات لجنة العقوبات، أن «الحرس الثوري» الإيراني «يدير، من خلال أجنحته المالية، 43 شركة من خلال التداول العام في البورصة الإيرانية، و218 شركة صغيرة ومتوسطة الحجم تضم 1073 مديراً يرتبطون بالحرس الثوري». وذكرت أن طهران «تلقت، منذ إقرار اتفاق نيسان (مع الدول الست)، 10.43 بليون دولار من دولة»، في إجراء أولي وجزئي للإفراج عن أصولها المجمدة في مصارف أجنبية، «ما خفّف قليلاً الضغط على اقتصادها». كما سُمح لها، وفق الاتفاق، بـ «معاودة نشاطات تصدير النفط، لكنها على رغم ذلك ما زالت تعاني نتيجة عجزها من الحصول على عملات صعبة». وأشار التقرير إلى أن «نسبة التضخم في إيران انخفضت من 40 إلى أقل من 17 في المئة»، مستدركاً أن تراجع أسعار النفط «قد يعيد إيران إلى الركود الاقتصادي مجدداً، إذ يشكّل 42 في المئة من إيرادات الدولة». وتطرّق إلى التوازن السياسي في إيران، مشيراً إلى أن الرئيس حسن روحاني، «يحظى بدعم شعبي ضخم من السكان الذين ضاقوا بالعقوبات ويتوقون إلى أن يتحوّل رفعها جزئياً، اتفاقاً دائماً يعود عليهم بفوائد اقتصادية».
مشاركة :