من كل بستان زهرة

  • 3/28/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

‏ليس الأدب بمجازاته اللغوية بعيداً عن الفيزياء، أبداً، ‏فهو مثلها يبوح عن (الانكسارات) ولكن على طريقته الخاصة. ما الذي يريده الإنسان بعد أن شوه «النافذة» بـ»النفوذ»، ‏حتى بالأمور اللغوية؛ الإنسان يسيء أحياناً من حيث يريد أن يُحسِن. «بطول» يستخدمها كبار السن لوصف الرجل غير السوي في تعاملاته وبالذات المالية والتجارية، لم أصل لاستنتاج مصدرها اللغوي إلا مؤخراً ولم يدر في خلدي أنها مرتبطة بـالباطل سوى اليوم. (يا ولد، يا وله، يله، يلا).. ذلك مثال من بعض الكلمات المحكية في عالمنا العربي في واقعنا اليومي والتي تسير على هذا النسق، لا أعرف ماذا يسمى ذلك في علم اللسانيات؛ ولكن ربما أستطيع الاجتهاد بتسميته (التآكل). «أكسر رأسك» جملة شبابية تذكر في حالات مخصوصة، فما هي جذورها اللغوية النفسية؟ وهل نستطيع من خلالها استنباط طريقة تفكير مجتمع وحياته؟. الفهم الشامل يحتاج أحياناً للفهم الدقيق للكلمات فمثلاً «ليس بارداً» ليس بالضرورة أن يكون المقصود بها «حاراً».  «التقاء»، «التواء».. واهمٌ جداً من يعتقد بوجود فارق بينهما. «الدأب» هو ما يقتل؛ هو ما يجعل تقريب المحسوس بالمشاهد قابلاً للتحقق. إلى وقت قريب، كانت مفردة (أحسِّن) تعني تجميل الشعر في الحلاق عند آبائنا، قبل أن تحل محلها مفردة (أحلق). لا أعرف ارتباط الأخيرة بمفردة (التحليق) المرتبطة بـالطيران، ولكن من الذي يطير لحظتها أهو الشَعر أم صاحبه حين يشعر بـالخفة حين الانتهاء. ‏في كل أشكاله الضمير يصعب التعامل معه؛ حتى في حالته اللغوية يظل مربكاً، مثلما يتعب الإنسان ضميره الحي على المستوى الإنساني كذلك يُتعِب متعلم اللغة الضمير بشكله اللغوي، صعوبة المفردات يستطيع المتعلم التغلب عليها بالحفظ بينما تجد فهم المتعلم لاستخدامات الضمائر اللغوية في حالاتها المتنوعة يستغرق زمناً يطول وجهداً ذهنياً يبلغ مدىً صعباً، عن تجربة طالباً ومعلماً؛ لو سألت متعلم لغة عن أحد أصعب ما يواجهه في تعلم أي لغة لقال على الفور: الضمير، ليس صعباً على الدراسات التحليلية الوصول لهكذا نتيجة. تحبس الكلمة يحبسك الزمن.

مشاركة :