كانت الكثير من الشركات والمؤسسات تُطبق ثقافة العمل من المقار الخاصة بها، وتفرض عقوبات صارمة على كل من يتغيب عن مقر العمل والتي قد تصل إلى حد الطرد من الوظيفة، ولكن مع انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» في مختلف أنحاء العالم، ألزمت هذه الشركات موظفيها بممارسة العمل من المنزل كإجراء احترازي لمكافحة الوباء، لذلك نطرح السؤال التالي: هل يُعد فيروس كورونا خُطوة نحو تعزيز ثقافة العمل عن بُعد؟ وتُشير بعض التقديرات إلى أن هناك العديد من الشركات تعتزم وضع ثقافة العمل عن بُعد على رأس الاستراتيجيات التي تحكم أنظمة العمل. وفي ظل تداعيات أزمة كورونا، يستمر العمل عن بُعد في معظم الشركات، ويكون على جميع الموظفين الإبلاغ عن استعدادهم لبدء العمل بواسطة التطبيقات الذكية، مثل: واتس آب أو فيسبوك وغيرهما من شبكات التواصل الاجتماعي، ثم يبدأ العمل الرسمي ويتم تبادل الآراء والأفكار ومناقشتها جماعيًا عبر هذه التطبيقات أو المكالمات الهاتفية، وبحلول المساء يخبر كل منهم بانتهاء العمل بالرسائل، وهذه قد تكون وسيلة رائعة وغير مكلفة. اقرأ أيضًا: وسائل الإبداع والابتكار.. من أين تبدأ؟ردود أفعال متباينة وعلى الرغم من تعميم ثقافة العمل عن بُعد في أغلب المؤسسات التي يسمح فيها نظام العمل بذلك، جراء تفشي وباء «كوفيد 19»، إلا أن ردود أفعال العاملين والموظفين تفاوتت بين من انتابهم القلق والخوف، خاصة أنهم يفضلون الحضور إلى مكاتبهم لممارسة العمل ورؤية الزملاء والعمل ضمن مجموعة، ومن عبروا عن ارتياحهم بعد تطبيق نظام العمل عن بُعد؛ لأنهم يجدون متعة في ممارسة العمل من خلال هذا النظام. ومن المعروف أن العمل عن بُعد لا يعتمد على الحدود الجغرافية، فمع ظهور التقنيات التكنولوجية الحديثة والتطور الهائل الذي تشهده شبكة الإنترنت، أصبح من السهل اختيار فريق عمل من الموهوبين المبدعين من كل أنحاء العالم؛ حيث يعمل كل واحد منهم من المكان المُفضل بالنسبة له بكل أريحية تامة، وفي الأوقات التي يحددها لنفسه؛ وبذلك ستتوفر للموظفين كافة العوامل الدافعة للإنتاج، الأمر الذي يُسهم في توفير الكثير من المميزات للشركات والمؤسسات التي تُطبق هذا النظام، أهمها انخفاض التكلفة وتوفير جزء كبير من المال مع زيادة الإنتاجية. اقرأ أيضًا: استراتيجيات وأفكار.. كيف تعمل إعلانات جوجل؟فوائد العمل عن بُعد لا شك في أن نظام العمل عن بُعد له الكثير من الفوائد التي تعود على الموظفين وأيضًا المسؤولين والشركات التي تعمل على تطبيق هذا النظام، ولعل أبرز الفوائد هي توفير الوقت والجهد البدني والمالي المستهلك يوميًا في الذهاب إلى العمل والعودة إلى المنزل، ما ينعكس بالإيجاب على العمل ويُساعد في زيادة الإنتاجية، وفي هذا الصدد أثبتت بعض الدراسات أن الموظف الذي يقضي 24 يومًا عمل ويستغرق 45 دقيقة في رحلته اليومية، يُنفق 275 دولارًا شهريًا تقريبًا على المواصلات، والموظف الذي يستغرق ساعتين يوميًا يقضي 576 ساعة سنويًا. ويُسهم العمل عن بُعد في تخفيف ازدحام المرور والآثار البيئية الناتجة عن استخدام وسائل المواصلات، ويعمل على رفع كفاءة الاستعداد لحالات الكوارث، ووفقًا لتقديرات شركة «جلوبال ووركبليس أنالتيكس»، أن 75% من الموظفين الذي يعملون بنظام العمل عن بُعد، بمقدورهم مواصلة العمل في حالات الكوارث مقارنةً مع 28% من الموظفين العاديين في مقار الشركات. ولا تقتصر فوائد العمل عن بُعد على توفير الوقت والإحساس بالراحة فقط، بل يدفع هذا النظام إلى زيادة الإنتاجية مقارنة بالعمل من داخل مقار الشركات أو من المكتب، وفي تجربة ناجحة خاضتها شركة «سي تريب» الصينية للسياحة؛ طلبت من نصف موظفيها العمل من المنزل لمدة تسعة أشهر وأبقت النصف الآخر في مقر الشركة، وأظهرت هذه التجربة أن العمل عن بُعد يجعل العمال أكثر سعادة، وتقل بينهم معدلات ترك العمل، وتكثر إنتاجيتهم مقارنة بنظرائهم العاملين في مقر الشركة. اقرأ أيضًا: «كوفيد 19».. هل تأثرت التكنولوجيا الصينية؟
مشاركة :