العولمة الإنسانية بدل العولمة الاقتصادية

  • 3/20/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

في تسعينات القرن الماضي، أعلنت الرأسمالية عن نظام اقتصادي جديد وهو «العولمة»، وكان الفكر النيوليبرالي يقصد بذلك العولمة الاقتصادية، أي سياسة السوق المفتوح وانتقال الأفكار خصوصاً عولمة الاستهلاك، أي نشر وتشجيع ثقافة الاستهلاك، ولكن بالنظر إلى أن الاقتصاد العالمي في ظل القطب الواحد، هو مركّز في الولايات المتحدة الأميركية وشركاتها الضخمة، ما يعني أن الأسواق المفتوحة هي للمنتج الأميركي، والاستهلاك هو لشعوب العالم، فمن يمتلك وسائل الإنتاج يملك أسواق العالم.ولكن هذه العولمة التي روجت لها الأوساط الاقتصادية والإعلامية الغربية، والتي روج لها المفكر الأميركي فوكوياما بكتابه نهاية التاريخ، هذه العولمة تهاوت بسرعة قياسية أمام فيروس لا يرى بالعين المجردة، فانهار الاقتصاد العالمي، وظهر السلوك الفردي الأناني للرأسمالية، وأصبحت أوروبا بؤرة وباء كورونا، لأنها لم تهتم بالإنسان في بلدانها، بل انصب اهتمامها على الاقتصاد والسياسة.فتم عزل إيطاليا الدولة العضو في الاتحاد الأوروبي، ولم تقدم لها أي مساعدة تذكر، كما تم رفض مناشدة صربيا العضو في الاتحاد أيضاً، لتقديم المساعدات والمستلزمات الطبية، بينما لبت وبالسرعة العاجلة مناشدة البلدين كل من الصين وكوبا الاشتراكيتين، استناداً إلى مبدأ التضامن الأممي، فأرسلت الصين إلى إيطاليا جسراً جوياً، يحمل أطقم أطباء ومواد طبية، كما قدمت كوبا الدواء المضاد لفيروس كورونا الذي اكتشفته، وهو انترفيرون ألفا 2B interferon alpha 2B، الذي تم اختياره من بين 30 دواءً من قبل «لجنة الصحة الوطنية الصينية».في المقابل طلب دونالد ترامب صاحب مقولات أميركا أولاً وأميركا قوية، من الشركة الألمانية «كيورفاك» التي تطور لقاحاً ضد كورونا، شراء الحقوق الحصرية للقاح مقابل تمويل أميركي، فجاء الرد سريعاً من المسؤولين الألمان، أن اللقاح هو للعالم بأسره وليس للاحتكار من قبل دولة، وألمانيا ليست للبيع وإن للرأسمالية حدوداً.وقد جاء على نفس النغمة زميله اليميني الشعبوي بوريس جونسون رئيس الوزراء البريطاني، الذي قال لشعبه: استعدوا لخسارة أحبة وأقارب، مفضلاً انتهاج سياسة «مناعة القطيع»، حيث البقاء للأقوى والموت للضعفاء والفقراء وكبار السن.الأممية لا تعني التخلي عن الوطن أو الانتماء القومي، بل تعني أن البشر في هذا العالم متساوون وشركاء في الإنسانية، فالعولمة الإنسانية هي البديل عن العولمة الاقتصادية الرأسمالية، فجميع البشر أخوة وشركاء في القارب نفسه، وها هي الصين تعلن في يوم 18 مارس، أنها لم تسجل حالة إصابة واحدة، وبذا يتضح يوماً بعد يوم أن الاشتراكية هي الحل بل هي المستقبل.osbohatw@gmail.com

مشاركة :