دفع فيروس كورونا المستجد «كوفيدـ 19» عدة دول عربية وأجنبية نحو فرض حظر التجوال الكامل أو الجزئي، لمواجهة انتشار الفيروس، في أول حظر يشهده العالم بسبب وباء منتشر وليس بسبب أزمات سياسية أو حروب. وأكد خبراء لـ«الاتحاد» أن فرض حظر التجوال أمر شبه حتمي بدلاً من الدخول في نفق مظلم يصعُب فيه الحد من انتشار المرض، بينما أوضح خبراء بعلم النفس والاجتماع أن الالتزام بفرض حظر التجوال وعدم الخروج من المنزل يقلل من أمراض القلق والتوتر والوساس القهري وغيرها. وكشف اللواء محمد الغباري، الخبير الاستراتيجي ومدير كلية الدفاع الوطني الأسبق بالجيش المصري، أنه من المعروف أن قرارات حظر التجوال تكون دائماً في العلوم العسكرية تمهيداً للحروب أو للحفاظ على البلاد خلال حالات الفوضى السياسية، لكن هذه المرة هدفها الحفاظ على الأمن القومي ومن ضمنه «صحة الشعوب». وأضاف الغباري لـ«الاتحاد» أن العلاج الوحيد حتى الآن هو إبعاد الناس عن بعضها بقوة القانون والحفاظ على الأمن القومي عبر فرض حظر التجوال. وتابع: «إنه علاج فعّال في ضوء ضعف الإمكانيات الصحية في كثير من الدول لمجابهة الأزمة»، لافتاً إلى أن أي وباء في العهد الماضي كالطاعون كان ينتشر ويصيب نحو 5% من الشعوب، لكن الآن «كوفيد-19» ينتشر بسرعة كبيرة، متوقعاً أن يتجاوز هذه النسبة. وقررت عدة دول عربية وأجنبية فرض حظر التجوال كلياً أو جزئياً لمواجهة فيروس كورونا المستجد «كوفيدـ 19»، بعدما تضاعفت معدلات الإصابة المؤكدة بالفيروس وتجاوزت الوفيات حاجز 15 ألف حالة، حسبما سجلت منظمة الصحة العالمية. وفرضت المملكة العربية السعودية الحظر الليلي على كافة أنحاء المملكة، في إطار إجراءات مواجهة انتشار فيروس كورونا المستجد، بعد ارتفاع ملحوظ في أعداد الإصابات بالفيروس. ومن جانبه طالب الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية، بالتمييز بين حظر التجوال الأمني وحظر التجوال الشعبي الذي يكون الغرض منه منع انتقال عدوى نشر الفيروس، منوهاً بأن بعض الدول عملت على تقنين الحظر، كي لا يتعارض مع الحقوق والحريات الشخصية. وأضاف فهمي لـ«الاتحاد» أن أميركا لديها 17 جهاز مخابرات للأمن الداخلي، أصدرت جميعها إجراءات تتشابه مع إجراءات ما بعد أحداث 11 سبتمبر فيما يخص أزمة (كوفيد-19)، مشيراً إلى أن قرارات الحظر اتخذتها الدول بصورة فردية، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. وحذر فهمي من أن «العالم في وضع صعب»، وعلماء العالم مازالوا غير متفقين على خطة مشتركة، مشيراً إلى أن العلماء الألمان هم الأقرب للتوصل لعلاج. وأما الدكتور جمال فرويز أستاذ الطب النفسي، فأكد أن اتجاه دول العالم نحو فرض حظر التجوال هو قرار صائب، موضحاً عدم وجود أي تأثيرات نفسية ناتجة عن ذلك بل على العكس ستسهم في الحد من القلق والرعب الذي يمكن أن ينتج عن التحرك في تجمعات. وشدد لـ«الاتحاد» على أن السبب في انتشار المرض هو التصميم على النزول إلى الشارع والخروج في تجمعات، موضحاً أن الالتزام بالمنزل يحد أيضاً من الكثير من الأمراض الناتجة عن القلق من الإصابة بالفيروس. وقال الدكتور حسن الببلاوي أستاذ علم الاجتماع بجامعة حلوان: «إن فرض حظر التجوال هو أسلوب مهم جداً لمواجهة المرض وعلى المواطنين الالتزام به»، لافتاً إلى «ضرورة تغيير السلوك». ولفت إلى أن على المواطنين تعلم كيفية قضاء وقت فراغهم داخل المنازل، ناصحاً بضرورة أن تتباعد الأسرة قليلاً عن بعضها والاستماع إلى التلفزيون والموسيقى وأيضاً القراءة، والالتفاف حول بعضهم بعضاً داخل المنزل، مشيراً إلى ترقب العالم لزوال هذه الأزمة خلال أسبوعين وبالتالي يزول عنهم الخطر، موضحاً وجود حالات أمامنا تجعل الجميع يقتنع بالهدف ثم الوسيلة التي يمكن من خلالها تحقيق هذا الهدف. وقررت إيطاليا التي تشهد أكبر حالة إصابات بالفيروس وأيضاً وفيات فرض حظر التجوال بعد أسابيع من تفشي فيروس كورونا وبالتحديد في 10 مارس الجاري. وفي 14 مارس بعد تسجيل مئات الإصابات المؤكدة، قررت إسبانيا فرض حظر التجوال لمدة 15 يوماً، وذلك ضمن خطوات الحكومة الإسبانية لاحتواء انتشار فيروس كورونا المُستجد.
مشاركة :