ولد الشاعر الإماراتي حمد بن خليفة بوشهاب، رحمه الله، في منطقة وسط عجمان أو ما يعرف بالفريج الوسطي عام 1933. وظهر نبوغه مبكراً، فأحب القراءة وانكبّ عليها، واهتمّ بتعلم النحو والفقه. تعلّق حمد بن خليفة بو شهاب بالشعر مبكراً، فحفظه وأتقنه وقرأه في المجالس وتغنى به، ثم بعد ذلك بدأ يكتبه في سن التاسعة، ولتمكنه من علوم اللغة ظل محافظًا على القصيدة العمودية طوال عمره، سواء في شعره النبطي أو الفصيح، ولقب ب شاعر الإمارات والهزار الشادي. ظروف الحياة التي عاشها الشاعر، والعصر الذي يستلزم السعي وراء لقمة العيش، حالت دون إكماله دراسته، ما دفعه للاعتماد على نفسه في التعلم والثقافة، فعمد إلى دراسة كتب التراث، واستوعب ما زخرت به أعماقها؛ كتب التاريخ والأدب كانت له خير معين، كما أحاط بلغته العربية معنى ومبنى. هذا التنوع الثقافي والتمكن اللغوي أسهم في إثراء معارفه، ما جعل لغته تستحوذ على القلوب، لوضوح ألفاظها ورقة معانيها. واستطاع بو شهاب فيما بعد أن يكمل دراسته الجامعية في مصر، وعُيّن بعدها وزيراً مفوضاً في وزارة الخارجية. عندما قام اتحاد دولة الإمارات انتقل بو شهاب مع مجموعة من الشعراء للعيش في دبي، حيث اختلط بأدبائها وشعرائها. وعمد إلى توثيق التراث العريق من الشعر الشعبي للإمارات، كما حرص على توثيق تاريخ الدولة والأنساب في المنطقة، وقد بذل جهوداً كبيرة في عملية الجمع والتوثيق في مجال قصيدة النبطية، على مدى أكثر من مئتي عام، وأعاد إلى الذاكرة أسماء منسية في مطبوعات عدّة منها ديوان تراثنا من الشعر الشعبي في جزأين، إيماناً منه بأهمية حفظ هذا التراث، وقد شهد له الكثير من شعراء الدولة بهذا العمل العظيم. يعد بوشهاب أول من قدم برامج الشعر الشعبي في التلفاز، عبر تلفاز الكويت من دبي عام 1971. وهو أول من نشر الشعر الشعبي في الصحافة اليومية، حيث كان مشرفاً على صفحة الشعر الشعبي في صحيفة البيان منذ عام 1981، وقد كانت هذه الصفحات نافذة مهمة يطلّ من خلالها الشعراء على تراثهم وجديدهم في آن واحد. تميّز شعر بو شهاب بالكثير من الخصائص الفنية كالحرص على قوة المعاني وجزالة الألفاظ، والعناية الكبيرة بانتقاء اللفظ الفصيح الجزل، مع البعد عن التكلف، والاهتمام بالبناء المحكم للقصيدة ما يحقق الوحدة العضوية والموضوعية، مع المحافظة التامة على وحدة الوزن والقافية، إضافة إلى قرب قصيدته النبطية من الفصحى، وذلك لثراء قاموسه العربي الذي استفاد منه في توظيفه المفردة الفصيحة في الشعر النبطي. استمر بوشهاب في عطائه الشعري حتى آخر لحظات حياته 19 أغسطس/آب 2002، أحبّ لغته العربية فعاش حريصاً عليها ذاكراً مناقبها رافضاً كل ما يقلل من شأنها، تاركاً ثروة شعرية وسجلاً حافلاً يعين الدارس والباحث. وما بين المولد والوفاة سنوات طويلة امتلأت حباً وشعراً وحكمة.
مشاركة :