أزهريون تعليقًا على إمكانية تولى طبيب الخطبة فى زمن الكورونا: «المخالف يُعرض نفسه للمساءلة»

  • 3/19/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

«المنبر ليس حكرًا على رجال الدين، المنبر لرجال العلم».. عبارة تداولها رواد موقعى التواصل الاجتماعى «فيس بوك» و«تويتر»، تعليقًا على صورة متداولة لطبيب يعتلى المنبر. وحسب المتداول، صعد الطبيب الفلسطينى بكر قندوسى، مرتديًا البالطو الأبيض، على منبر أحد مساجد منطقة طولكرم بالضفة الغربية، ملقيًا خطبة الجمعة الماضية بدلًا من الخطيب، بغرض توعية الجمهور بأخطار فيروس كورونا، ما اعتبره بعض المستخدمين، مصريين وغيرهم، «خطوة متقدمة ألف سنة». وفى محاولة للوقوف على حقيقة إلقاء الطبيب خطبة الجمعة، لم يتسن التأكد من أدائه هذا خلال خطبة الجمعة، أو كإرشادات توعوية تلت الانتهاء من الشعائر المقدسة، وهو ما لم يتحدث عنه «قندوسى» عبر صفحته بـ«فيس بوك». ورغم عدم وضوح الأمر بشأن إلقاء الطبيب الخطبة من عدمه، إلا أن الدعوات بصعود الأطباء على المنابر تزداد شيئًا فشيئًا مع ارتفاع أعداد «الشير والريتويتس»، ما فرض ضرورة التأكد من هذه الخطوة من الناحية الشرعية، خاصةً فى حالة الأزمات التى يواجهها العالم، والمتعلقة بالانتشار السريع لفيروس كورونا المستجد «كوفيد-19». ووقوفًا على صحة الأمر، يقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه المقارن والشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، إن هذا الصنيع أقل ما يوصف به أنه «خلاف الأولى»، لأن خطبة الجمعة من شروط صحة إقامة صلاة الجمعة، فيشترط اشتمال الخطبة على الحمد والثناء لله عز وجل، والأمر بتقوى الله، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وأخيرًا الدعاء. ويوضح «كريمة»، لـ«المصرى لايت»، أن هذه الأركان رئيسية لخطبة الجمعة، فلكى تُقام لابد أن تتقدم الصلاة هذه الخطبة بمكوناتها حسب إجماع العلماء، وبطبيعة الحال على من يؤديها أن يكون ملمًّا بهذه الأركان الرئيسة، أى يكون له تأهيل شرعى، لأن الأفضل والأحسن فى صلاة الجمعة أن يؤم الناس الخطيب، حسب قوله. ويردف «كريمة»: «لم يُعهد فى تاريخ المسلمين أن كيميائيًا أو فيزيائيًا أو جغرافيًا ارتقى منبر رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فهذا يكون للدعاة والعلماء والخطباء، فمثلًا عند أهل الكتاب الذى يؤدى الأعمال الرعوية فى الشريعة المسيحية هم الرتب الكنسية، فـ(شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يُنسخ)، وعليه لا يمكن ارتقاء غير المؤهل تأهيلًا شرعيًا ليخطب خطبة هى فى الأساس شعائر لله، والله تعالى قال عنها فى كتابه: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ)، والذى يؤدى ذكر الله هو الخطيب». وينوه «كريمة» إلى أن خطبة الجمعة هى خارجة عن مجال عمل الطبيب، لكن يمكن تقديم التوعية اللازمة بعد انقضاء الصلاة أو فى وسائل الإعلام: «فى الحياة العملية المعاصرة حينما ترك بعض مشايخ السلفية تخصصاتهم الدنيوية ضلوا وأضلوا». وعن فكرة صعود الطبيب لإلقاء خطبة الجمعة كرد فعل على الظروف الطارئة الناجمة عن انتشار فيروس كورونا، يرد «كريمة»: «الطبيب هيطلع يشرح محاضرة طبية ما تبقاش خطبة، وبالتالى بطلت صلاة الجمعة». وبالنسبة لدعوة رواد مواقع التواصل الاجتماعى بأن المنبر ليس حكرًا على علماء الدين، رد «كريمة»: «المنبر حكر على الداعية، الرسول صلى الله عليه وسلم حينما مرض استخلف من بعده أبا بكر الصديق، مش أى حد، المنبر حكر». من جانبه، يذكر الدكتور أحمد المالكى، الباحث الشرعى بالأزهر الشريف، أن أمر ملقى الخطبة تابع للقانون المصرى، فالدعوة هنا لا تجيز لأى أحد أن يعتلى المنبر إلا إذا كان عالمًا بالأزهر الشريف أو إمامًا بالأزهر أو بوزارة الأوقاف، أو له تصريح من الأخيرة، متسائلًا: «هل يجوز هنا مخالفة القانون بالنسبة لهذه المسألة؟ فالمخالف يُعرض نفسه للمساءلة». ومن الناحية الشرعية، يكشف «المالكى»، لـ«المصرى لايت»، أنه لا يجوز لأحد اعتلاء المنبر إلا من كان مسموحا له بذلك أو مؤهلًا للدعوة إلى الله، عز وجل، وهو ما له عدة شروط، متابعًا: «الدعوة لها شقان، الأول خاص بالأخلاق وليست حكرًا على علماء الدين، والثانى هو الدعوة إلى الله بالقول على المنابر، وهنا لابد أن يكون الشخص مؤهلًا ومسموحًا له بذلك، فليس كل من هب ودب يصعد على المنبر». ويؤكد «المالكى» أن خطبة الجمعة هى للوعظ والتذكير، أما غير ذلك فيفضل أن يكون فى إطار محاضرة عامة، لأن المنبر للدعوة إلى الله عز وجل، وحال الرغبة فى تقديم توعية يمكن التنسيق مع إدارة المسجد أو مديريات الأوقاف وإبلاغها عن الرغبة فى تنظيم ندوة تثقيفية يقدمها أطباء، ويكون الأمر مفتوحًا مع الجمهور بالرد على أسئلتهم، وفق تصريحه.

مشاركة :