علي قباجه ما برح نتنياهو يُمني النفس بالخلاص من الكابوس الذي لازمه، منذ أعلنت المحكمة «الإسرائيلية» ملاحقته بعدة جرائم فساد، محاولاً أكثر من مرة الخروج من عنق الزجاجة، الذي عمل خصومه جاهدين على إحكام إغلاقه عليه، لينهوا مسيرة سياسية فاسدة على الصعد كافة؛ لكن زعيم «الليكود» المعروف بحربائيته، استطاع مراراً التملص من كل محاولات محاصرته، بل لجأ إلى كسب الشارع «الإسرائيلي» عبر إظهار نفسه بأنه المُخلّص، وبأنه هو وحده دون غيره من يملك تثبيت دعائم الاحتلال في فلسطين، لذا شرع في سرقة الأراضي العربية، وتهجير أهلها بغية إقامة المزيد من المستوطنات لقطعانه ليزيد من منسوب تأييدهم له في معركته الانتخابية، كما أنه حاول عبر حليفه في واشنطن تثبيت دعائم الاحتلال بفلسطين، ليسوق نفسه كذلك بأنه الحارس الأمين لدولة الاحتلال. خدمات كثيرة قدمتها واشنطن لنتنياهو عبر اعتراف ترامب بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، ومنحه ما يسمى «صفقة القرن»، وهذه المساعدات الأمريكية وإن كانت ضمن مصالح تخدم ساكن البيت الأبيض إلا أنه لا يخفى على أحد مدى الخدمة التي قدمتها لتعويم نتنياهو، وهذا كله بغية المحافظة على حصانته وعدم ملاحقته قضائياً.لم يترك نتنياهو سبيلاً للنجاة من الملاحقة القضائية إلا سلكه بغية كسب الحصانة من موقعه رئيساً للوزراء، وعلى الرغم من عدم توارد الأفكار بينه وبين الحريديم، فإن نتنياهو سعى إلى خطب ودهم أكثر من مرة في محاولة لكسب المزيد من الأصوات المؤيدة له، وهو ما آتى أكله حين تعهد رئيس «يهدوت هتوراه»، يعقوب ليتسمان، ورئيس «شاس»، أرييه درعي، بعدم الانضمام إلى ائتلاف بقيادة جانتس «تحت أي ظرف»، وتأييد نتنياهو؛ لكن محاولات الأخير جميعها باءت بالفشل؛ إذ إنه لم يتمكن مع اليمين المتطرف والأحزاب الدينية من حيازة الأغلبية المطلوبة لتشكيل الحكومة؛ حيث تتطلب الحصول على (61) مقعداً، مقابل خصمه اللدود بني جانتس الذي حصل على تأييد يؤهله للشروع بتشكيل الحكومة، بعد تحالفه مع حزب ليبرمان، الذي عزز موقفه أيضاً دعم القائمة العربية المشتركة ب(15) مقعداً. وبعد ثلاث جولات انتخابية في أقل من عام، فشل نتنياهو، واضطر رئيس الاحتلال «الإسرائيلي» رؤوفين ريفلين مكرهاً إلى تكليف زعيم «أزرق أبيض» بني جانتس بتشكيل الحكومة.من المؤكد أن حكومة الاحتلال القادمة ستعمل جاهدة على إقصاء حزب «الليكود» عن دائرة السياسة؛ حيث اتفق بني جانتس مع حزب ليبرمان على إطاحة رئيس «الكنيست» الليكودي يولي أدلشتاين في مسعى لمحاصرة نتنياهو عبر نبذ أعضاء حزبه الذين قد يؤيدونه في حال تم تضييق الخناق عليه بعد إسقاط الحصانة عنه، وهو ما يؤكد أن نتنياهو بات قاب قوسين أو أدنى من المثول أمام المحكمة لينال جزاء ما اقترفت يداه الآثمتان. بعد أيام قليلة قد يكتب الفصل الأخير من حياة نتنياهو السياسية، ويقف أمام المحكمة متهماً بالفساد ويلقى به في السجن. aliqabajah@gmail.com
مشاركة :