في قفزة هائلة في البحوث الدوائية، أعلن الباحثون اكتشاف نوع جديد من مركب مضاد حيوي قادر على قتل العديد من أنواع البكتيريا الضارة، بما في ذلك السلالات القاتلة المضادة للمضادات الحيوية، ولعل الملفت في نتائج هذا البحث الذي نشر في دورية الخلية، هو أن الباحثين المشاركين من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة هارفارد وجامعة ماكماستر، استخدموا التعلم الآلي، وهو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي لاكتشاف المضادات الحيوية الجديدة الخارقة، وهو إنجاز يبشر بتعطيل البحوث التقليدية لعمليات تطوير الأدوية. وحسب الباحثين فإن مقاومة المضادات الحيوية هي تهديد عالمي يتفاقم بسبب الإفراط في استخدام المضادات الحيوية في الماشية، وانتشار مضادات الميكروبات في المنتجات الاستهلاكية، والإفراط في استخدام الوصفات الطبية في الرعاية الصحية، وعلى الرغم من أن تقدير التأثير المستقبلي لذلك يعد هنا أمرًا صعبًا، فإن بعض التقارير توقعت أنه بحلول عام 2050 يمكن أن ينتج ذلك نحو 10 ملايين حالة وفاة سنويًا. وحسب الخبراء فإن مكافحة مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات تتطلب إدخال مركبات جديدة إلى السوق، ومع ذلك فإن عملية اكتشاف العلاجات الدوائية طويلة ومحفوفة بالمخاطر، ويتطلب الأمر في المتوسط من 10 إلى 15 عامًا؛ لتطوير عقار حتى طرحه بالأسواق، وتتضمن الطرق التقليدية لاكتشاف المضادات الحيوية عادة إجراء فحص لفترات طويلة وقواعد بيانات كيميائية كبيرة، وهنا يختصر التعلم الآلي ذلك للتعرف على الأنماط بكميات كبيرة من البيانات المعقدة. وخلال بحثهم الأحدث قام الباحثون بتدريب شبكة عصبية عميقة للتنبؤ بالجزيئات ذات الخصائص المضادة للجراثيم، ثم تم تحديد المتسبب المحتمل المضاد للمضادات الحيوية، وتحديد المثبطات القادرة على التعامل معه، فنتج المضاد الجديد الذي أطلق عليه الباحثون هايلسين، وهو الاسم المستوحى من اسم جهاز الكمبيوتر الوهمي الخارق في إحدى روايات الخيال العلمي. وقد أفاد الباحثون بأن المضاد الجديد متباين هيكليًّا عن المضادات الحيوية التقليدية، ويعرض نشاط مبيد للجراثيم ضد طيف واسع من مسببات الأمراض، فيما يسلط الضوء على التأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه التعلم الآلي على جهود اكتشاف المضادات الحيوية المبكرة، فبالإضافة إلى تحديد جزيئات الدواء، يمكن استخدام قدرات التعرف على الأنماط للتعلم العميق للتنبؤ بنتائج التفاعل العضوي وأداء الدواء والسمية قبل التجارب السريرية، كما يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي على تصميم الجزيئات وتسريع التوليف وإعادة تخليق الجزئيات بمساعدة الكمبيوتر، ومن ثم من المحتمل أن يؤدي نشر تعلم استخدام الذكاء الاصطناعي في اكتشاف العقاقير إلى تقصير دورة تطوير العقاقير، كما أنه من المحتمل أن يتفوق بشكل كبير على عملية صناعة الأدوية الحالية في المستقبل غير البعيد.
مشاركة :