لم تمض سوى أيام على اللقاء الحواري الثقافي مع الأديب والإعلامي محمد رضا نصر الله في برنامج «بودكاست ثمانية»، إلا وأثار جدلاً إعلامياً وثقافياً حول مقومات المذيع والمحاور الثقافي، حيث يرى البعض أن ملاغاة الضيف ومحاولة التنمر عليه والتعالي في طريقة إدارة اللقاء وطرح الأسئلة أبرز مثالب مقدمي هذه البرامج فيما يرى آخرون أن جهل المحاور بالضيف وبخس حقة في الوقت ومقاطعته قبل إحاطة فكرته وإشباعها، أكثر ما يفسد اللقاءات ويبعث للرتابة والملل وينحو باللقاءات إلى اللغو الفارغ الذي لا طائل منه ولا فائدة. وشدد الجميع على أن أغلب البرامج خصوصاً ما يعني منها بالشأن الثقافي تفتقد إلى الإعداد الجيد والأسئلة الواعية وينتابها جوانب قصور كثيرة تنعكس على محصلتها النهائية وإثرائها المعرفي وهو ماينتظره المتلقون ليفاجأوا بمحتوى هزيل وإعدادها سيء وإدارة مرتبكة لا تساير مشهدنا الثقافي والاجتماعي ولا تتماهى مع تطلعات الثقافة والمثقفين. ولقي التقرير الذي نشرته «الرياض» في ملحقها الثقافي السبت الماضي تحت عنوان: («بودكاست ثمانية».. النوايا الثقافية الطيبة وحدها لا تكفي)، والذي اعتبر أن لقاء («نصر الله» جاء دون «الرضا»، وأقل من «المأمول»)، خصوصاً أن فرصة البرنامج كانت كبيرة جداً في استنطاق أحد أشهر مقدمي البرامج الثقافية في المملكة والوطن العربي، إلا أنها «جرت رياح البودكاست بما لا تشتهي سفينة الثقافة»، -لقي هذا التقرير- جدلاً عميقاً ومثقافة حقيقية أضاءت مكامن القصور في البرامج الثقافية ومقدميها ورسمت خريطة الطريق لبرامج فاعلة ولقاءات ثرية ومحاورين أكثر إلماماً وتمكناً ونجاعة في إدارة دفة الحوارات، واعتبر الكاتب خالد العضاض أن تقرير «الرياض» قال شيء مما في نفسه حيال اللقاء وقال في تغريدة على حسابه في تويتر: الحلقة الوحيدة التي استطعت إكمالها، مع تسريع لقطات المضيف، هو لقاء الأستاذ محمد رضا نصر الله. مختتما تغريدته بقوله: كلي أسف على لقاءات لم أستطع إكمال خمس دقائق منها». ملخصاً في تغريدة أخرى «آفة أغلب اللقاءات الثقافية» في ثلاث نقاط: ضعف الإعداد والتحضير «وهذا أضحى سمة مؤخراً بشكل لافت» ابتسار الضيف واختصاره في حلقة واحدة. ملاغاة بعض المقدمين وتعاليهم على ضيوفهم بطريقة مقززة. لم يتوقف العضاض عند هذه الملاحظات ليسرد ملامح اللقاءات الثرية التي تتيح عبور الأزمنه واقتحام الذاكرة، منوهاً في تغريدة ثالثة بالوقت الكافي الذي منحه مذيع اللقاء مثار الجدل للضيف وإخفاقه في حمل اللقاء لأن يكون تاريخياً بقوله: «بعض اللقاءات تتيح للضيف التحليق عالياً في فضاء السؤال، والمقدم الحاذق من يوسع مسار تدفق الضيف ولا يتنمر على فكرته بصولة هوجاء ليثبت أني هنا. أمانة مقدم اللقاء أتاح الفرصة بشكل جيد للضيف أن يتحدث لكن هناك جيواًب في كلام رضا نصر الله لو فتحت لكان اللقاء تاريخياً للشخصين.. وملاحظات أخرى». لينبري المذيع ومقدم البرامج الثقافية ماجد العمري إلى هذا المعترك بأولى تغريداته في خضم النقاشات الدائرة حول الموضوع التي شارك فيها كتاب وقراء على حد سواء، مذكراً بـ»معوقات نجاح اللقاءات الحوارية»، وذاكراً منها: «ضعف الإعداد والتحضير، وإسهاب المحاوِر واستعراض ثقافته، وتواضع ثقافة المحاوِر، وجهل المحاوِر بالضيف»، وتناول «الضيوف» كأحد أسباب «النجاح أو الفشل» لأي لقاء إعلامي في التغريده التالية: لكن ينبغي -إنصافاً وعدلاً- أن نقف مع معوقات نجاح الحوار التي تكون من قبل الضيف -المحاوَر-.. ولعل من أبرزها -من وجهة نظري: الإسهاب الممل الذي يجبر المحاوِر على التدخل، وكثرة الاستطرادات التي تُخرج الحوار عن موضوعه الأساس وبعض الشطحات التي لا ينبغي ذكرها، ولا تناسب موضوع الحوار، كالإسقاط مثلاً على الآخرين بالأسماء الصريحة واستغلال الضيف لذلك اللقاء لتصفية بعض الحسابات مع الآخرين». وقال في تغريدته الاخيرة: ختاماً، أستشهد بهذا الكلام النفيس للأديب المصري الكبير/ مصطفى المنفلوطي في كتابه (النظرات) حيث يقول: «لا يجوز بحال من الأحوال أن يكون الغرض من المناظرة شيء غير خدمة الحقيقة وتأييدها، وأحسب أن لو سلك الكتّاب هذا المسلك في مباحثهم لاتفقوا على مسائل كثيرة هم لا يزالون مختلفين فيها». خالد العضاض ماجد العمري
مشاركة :