ماذا سيحصل بأولئك الذين لا يجدون قوت يومهم؟ وتلك الأسر المحتاجة لدواء لمريضهم؟"، أسأل السؤالين دون أي جلدٍ لذاتنا وبلدنا ومؤسساته وإدارة جلالة الملك الحصيفة للأزمة مع فايروس كورونا المستجد أو كما يسميه العلم Covid 19.ندرك جيداً أن الأزمة كبيرة، وندرك أيضاً أنها تفرض تحديات من النوع غير المألوف سابقاً، فأظن أن أحداً منا لم يكن يقدّر أن يأتي علينا يومٌ نعاني فيه من عدم قدرتنا على الحركة خارج منازلنا وأحيائنا بحُرية؛ ولكني كسيدة تعمل طوال الوقت لصالح أولئك الذين لا يجدون قوت يومهم، أسأل فعلاً إذا ما كان حُسب حسابهم ولو في تأمين تنقلاتنا- نحن الراغبين في المساعدة- منهم وإليهم.قُبيل فرض حظر التجول خرجتُ بحملةٍ لبعض المخيمات، وزّعت فيها "اللي فيه النصيب" وبالتأكيد أني لم أستطع كفاية كل الأسر كل احتياجاتها، خصوصا وأن المخيمات في الأردن كما نعرفُ جميعاً "بؤرٌ للفقر والمرض معاً"، وهذا ما يجعل زيارة واحدة أو حتى عشرة مني ومن أمثالي لا تكفي أهالي المخيمات جميعاً كل احتياجاتهم.طوال الوقت، كنتُ مسكونةً بهؤلاء وأفكّر فيهم بصورة متواصلة، ولكني اليوم أتابع حالات أردنيين خارج المخيمات وفي قلب المحافظات والعاصمة، ممن باتوا غير قادرين على تأمين أولى الاحتياجات من غذاء ودواء لأسرهم نظرا للإغلاق الاقتصادي المتوقع أن يطول.في هذه الحالة أتواصل مع كثر من الميسورين ونتفق على ضرورة المساعدة والاهتمام، ولكننا جميعا للأسف غير قادرين على الحركة ولا نجد أيضاً مؤسسة أو آلية لدى الدولة لتحمي هؤلاء من الجوع وأحياناً الموت خطأً ضمن الحماية من الفايروس بدلا من كورونا نفسه- حمانا الله جميعاً منه ومن كل الأمراض-.اليوم ومع متابعة الحالة العالمية للفايروس وطرق محاربته ومتابعته، أجد أن الإغلاقات قد تستمر لمدة أطول من المتوقع، ويمكننا جميعاً أن نتابع أن الدولة بدأت فعلاً فتح بعض المرافق حمايةً لاحتياجات الأردنيين، ولكن من غير العدل أن نحمي حاجيات فقط من يستطيع شراء حاجياته.أعرف عددا من أصحاب التصاريح، وأعرف أنه من الممكن الاستعانة بهؤلاء، إلا ان ذلك لن يكون بحال من الأحوال لا قانونيّ ولا مستدام، كما لن يخدم الهدف الأهم الذي أرى كثراً من الأردنيين بحاجة طريقة واضحة للعمل عليه، ألا وهو التكافل الحقيقي.من هنا أسأل: لماذا لا يتم منح تصاريح يومية: ليوم او اثنين لمساعدة من يريدون المساعدة من أشخاص وجمعيات في إيصال الادوية والاحتياجات للأسر المستورة في بلادنا؟، وبالتزامن تسجيل هذه الأسر وحالاتها والتي أعرف كوزيرة تنمية اجتماعية سابقة أنها غير موجودة جميعاً بالسجلات الخاصة بالدولة.كما هنا تبرز حاجتنا لإحصاء العاملين بنظام المياومة ومعرفة عدد الأردنيين الذين لا يتمتعون بالأمن الغذائي والاقتصادي الكافيين لغدٍ صعب.كل هذه البيانات تحتاجها الدولة وأعرف أننا لدينا بعض القصور فيها، إلا اننا اليوم بحاجة حقيقية لهذه البيانات لمساعدتنا جميعاً لاحقا في أنسنة إجراءاتنا وفي تعاطينا مع فئات قام الأردن على سواعدهم وسواعد أبنائهم، لإيجاد وسيلة أكثر امناً صحّيا واجتماعيا وتضمن كفاية الجميع.لا نحتاج في أزمة كهذه لعائلات مخذولة ولا جائعة، نحتاج أن يشعر الجميع بأن الأردن رحبٌ لنا جميعاً كما وجهنا جلالة الملك دوماً، وألا ينام في الأردن جائع ولا مريض بلا علاج له أو لأولاده.حُرقتي كبيرة اليوم، فشعور العجز عن مساعدة أشخاصٍ يتأملون بنا موجع.. ولكني كلّي ثقة بأننا معاً نستطيع إيجاد الحلول الامنة، وأننا لن نجعل الأمن الصحي لعنةً إضافية على الفقير والمحتاج.
مشاركة :