أكدت دول مجموعة العشرين، اليوم (الخميس)، التزامها بتشكيل جبهة متحدة لمواجهة جائحة «كورونا» التي لا تعترف بأي حدود. جاء ذلك في البيان الصادر عن قمة القادة الاستثنائية الافتراضية التي عُقدت برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ لمناقشة سبل المضي قدماً في تنسيق الجهود العالمية لمكافحة الجائحة، والحد من تأثيرها الإنساني والاقتصادي. واعتبر البيان أن هذه الجائحة غير المسبوقة «تعد رسالة تذكير قوية بمدى الترابط بين دولنا وبمواطن الضعف لدينا، وتتطلب عملية التعامل معها استجابة دولية قوية منسقة واسعة المدى، مبنية على الدلائل العلمية ومبدأ التضامن الدولي»، معرباً عن بالغ الأسى والحزن تجاه «المأساة الإنسانية والخسائر في الأرواح والمعاناة التي ألمت بالشعوب حول العالم». وشدد القادة على أن «أولويتنا القصوى هي مكافحة الجائحة وتبعاتها الصحية والاجتماعية والاقتصادية المتداخلة فيما بينها. ونعرب عن امتناننا ودعمنا لجميع العاملين في المجال الصحي الذين يمثلون خط الدفاع الأول أثناء مواجهتنا للفيروس»، مبدين التزامهم ببذل كل ما يمكن للتغلب عليه، بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وصندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، والأمم المتحدة، والمنظمات الدولية الأخرى. وأكدوا عزمهم على بذل قصارى جهدهم فرديّاً وجماعيّاً من أجل حماية الأرواح، والحفاظ على وظائف الأفراد ومداخيلهم، واستعادة الثقة، وحفظ الاستقرار المالي، وإنعاش النمو ودعم وتيرة التعافي القوي، وتقليل الاضطرابات التي تواجه التجارة وسلاسل الإمداد العالمية، وتقديم المساعدة لجميع الدول التي بحاجة للمساندة، وتنسيق الإجراءات المتعلقة بالصحة العامة والتدابير المالية. وأبدى القادة الالتزام باتخاذ كل الإجراءات الصحية اللازمة، والعمل على ضمان التمويل الملائم لاحتواء الجائحة وحماية الأفراد، وخصوصاً من هم أكثر عرضة للخطر، ومشاركة المعلومات بصورة آنية وشفافة، وتبادل البيانات المتعلقة بعلم الأوبئة والبيانات السريرية، والمواد اللازمة لإجراء البحوث والتطوير، وتعزيز الأنظمة الصحية العالمية. إضافة إلى توسيع القدرات الإنتاجية لتلبية الطلب المتزايد على الإمدادات الطبية، وضمان إتاحتها على مدى واسع وبأسعار ميسورة. وأكدوا دعمهم الكامل لمنظمة الصحة العالمية، وتعزيز صلاحياتها، والعمل بشكل عاجل لسد فجوة التمويل في خطتها الاستراتيجية للتأهب والاستجابة، وتقديم موارد فورية لها، داعين جميع الدول والمنظمات الدولية، والقطاع الخاص، والمؤسسات الخيرية، والأفراد إلى الإسهام في هذه الجهود. كما كلّفوا وزراء الصحة بالاجتماع شهر أبريل (نيسان) المقبل لإعداد حزمة من الإجراءات العاجلة حول تنسيق الجهود لمواجهة الفيروس. وطلبوا من منظمة الصحة العالمية، التعاون مع المنظمات المعنية بتقييم الفجوات المتعلقة بالتأهب لمواجهة الجوائح، وذلك بغية تأسيس مبادرة عالمية بهذا الشأن. كما التزموا بالقيام باستخدام جميع أدوات السياسات المتاحة للحد من الأضرار الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الجائحة، واستعادة النمو العالمي، والحفاظ على استقرار الأسواق وتعزيز المرونة. وأشار البيان إلى أن دول العشرين أكدت القيام بتوفير أكثر من 5 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، والعمل بشكل وثيق مع المنظمات الدولية لتقديم المساعدة المالية الدولية المناسبة بشكل عاجل، مطالبين منظمة العمل الدولية ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية مراقبة تأثير الوباء على التوظيف والعمل. كما التزموا بمواصلة العمل معاً لتيسير التجارة الدولية، وتنسيق الاستجابات المرتبطة بها، مكلفين وزراء التجارة بتقييم أثر الجائحة على القطاع. وتابعوا: «سنعمل بشكل سريع وحاسم مع المنظمات الدولية الموجودة في الخط الأمامي؛ لتخصيص حزمة مالية قوية ومتجانسة ومنسقة وعاجلة، ومعالجة أي ثغرات في حزمة الأدوات الخاصة بهم. والاستعداد لتقوية شبكات الأمان المالية الدولية»، داعيين جميع هذه المنظمات إلى تكثيف تنسيق الإجراءات فيما بينها، بما في ذلك مع القطاع الخاص؛ لدعم البلدان الناشئة والنامية التي تواجه صدمات صحية واقتصادية واجتماعية جراء الفيروس. وأعرب القادة عن قلقهم البالغ حيال المخاطر التي يواجهها اللاجئون والمشردون، معتبرين تدعيم الأمن الصحي في أفريقيا أمراً جوهرياً للمتانة الصحية العالمية، مشيرين إلى أنهم سيعملون على تعزيز بناء القدرات وتقديم المساعدات الفنية، وتحديداً للمجتمعات المعرضة للخطر، كما أنهم على استعداد لحشد التمويل الإنساني والتنموي. وقدّروا الجهود المبذولة لحماية صحة الأفراد من خلال تأجيل الفعاليات العامة الكبرى، وخاصة قرار اللجنة الأولمبية الدولية بتأجيل دورة الألعاب الأولمبية لموعد غير محدد قبل صيف عام 2021. مؤكدين أنهم على أتم الاستعداد للاستجابة الفورية، واتخاذ أي إجراءات إضافية لازمة، والاستعداد كذلك للاجتماع مرة أخرى حسب ما تقتضيه الحاجة، لافتين إلى أن العمل والتضامن والتعاون الدولي أصبح ضرورياً أكثر من أي وقت مضى، وأنهم على ثقة بتمكّنهم من التغلب على الجائحة بالعمل معاً بشكل وثيق.
مشاركة :