ألقى وزير الأوقاف أ.د/ محمد مختار جمعة، اليوم، خطبة الجمعة بمسجد "التليفزيون" بماسبيرو، تحت عنوان: "الأسباب الظاهرة والباطنة لرفع البلاء، ووجوب طاعة ولي الأمر".وفي بداية خطبته أكد "جمعة" أن هناك أسبابا ظاهرة لرفع البلاء عن البلاد والعباد يعلمها الناس، وأسبابا باطنة مرجعها ومناطها إلى رحمة الله بخلقه، مبينًا أن من الأسباب الظاهرة الأخذ بالأسباب: وفي مقدمتها طاعة ولي الأمر ومن يفوضه أو ينوب عنه من مؤسسات الدولة الرسمية في إدارة أي أزمة، وهو واجب شرعي ووطني وإنساني، مبينًا معاليه أن معنى قول الله تعالى: ” فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ”، اسألوا أهل الاختصاص والعلم كل فيما يخصه، موضحًا أن علينا أن نأخذ بالأسباب الوقائية، فعندما قال أحدهم يا رسولَ اللهِ: أعقِلُها وأتوكَّلُ أو أُطلقُها وأتوكَّلُ، قال (صلى الله عليه وسلم): “اعقِلها وتوكَّلْ”.كما أشار جمعة أن من الأسباب الظاهرة أيضًا لرفع البلاء ؛ العناية بالنظافة لأقصى درجة، حيث يقول تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ”، مبينًا أن الإسلام قد عَنِىَ عناية فائقة بالنظافة، فالإنسان الذي يحرص على الصلاة يغسل يديه على الأقل ثلاثين مرة كل يوم وليلة: ثلاث مرات عند بدء الوضوء ثم المضمضة ثم الاستنشاق، ثم غسل الوجه، ثم غسل اليدين مع المرفقين ثلاثا (ست مرات في كل وضوء )، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): “إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ، فَلاَ يُدْخِلُ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاَثًا، فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ”.كما أكد أن الأسباب الباطنة يجب ألا نُغفلها أو نَغفل عنها مع أخذنا بالأسباب الظاهرة، وينبغي أن تكون دائما نصب أعيننا ولا تنسينا المحن مهما كانت قساوتها إياها، بل تدفعنا دفعًا إلى التعلق بها، نجدها في قوله تعالى: “فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا”، فما أحوجنا جميعا إلى التضرع بصدق إلى الله (عز وجل) أن يرفع البلاء عن البلاد والعباد والبشرية جمعاء، وأن تكون فرصة لأن يراجع كل منا علاقته بربه، قال تعالى: “وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَّسَّهُ ”، مؤكدًا معاليه أنه لا مناص ولا ملجأ وقت الشدائد من الله إلا إليه، قال تعالى: “أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ”.كما بين جمعة أن هذه الشدائد تتطلب الرجوع إلى الله (عز وجل) والتراحم فيما بيننا والإيثار لا الأثرة، وعدم الأنانية، والبعد عن كل أنواع الاحتكار من البائع قصد رفع سعر السلع، أو الشره في الشراء والأنانية فيه من جانب المشتري، مشيرًا إلى أن الإسلام قد حرّم الاحتكار، فقال (صلى الله عليه وسلم): ” الْمُحْتَكِرُ مَلْعُونٌ”، ويقول (صلى الله عليه وسلم): “مَنْ دَخَلَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَسْعَارِ الْمُسْلِمِينَ لِيُغْلِيَهُ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّ حَقًّا عَلَى اللَّهِ (عز وجل) أَنْ يُقْعِدَهُ بِعُظْمٍ مِنَ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ”، فإذا كان الاستغلال والاحتكار ممنوعين في كل وقت، فالبعد عنهما في وقت الأزمات أولى وأشد، بل إن الاحتكار والاستغلال في أوقات الأزمات إثم كبير وخيانة للدين والوطن.وفي ختام خطبته حذر الوزير من الانسياق خلف المواقع المشبوهة والصفحات المجهولة التي لا تريد الخير لمصر، داعيًا إلى ضرورة اتباع تعليمات وتوجيهات جهات الاختصاص وفي مقدمتها ما يصدر عن وزارة الصحة فيما نحن بصدده من مواجهة انتشار فيروس كورونا.كما حذر من سماع أصوات هؤلاء الذين يشيعون الأكاذيب والحديث عن أرقام مبالغ فيها قصد نشر الفزع والفوضى بين أبناء الشعب فهؤلاء لا دين لهم ولا خلق، مؤكدًا أن بث الشائعات التي تثير الفزع أو تنال من الوطن هي خيانة للدين والوطن معا.
مشاركة :