كوفيد-19 لا يميّز بين شخص وآخر، تمامًا كما يجدر بعمليّة تصدّينا للوباء أن تكون

  • 3/25/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

بينما يواجه العالم وباء فيروس كورونا المستجدّ، حيّت شبكة الأمم المتحدة المعنيّة بالهجرة الجهود الهائلة المبذولة حتّى اليوم لمكافحة هذه الأزمة، وحثّت على شمل الجميع، بما في ذلك المهاجرون بغض النظر عن وضعهم من الهجرة، في الجهود المبذولة للتخفيف من أثر هذا المرض ودحره. وتحقيقًا لهذه الغاية، يجب اعتبار المهاجرين من الضحايا المحتملين، وكجزء لا يتجزأ من أي عمليّة تصدٍّ فعّالة للصحة العامة. ومن المهمّ أيضًا أن تبذل جميع السلطات قصارى جهدها لمواجهة كره الأجانب، بما في ذلك عندما يتعرّض المهاجرون وغيرهم للتمييز أو العنف المرتبط بأصل الوباء وتفشّيه. ولا يميّز فيروس كورونا بين شخص وآخر، تمامًا كما يجدر بعمليّة تصدّينا للوباء أن تكون، إذا ما رغبنا في أن تنجح مساعينا. ويؤثّر اعتماد نهج شامل لمواجهة هذه الأزمة على الصحة العامة على المستويَين الوطني والمحلي، وعلى الإسكان والسياسات الاقتصادية. ويواجه المهاجرون والأشخاص المتنقلون نفس التهديدات الصحية التي يواجهها السكان المضيفون، ولكنهم قد يتعرّضون لمخاطر إضافيّة بسبب ظروف رحلتهم وتردّي ظروف عيشهم وعملهم. فغالبًا ما يواجه المهاجرون عقبات لا طائلة لها عند الحصول على الرعاية الصحية، منها عدم إمكانية الوصول إلى الخدمات، واللغة والحواجز الثقافية، والكلفة، وغياب السياسات الصحية الشاملة للمهاجرين. كما تساهم الحواجز القانونية والتنظيمية والعملية للرعاية الصحية بالإضافة إلى التحيّز في تفاقم هذه العقبات. فإذا كان المهاجر يخشى الترحيل أو الانفصال الأسري أو الاحتجاز، قد لا يرغب في الوصول إلى الرعاية الصحية أو تقديم معلومات عن حالته الصحية. وفي الكثير من الأحيان، يُحرم الملايين من الأشخاص، بمن فيهم المهاجرون، من الحقّ في مستوى معيشي لائق، بما في ذلك السكن والغذاء والمياه والصرف الصحي، ولا يجدون خيارًا سوى العيش في ظروف غير صحية يطغى عليها الاكتظاظ، مع إمكانية محدودة أو معدومة للوصول إلى الخدمات الصحية. وتزيد هذه الظروف من تعرّض المجتمعات والمهاجرين للمرض، وتعيق بشكل كبير قدرة السلطات على إجراء الفحوصات المخبريّة بصورة مبكرة وتشخيص المرض وتقديم الرعاية بشكل فعال من أجل اتّخاذ تدابير شاملة فعالة للصحة العامة. ومن الضروري أن تتّخذ السلطات الحكومية على المستويين الوطني والمحلي التدابير اللازمة لحماية صحة جميع الذين يعيشون في ظروف غير آمنة والأكثر ضعفًا بغض النظر عن وضعهم. كما يجب أن تتضمّن التدابير قدرًا كافيًا من سبل الوقاية والفحوصات المخبريّة والعلاج، وتحسين إمكانيّة وصول المشرّدين إلى ملاجئ الطوارئ بدون عوائق تتعلق بوضع الهجرة، بالإضافة إلى تعليق عمليات الإخلاء. وفي حين اختار العديد من البلدان تشديد الرقابة على الحدود في محاولة لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجدّ، من الضروريّ أن يتمّ تنفيذ هذه التدابير بطريقة غير تمييزية، بما يتماشى مع القانون الدولي، وإعطاء الأولوية لحماية الأكثر ضعفًا. كما يجب تنفيذ سياسات وممارسات الإنفاذ، بما في ذلك الإعادة القسرية والاحتجاز بسبب وضع الهجرة، بما يتماشى مع حقوق الإنسان، كما قد تحتاج إلى تعديل لضمان توافقها مع استراتيجيات الصحة العامة الفعالة والحفاظ على الظروف المناسبة. وفي هذا السياق، من الضروريّ ألا تؤثّر أي قيود مفروضة على حرية التنقل على حقوق الإنسان والحقّ في طلب اللجوء من دون مبرّر، وأن تطبق القيود بطريقة متناسبة وغير تمييزية. كي تكون عمليّة تصدّينا لهذا الوباء فعالة، علينا أن نتغلّب على العوائق الحالية التي تحول دون التغطية الصحية الكافية والمقبولة التكلفة والشاملة فعلاً. ويعدّ شمل جميع المهاجرين والفئات المهمشة في جميع جوانب التصدّي لفيروس كورونا المستجدّ، ضروريًا سواء عند النظر في سبل الوقاية أو الكشف أو الوصول العادل إلى العلاج أو الرعاية أو تدابير الاحتواء أو ظروف العمل الآمنة. ويجب أن تُشرِك الرسائل الخاصة بالمخاطر وكيفية الحماية من الفيروس، جميع المجتمعات وأن تكون متاحة بلغات ونسخ قابلة للفهم يمكن الجميع الوصول إليها. غالبًا ما تكون مراكز احتجاز المهاجرين مكتظة للغاية وتفتقر إلى الرعاية الصحية والصرف الصحي الكافيين. ولتجنّب تفشّي الفيروس بصورة سريعة، على الدول أن تتّخذ التدابير اللازمة لحماية صحّة المهاجرين في هذه المرافق وأن تعتمد على وجه السرعة بدائل للاحتجاز كتدبير للتخفيف من هذه المخاطر. ومن المهم أيضًا أن تشمل التدابير المعتَمَدة للتخفيف من الانكماش الاقتصادي الناجم عن فيروس كورونا المستجدّ المهاجرين. فغالبًا ما ينتمي المهاجرون وأسرهم إلى فئات مهمّشة وضعيفة تعاني أصلاً صعوبات اقتصادية نتيجة تدابير الاحتواء. وقد يؤثّر إغلاق الأعمال والمؤسّسات بسبب الوباء على العمال ذوي الأجور المنخفضة وعلى العاملين في القطاع غير الرسمي، بما في ذلك الشباب والنساء، الذين غالبًا ما يشغلوا وظائف غير مستقرّة أو مؤقتة ويفتقرون إلى الحماية الاجتماعية، والإجازة المرضية المدفوعة الأجر، ودعم الأجور المفقودة. وقد يتأثّر العمّال المنزليّين بشكل أكثر حدة بتدابير الفصل الاجتماعي والعزل في منازل أصحاب العمل، ويعانون التمييز. وتبرز ضرورة الاهتمام بشكل خاص بالعمال الذين يواصلون تأمين خدمات أساسيّة لا غنى عنها خلال الوباء، على غرار العاملين في اقتصاد الرعاية، وقطاع الخدمات واقتصاد العربة، وضمان حماية مستحقّاتهم وحقوقهم الأساسية في العمل، ومعظمهم من المهاجرين. ونرحب بالتدابير التي اتّخذتها الدول الأعضاء بتمديد تأشيرات العمل والخطوات المناسبة الأخرى للتخفيف من القيود التي يواجهها العمال المهاجرون وأسرهم بسبب إغلاق الأعمال والمؤسسات، وضمان حماية حقوق الإنسان الدولية الخاصة بهم، بما في ذلك حقوقهم العمالية. لن نتمكّن من التغلب على هذه الأزمة العالمية بحجمها غير المسبوق إلا من خلال اعتماد نهج شامل حقًّا، لا يهمل أحدًا ولا يترك أحدًا وراءه.

مشاركة :