هيمن القلق مجدداً، أمس الاثنين، على أسواق المال العالمية وفيما شهدت المؤشرات الآسيوية والأوروبية تراجعاً كبيراً، جراء المخاوف حيال المفاوضات الجارية في الولايات المتحدة على خطة إنعاش ضخمة، والتحذيرات بشأن النتائج المالية، استفادت «وول ستريت» من إعلان الاحتياطي الفيدرالي لحزمة جديدة من برامج دعم الاقتصاد والأسواق في مواجهة «كورونا»، منها قروض بقيمة 300 مليون دولار للشركات، لتقلص مؤشراتها بعض من خسائرها المتوقعة، رغم أنها ظلت في المنطقة الحمراء. في بورصة نيويورك، تجاوبت المؤشرات في تداولات ما قبل الفتح بشكل سريع مع حزمة الاحتياطي الفيدرالي الجديدة، فقلصت أسواق العقود الآجلة خسائرها، وفيما شهدت السندات تحسناً لافتاً مع الخبر الذي يعكس فتح الباب أمام تيسير غير محدود من المجلس للأسواق، سرعان ما تغيرت المؤشرات الثلاثة عقب الفتح إلى اللون الأحمر فانخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي 1.3%، وهبط مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنحو 1.8%، كما نزل مؤشر «ناسداك» 0.86%. وأعلنت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في عطلة الأسبوع تجيير القواعد لتسمح لبورصة «نيويورك» بإجراء كافة التداولات بشكل إلكتروني، وهو ما تم تطبيقه أمس الاثنين ليكون أول يوم في تاريخ بورصة «نيويورك» يشهد إغلاق قاعة التداول. وأشارت هيئة البورصات الأمريكية إلى أن هذا القرار سيظل ساري المفعول حتى 15 مايو/آيار أو في موعد قبل ذلك إذا أعيد فتح قاعة التداولات، ونفت هيئة البورصة الأمريكية أي نية لوقف التداولات أو تقليص عدد ساعات العمل في بورصة نيويورك خلال الفترة المقبلة. الأسهم الأوروبية وفي القارة العجوز، قبعت الأسهم الأوروبية قرب أدنى مستوياتها في سبع سنوات، أمس الاثنين، بعد أن وسعت العديد من الدول إجراءات كبح انتشار وباء «كورونا» حتى أن إيطاليا وصلت إلى حد حظر السفر الداخلي مع تجاوز عدد الوفيات فيها 5400. وهبط مؤشر «ستوكس 600» بنحو 3.1% مسجلاً 283.9 نقطة، كما تراجع مؤشر «فوتسي إم.بي.أي» الإيطالي بنسبة 2.1% مسجلاً 15405.4 نقطة، وانخفض مؤشر «فوتسي» البريطاني بنسبة 1.7% ليسجل 5102.5 نقطة، في حين تراجع مؤشر «كاك» الفرنسي بنسبة 4.3% مسجلاً 3875.6 نقطة، وانخفض مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 4.6% ليسجل 8521 نقطة. وفي ظل أدلة متزايدة على تضرر الشركات نتيجة الشلل الذي أصاب سلاسل الإمداد وإنفاق المستهلكين، أشار محللون إلى أن الاقتصاد العالمي دخل بالفعل في ركود. وهوت أسهم إيرباص لصناعة الطائرات 12.7% أخرى بعد أن قالت إنها تسحب توقعاتها المالية لعام 2020، وخفضت توزيعات مقترحة لعام 2019. مؤشرات آسيا هبطت الأسهم الآسيوية بشكل حاد في نهاية جلسة أمس الاثنين، بقيادة أسواق الهند وأستراليا وتايلاند مع تكالب المستثمرين للحصول على السيولة وسط ذعر «كورونا». ويأتي الهبوط في البورصات الآسيوية باستثناء الأسهم اليابانية بالتزامن مع استمرار انتشار «كورونا» الذي أودى بحياة 14759 شخصاً حتى الآن، وأصاب ما يزيد على 341 ألف شخص عالمياً. وتسبب الذعر حيال «كورونا» في موجة بيعية ضخمة تسببت في هروب المستثمرين من الأصول الخطرة وحتى الأصول الآمنة لصالح الحصول على السيولة. وانخفض مؤشر «نيفتي 50» لأسهم الهند بنسبة 13%، كما انخفض مؤشر أسهم تايلاند «سي.إي.تي» بنحو 10%، وفي هونج كونج، تراجع مؤشر هانج سينج بنسبة 4,4% فيما سجّلت بورصة سيدني انخفاضاً بنسبة 5,6% وويلينجتون 7,6%، على خلفية إعلان العزل التام في نيوزيلندا، بينما في سائر دول القارة، سجّلت بورصة سنغافورة أيضاً تراجعاً بلغت نسبته 7,5% فيما خسرت سيول 5,5%، وانخفض مؤشر شنجهاي المركب بنسبة 3,11% عند الإغلاق فيما سجّلت شينزن تراجعاً بنسبة 4,26%. إلا أن طوكيو شكلت استثناءً؛ إذ استفادت من تراجع سعر الين وانتعاش أعمال مجموعة «سوفت بنك»، المتخصصة في الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة، التي تعتزم بيع أصول بقيمة 4500 ين خلال 12 شهراً لخفض ديونها وتمويل عملية ضخمة لإعادة شراء أسهم. كما لقيت السوق دعماً من آمال بمشتريات كبيرة من بنك اليابان المركزي لصناديق الأسهم المتداولة في البورصة، وإعادة صناديق التقاعد موازنة محافظ الأسهم بعد الهبوط الحاد الأخير. وكسب نيكاي 2% ليغلق على 16887.78 نقطة مرتفعاً من أقل مستوى في ثلاثة أعوام ونصف العام عند 16378.94 نقطة الذي لامسه يوم الثلاثاء الماضي. وقفز سهم مجموعة سوفت بنك 18.9% ليبلغ الحد الأقصى اليومي، ويصبح السهم الأكثر تداولاً في البورصة، وتقدم المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 0.7% إلى 1292.01 نقطة، وارتفعت نسبة 80% من مؤشرات القطاعات الفرعية في البورصة. ضغط شديد من جهتها، استقرت سوق الديون في أوروبا والولايات المتحدة، وقال المحلل في مجموعة «أكسيكورب» ستيفن إينيس: «هذا الانخفاض السريع وغير المسبوق يعكس بأي سرعة انتقلنا من مخاوف ضعيفة على الصحة العامة إلى ركود عالمي». وأوضح الخبير في مجموعة «أوريل بي جي سي» تانجي لو ليبو أنه «فيما تحاول الأسواق الأوروبية أن تستقرّ»، كانت من جديد «تحت ضغط شديد عند الافتتاح بسبب تراجع وول ستريت مساء الجمعة» والخلافات المستمرة بين الديمقراطيين والجمهوريين بشأن مضمون خطة الدعم. وأضاف، «يمكننا افتراض أن المعسكرين سيتمكنان من حلّ خلافهما، لكن انتشار الوباء يُرغم المستثمرين والمحللين على زيادة كلفته الباهظة في الأساس بشكل مستمرّ». وهذا ما شهدت عليه صباح الاثنين سلسلة التحذيرات بشأن النتائج المالية وتدابير التقشف الصارمة كتلك التي أطلقتها في باريس كل من قناة «تي أف 1» وسان جوبان وإيرباص وتوتال وكيرينج، وأعلنت شركة «سنجابور إيرلاينز» أيضاً تجميد غالبية طائراتها حتى نهاية إبريل/نيسان، مضيفة أنها تواجه أكبر تحدٍّ في تاريخها. وأشار لو ليبو إلى أن «كل تقدير للأرقام يبقى عشوائياً للغاية في هذه المرحلة» و«بعض الاحصاءات الاقتصادية المرتقبة اعتباراً من هذا الأسبوع، مثل التسجيل الأسبوعي للبطالة (الخميس في الولايات المتحدة)، قد تعكس بشكل ملموس التداعيات الضخمة للوباء». وقال، «نواصل الاعتقاد بأن الأسواق لم تسجّل على الأرجح أدنى مستوياتها، لكن نحن غير قادرين على القول ما إذا كان التراجع سيستمرّ هذا الأسبوع أو ما إذا كانت الأسواق ستتمكن من تحقيق استقرار على الأقل مؤقتاً بعد الإعلان عن خطط الدعم الهائلة من جانب الحكومات والمصارف المركزية، حتى الآن، لم يسمح انتشار الوباء للأسواق بالتقاط أنفاسها».
مشاركة :