«أرواح صغيرة».. وثائقي يدين خطاب الكراهية والحروب

  • 3/24/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ عام 2011، قدمت السينما العربية والعالمية أكثر من 300 فيلم، توقفت معظمها أمام موجة «الثورات العربية» وتناولتها من جوانب مختلفة، منها متابعة تداعياتها التي تسببت في أكبر هجرة تاريخية قسرية في أرجاء العالم، هرباً من الحروب العبثية والموت، وبحثاً عن ملاذ آمن، وهو ما فعلته المخرجة الأردنية دينا ناصر في فيلمها الوثائقي الطويل الذي ينتمي إلى سينما الحروب: أرواح صغيرة – 85 دقيقة، حيث تمر الكاميرا على محتوى «مخيم الزعتري» أكبر مخيمات اللاجئين السوريين في محافظة المفرق الأردنية لتكشف بواقعية شديدة تفاصيل حياة ومأساة «مروة – 16 عاماً» ابنة بلدة محجّة في محافظة درعا التي تعيش الانتظار الذي لا يأتي بشيء في مخيم صحراوي، مع شقيقتها آية التي تصغرها بسنتين، وشقيقها محمود الذي يصغرها بست سنوات، لقد اكتشفت في الواقع أنها نجمة فيلمها، ورأت فيها الطاقة التي يمكنها أن توصل فيلماً وثائقياً ينبذ خطاب الكراهية والحروب وأوجاعها، إلى برّ النّجاح. تقدّم مخرجة الفيلم (إنتاج أردني، فرنسي، لبناني) صورة مغايرة تماماً لسكان مخيمات اللجوء الهاربين من جحيم القذائف العشوائية والموت المرتقب، فمروة بطلة الفيلم لا تريد العودة إلى بلادها، لأنها تعيش هنا، وتثق بالمخيم، ولا تثق مطلقاً في وجودها هناك. هنا مكان صحراوي منبسط آمن، يتيح لها أن تسقط سقوطاً حراً في أي حلم ومن ذلك العودة الحالمة على لوح صفيح، على سجادة باذخة، إلى بيتها ما قبل المحرقة، هذه التجربة الإنسانية التي يتركها الفيلم في مشاهديه، سببها نهر الصور الدقيقة والمرحة، في عيون الأطفال، وصور المكابدات تحت الخيام التي أمست ألواح صفيح، وصور العواصف الترابية والوحول الناجمة عن بقايا ثلوج لا ترحم، وعفوية العيون الطفولية في البكاء والضحك، والرجاء في الخروج من هذه المحنة التي لا يعرفون لها سبباً. نجحت دينا ناصر صاحبة فيلم شامية – 2011، في تصوير الوجع السوري، حين أظهرت الحقائق التي كانت مختبئة خلف الشعارات الرنانة التي تطلق هنا وهناك من قبل الحكومات ومؤسسات الإغاثة، حيث نقلت الصورة الحقيقية من دون تزييف، تعكسها المعاناة المؤسية التي يعيشها الأطفال السوريون في مخيم شبه معزول عن العالم، ليظل هذا الفيلم من أبرز الوثائقيات التي تؤرخ للوجع السوري وتدين صناع الموت. مع القليل من لحظات الفرح المسروقة لأطفال المخيم، نوّعت المخرجة في صورها ومصادرها وشهاداتها في العمل، حتى أنها لجأت إلى ما تخزّنه ذاكرة هواتف عائلة بطلة الفيلم لتوظيفها ضمن جماليات عمل سينمائي جماهيري، عفوي، يتجاوز الكثير من الأعمال التي تطرقت إلى هذا الموضوع. يكشف هذا الوثائقي الإنساني عبر نقله عمليات التواصل بين العائلة وبقية أفرادها الذين ظلوا في سوريا عن عمق الأواصر الإنسانية بينهم، وهذه الحميمية الرابطة بينهم هي ما يعينهم على الاستمرار، سواء بالنسبة للذين بقوا أو لهؤلاء الذين جاؤوا إلى المخيمات الأردنية وصاروا تدريجياً يألفون وجودهم فيها بوصفها قدراً لا مفر منه.

مشاركة :