في خضم التعليمات الصارمة اليوم المتعلقة بالبقاء في المنزل والحفاظ على مبدأ التباعد الاجتماعي والاعتناء بالنظافة الشخصية وغسل اليدين وتخزين الأدوية الضرورية، والاطلاع الدائم على الأخبار والمستجدات العالمية، وجد البعض في الحجر المنزلي الذي فرضه فيروس كورونا على العالم مساحة وقت رائعة لإعطاء الأولوية للراحة الفكرية والجسدية. أما الأشخاص الذين اعتادوا أن يكونوا منتجين فقد استغلوا أوضاعاً مشابهة في تاريخ البشرية فرض عليهم فيها اعتزال العالم إنتاج أهم أعمالهم. فشكسبير كان واحداً من هؤلاء الذي أبدعوا مسرحية "الملك لير" حين فرض طاعون لندن العظيم إغلاق المدينة في أوائل القرن السابع عشر. ووجد شكسبير نفسه فجأة بعد أن أقفلت المسارح أبوابها عام 1606 ومتسع من الوقت أمامه فتفرغ للكتابة وفرغ قبل أن ينتهي العام من تأليف الملك لير، وماكبيث، وأنطوني وكليوبترا. في 1665 وجد اسحق نيوتن نفسه في وضع مشابه وهو في بداية العشرينات من العمر حيث ضرب الطاعون مجدداً وأغلق أبواب الجامعة، لكنه سمح لنيوتن بوضع أهم أطروحاته في عالم حساب التفاضل والتكامل وتطوير نظريات حول علم البصريات، وولدت حينها نظرية الجاذبية. ولم يكتف الفنان النرويجي إدفارت مونك بأن يكون شاهداً وحسب على الانفلونزا الإسبانية وتغييرها للعالم بل أصيب به في مطلع العام 1919، وبدلاً من أن يصبح أحد ضحاياه جمع عدّة الرسم وأبدع أشهر لوحاته بعنوان "الصرخة". كذلك أبدع الروائي والكاتب المسرحي الإنكليزي توماس ناش بعد هروبه للريف عام 1592 تفادياً للطاعون مسرحية آخر وصية وشهادة للصيف. وسطّر المؤلف الإيطالي جيوفاني بوكاتشيو مجموعة روايات تعرف بالكوميديا البشرية أو "ديكامرون" عام 1348 أثناء فترة حجره لإصابته بالطاعون.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :