قبل شهر تقريبًا كتبتُ هنا بأن بعض الكراسي العلمية البحثية في جامعاتنا السعودية مُعطَّلة؛ إما لأنها حِبر على ورق، بعد أن تخلَّى عنها داعموها؛ لأنهم إنما أُطْلِقَوها لمجرد الحضور الإعلامي، أو لأن دراساتها وأبحاثها كانت ومازالت خالية الدّسَم، وحبيسة الملفات والأدراج!! يومها أَكّدتُ بأنّ هناك استثناءات، وتجارب وكراسي علمية ناجحة، ومنها اليوم (كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). فهذا الكرسي الذي انطلق في الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة قبل خمس سنوات تقريبًا كان من أهم أهدافه: إيجاد حلول علمية وعملية مبتكرة لمعالجة الأفكار والسلوكيات التي تؤرق المجتمع، وكذا تدريب الكوادر المعنية بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وحقيقة، فقد نجح الكرسي من خلال فعاليات دورته الأولى في تحويل أهَدافه إلى واقع ملموس وبرامج تفاعلية؛ حيث نظم مؤتمرًا دوليًا ناقش المستجدات المعاصرة في ميدان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. أيضًا تبنَّى الكرسي العديد من الدراسات العلمية المهمة ومنها: (ظاهرة الشذوذ الجنسي: أسبابه وسُبل الاحتساب عليه)، ودراسة (التدابير الواقية من الانحراف الخلقي في شبكة المعلومات)! هذا بالإضافة لعشرات الأبحاث والندوات المتخصصة، وكذلك الحقائب التدريبية العمليّة التي نُفِّذت في مختلف مناطق المملكة، وأَفَاد منها المئات من منسوبي الهيئة وغيرهم من المَعْنيين والمهتمين! ولأنّ (الكرسي) يعكفُ هذه الأيام على رسم خطته الإستراتيجية لدورته الثانية، أتمنى أن تشتمل على استراتيجيات تُشَخِصُ الواقع، وتَتَلَمّس مسارات المستقبل، كما أرجو أن يكون فيها توسُّع في الدورات التدريبية، وحضور في البرامج الإعلامية، أما الأهم فأراه في العمل على ِتَحويله -بما حققه من نجاحات- إلى بيت خبرة مُتخَصّص! أخيرًا كرسي الأمير نايف بن عبدالعزيز لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من النماذج المشرِّفة في مجاله، فالشكر لجميع منسوبيه وعلى رأسهم أستاذه فضيلة الدكتور غازي بن غزاي المطيري، وهذه دعوة لبقية الكراسي العلمية في جامعاتنا السعودية لاستنساخ تجربته الناجحة. aaljamili@yahoo.com
مشاركة :