المشروعات الصغيرة والمتوسطة.. بذرات نجاح تقطف الأوطان ثمارها

  • 6/14/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

رغم اختلاف التعاريف الأكاديمية حول "المشروعات الصغيرة والمتوسطة" إلا أن هناك إجماعا بين المختصين والاقتصاديين حول الدور الكبير الذي تلعبه هذه المؤسسات في دعم الاقتصاد الوطني لأي بلد بالإضافة إلى توفير عدد من الوظائف لأبناء هذه البلاد. هذا الاختلاف بين الأكاديميين والممارسين أكدته إحدى الدراسات الصادرة عن معهد ولاية جورجيا حيث بينت أن هناك أكثر من (55) تعريفاً للمشروعات الصغيرة والمتوسطة في (75) دولة، مضيفة أن تعريف المنشآت الصغيرة والمتوسطة يعتمد على مجموعة من المعايير منها عدد العمال، حجم رأس المال، أو خليط من المعيارين معاً، وهناك تعريفات أخرى تقوم على استخدام حجم المبيعات أو معايير أخرى. فالبنك الدولي على سبيل المثال يعرّف المشروعات الصغيرة والمتوسطة باستخدام معيار عدد العمال والذي يعتبر معياراً مبدئياً، وتعتبر المنشأة صغيرة إذا كانت توظف أقل من 50 عاملاً، وهناك العديد من دول العالم التي تستخدم هذا المعيار لتعريف المنشآت الصغيرة والمتوسطة، ففي الولايات المتحدة الأمريكية، وايطاليا وفرنسا تعتبر المنشأة صغيرة ومتوسطة إذا كانت توظف حتى 500 عامل، وفي السويد لغاية 200 عامل، وفي كندا واستراليا حتى 99 عاملاً، في حين أنها في الدنمارك هي المنشآت التي توظف لغاية 50 عاملاً. تعدد التعاريف والخصائص يدخل المتابع غير المتخصص في حيرة كبيرة من أمره الأمر الذي دفع بعض الجهات لتقديم إيضاحات وتفسير عن هذه المشروعات والشركات للمتابعين أو للراغبين في خوض غمار التجارة الحرة وهو ما دفع " برنامج بادر لحاضانات التقنية" لتقديم شرح واف وكامل من خلال موقعه الإلكتروني وذلك عبر تقرير مفصل للدكتور ماهر حسن المحروق والدكتور إيهاب مقابلة. حيث يوضح التقرير أن للمشروعات الصغيرة والمتوسطة عدة مميزات وخصائص منها: 1- مالك المنشأة هو مديرها، إذ يتولى العمليات الإدارية والفنية، وهذه الصفة غالبة على هذه المشروعات كونها ذات طابع أسري في أغلب الأحيان. 2- انخفاض الحجم المطلق لرأس المال اللازم لإنشاء المشروعات الصغيرة وذلك في ظل تدني حجم المدخرات لهؤلاء المستثمرين في المشروعات الصغيرة والمتوسطة. 3- الاعتماد على الموارد المحلية الأولية، مما يساهم في خفض الكلفة الإنتاجية وبالتالي يؤدي إلى انخفاض مستويات معامل رأس المال/العمل. 4- ملاءمة أنماط الملكية من حيث حجم رأس المال وملاءمته لأصحاب هذه المشروعات، حيث إن تدني رأس المال يزيد من إقبال من يتصفون بتدني مدخراتهم على مثل هذه المشروعات نظراً لانخفاض كلفتها مقارنة مع المشروعات الكبيرة. 5- تدني قدراتها الذاتية على التطور والتوسع نظراً لإهمال جوانب البحث والتطوير وعدم الاقتناع بأهميتها وضرورتها. 6- الارتقاء بمستويات الادخار والاستثمار على اعتبار أنها مصدر جيد للادخارات الخاصة وتعبئة رؤوس الأموال. 7- المرونة والمقدرة على الانتشار نظراً لقدرتها على التكيف مع مختلف الظروف من جانب مما يؤدي إلى تحقيق التوازن في العملية التنموية. 8- صناعات مكملة Subcontractors للصناعات الكبيرة وكذلك مغذية لها. 9- صعوبة العمليات التسويقية والتوزيعية، نظراً لارتفاع كلفة هذه العمليات، وعدم قدرتها على تحمل مثل هذه التكاليف. 10- الافتقار إلى هيكل إداري، كونها تدار من قبل شخص واحد مسئول إدارياً ومالياً وفنياً. 11- تكلفة خلق فرص العمل فيها متدنية مقارنة بتكلفتها في الصناعات الكبيرة. يلاحظ التقرير أن خصائص المشروعات الصغيرة والمتوسطة منها ما هو سلبي ومنها ما هو ايجابي، غير أن الجوانب السلبية في هذه المشروعات لا ترجع إليها مباشرة بقدر ما هي مرتبطة بالمشكلات التي تواجهها، مؤكدا في الوقت نفسه أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمكنها الاستمرار مدة طويلة دون تحقيق أرباح، ولكنها سرعان ما تنهار حين تواجهها دفعة مالية حرجة لا تقبل التأجيل، ولذلك فإن التدفقات النقدية المباشرة لمثل هذه المشروعات أكثر أهمية من حجم الربح أو عوائد الاستثمار. دور ومساهمة المشروعات الصغيرة والمتوسطة في الاقتصادات الوطنية جرت العادة أن يتم قياس دور المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومساهمتها في الاقتصاد من خلال ثلاثة معايير رئيسية هي المساهمة في التشغيل، الإنتاج وحصتها من العدد الكلي للمنشآت في الاقتصاد، وتظهر أهم المزايا لهذه المنشآت فيما يلي: 1- توفر المشروعات الصغيرة والمتوسطة مصدر منافسة محتمل وفعلي للمنشآت الكبيرة وتحد من قدرتها على التحكم في الأسعار. 2- تعتبر هذه المنشآت المصدر الرئيس لتوفير الوظائف في الاقتصادات المتقدمة والنامية على حد سواء. 3- هذه المنشآت عبارة عن بذور أساسية للمشروعات الكبيرة، مثلاً شركة بنيتون، وبناسونيك. 4- تمتاز هذه المشروعات بأنها توفر بيئة عمل ملائمة حيث يعمل صاحب المشروع والعاملون جنباً إلى جنب لمصلحتهم المشتركة. 5- هذا النوع من المشروعات يساعد في تطوير وتنمية المناطق الأقل حظاً في النمو والتنمية وتدني مستويات الدخل وارتفاع معدلات البطالة. 6- تعتبر هذه المشروعات من المجالات الخصبة لتطوير الإبداعات والأفكار الجدية. المعوقات والمشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة يوضح التقرير المنشور أن نمو وتطور قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة في كافة أنحاء العالم يواجه مجموعة من المشاكل، وهذه قد تكون مختلفة من منطقة لأخرى ومن قطاع لآخر ولكن هناك بعض المشاكل التي تعتبر مشاكل موحدة أو متعارفاً عليها تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في كافة أنحاء العالم، وتعتبر طبيعة المشاكل التي تتعرض لها المشروعات الصغيرة والمتوسطة متداخلة مع بعضها البعض، وبشكل عام يعتبر جزء من هذه المشاكل داخلياً وهي المشاكل التي تحدث داخل المؤسسة أو بسبب صاحبها، في حين أنها تعتبر مشاكل خارجية إذا حدثت بفعل تأثير عوامل خارجية أو البيئة المحيطة بهذه المنشآت، ومن خلال مراجعة الأدبيات والدراسات السابقة بهذا الخصوص، كان بالإمكان تلخيص أهم المشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة وبشكل عام في كافة أنحاء العالم: 1- كلفة رأس المال: إن هذه المشكلة تنعكس مباشرة على ربحية هذه المشروعات من خلال الطلب من المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدفع سعر فائدة مرتفع مقارنة بالسعر الذي تدفعه المنشآت الكبيرة، إضافة إلى ذلك تعتمد المنشآت الصغيرة والمتوسطة على الاقتراض من البنوك مما يؤدي إلى زيادة الكلفة التي تتحملها. 2- التضخم: من حيث تأثيره على ارتفاع أسعار المواد الأولية وكلفة العمل مما سيؤدي حتماً إلى ارتفاع تكاليف التشغيل. وهنا تعترض هذه المنشآت مشكلة رئيسية وهي مواجهتها للمنافسة من المشروعات الكبيرة مما يمنعها ويحد من قدرتها على رفع الأسعار لتجنب أثر ارتفاع أجور العمالة وأسعار المواد الأولية. 3- التمويل: تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة صعوبات تمويلية بسبب حجمها (نقص الضمانات) وبسبب حداثتها ( نقص السجل الائتماني ) وعليه، تتعرض المؤسسات التمويلية إلى جملة من المخاطر عند تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مختلف مراحل نموها. ( التأسيس – الأولية – النمو الأولي – النمو الفعلي – الاندماج ). ونظراً لهذه المخاطر تتجنب البنوك التجارية توفير التمويل اللازم لهذه المشروعات نظراً لحرصها على نقود المودعين. 4- الإجراءات الحكومية: وهذه مشكلة متعاظمة في الدول النامية خصوصاً في جانب الأنظمة والتعليمات التي تهتم بتنظيم عمل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. 5- الضرائب : يعتبر نظام الضرائب إحدى أهم المشاكل التي تواجه المشروعات الصغيرة والمتوسطة في جميع أنحاء العالم. وتظهر هذه المشكلة من جانبين سواء لأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة من حيث ارتفاع الضرائب وهي كذلك مشكلة للضرائب، نظراً لعدم توفر البيانات الكافية عن هذه المنشآت مما يضيق عمل جهاز الضرائب. 6- المنافسة: المنافسة والتسويق من المشاكل الجوهرية التي تتعرض لها المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وأهم مصادر المنافسة هي الواردات والمشروعات الكبيرة. 7- ندرة المواد الأولية: من حيث الندرة الطبيعية وعدم القدرة على التخزين وضرورة اللجوء إلى الاستيراد وتغيرات أسعار الصرف. مصادر تمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة ليس هناك من شك في أن جميع المشروعات الصناعية على مختلف مستوياتها، وسواء الجديدة منها أو القائمة، إنما تحتاج للتمويل المناسب والمهارات الإدارية الملائمة حتى تنمو وتحقق دخلا وربحا مقبولين وقد أصبح تطور المشروعات الصغيرة يشكل مفتاحاً مهماً لخلق فرص العمل وللتنمية الاجتماعية والاقتصادية المتكافئة، وخصوصاً بالنسبة للفئات والمجتمعات الفقيرة والأقل حظاً. ويضيف التقرير أن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة تحتاج إلى التمويل في فترات حياتها بدءاً بتأسيس المشروع وانطلاقه، وأثناء تطويره وتنميته وتحديثه، وكذلك في حالة استعداد المشروع أو الصناعة إلى الانطلاق نحو الأسواق التصديرية. وتحتاج المشروعات الصغيرة والمتوسطة للتمويل في مجالات البحث والتدريب ومتابعة الأسواق ومسايرة تطورات الإنتاج، إضافة إلى الحالات التي يتعرض فيها المشروع لأي حدث استثنائي. ويمكن حصر مصادر هذا التمويل في المدخرات الشخصية لمالك المشروع أو إجمالي المدخرات العائلية، إضافة إلى الاقتراض من البنوك التجارية في حالة الحاجة لذلك، أو من البنوك المتخصصة في توجيه التمويل نحو قطاع معين، والبنوك المتخصصة في تمويل القطاع الصناعي أو تمويل القطاع الزراعي، أو من مصادر أخرى تتمثل عادة في مؤسسات الإقراض المتخصصة، وعادة ما تكون هذه المؤسسات مدعومة من قبل الحكومة والجهات الرسمية. والقطاع المصرفي في أي دولة في العالم يتكون من : 1- البنك المركزي: وهو السلطة النقدية والمعنية بالإشراف والرقابة على الجهاز المصرفي. 2- البنوك التجارية: يقوم النظام المصرفي في أي دولة على مجموعة من المؤسسات التي يعتمد نشاطها على تجميع المدخرات المحلية لأفراد المجتمع، ووضعها في متناول المشروعات والأشخاص الراغبين في الحصول على القروض، ويقع على عاتق الجهاز المصرفي الذي يتكون من مجموعة من البنوك التجارية وبنوك الاستثمار، مسؤولية كبيرة تتمثل في حفظ مدخرات أفراد المجتمع، وتوجيهها نحو الاستثمارات في المشروعات الإنتاجية. محليا، يرى مختصون أن هناك مجموعة من التحديات والمعوقات التي تواجه قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة مقارنة بدول العالم المتقدم، إلا أنهم أكدوا على أن المملكة وضمن خططها التنموية والدعم الحكومي المتواصل استطاعت تذليل الكثير من التحديات والصعوبات أمام هذه المنشآت، وذلك من خلال توفير بيئة تشريعية تساهم في دعم وتطوير قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتطوير الأدوات التمويلية اللازمة لديمومتها بما يساهم في تحسين قدرتها التنافسية لتصبح هذه المشروعات قادرة على التصدير والمنافسة محلياً وخارجياً. وبينوا أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تواجه تحديات في الحصول على التمويل من البنوك التجارية في مختلف دول العالم، بسبب أن تلك المنشآت تحتاج للائتمان طويل الأجل الذي تفضل البنوك عدم اللجوء إليه، تخوفاً من تعرض هذه المنشآت للتعثر وعدم قدرتها على الالتزام بالسداد في المواعيد المحددة، مشيراً إلى أن برنامج كفالة لعب دوراً فاعلاً في توفير الضمانات اللازمة للبنوك لتمويل هذه النوعية من المنشآت، وذلك من خلال كفالة 80% من التمويل الممنوح للمنشأة وبحد أقصى 1.6 مليون ريال، الأمر الذى شجع البنوك المتعاونة مع البرنامج على زيادة حجم التمويل الممنوح. وفى الوقت الذي أكدوا على رغبة البنوك السعودية في تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، إلا أنهم طالب بضرورة نشر الوعي بأهمية تنظيم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة محاسبياً، وإيجاد كيانات مستقلة لها، بما يضمن حصولها على التمويل وفي الوقت نفسه تقليل المخاطر المترتبة على تمويلها، إلى جانب أهمية تسهيل الإجراءات الحكومية وتنظيم برامج التأهيل لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة وتمكينهم من الحصول على فرص الأعمال من خلال الشركات الكبرى. وفي موضوع متصل، طالبت أوراق عمل قدمت في منتدى المنشآت الصغيرة والمتوسطة الذي نظمته الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية بداية العام بوجود خطة وطنية شاملة تعنى بتطوير أداء المنشآت الصغيرة والمتوسطة بما في ذلك المنشآت الناشئة، وبين المشاركون أن غياب مثل هذه الخطة، تسبب في عدم مواءمة أهداف تطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة مع الأولويات الوطنية المتمثلة في تحديد القطاعات ذات الأولوية التي يتعين التركيز عليها لتطوير المنشآت الصغيرة والمتوسطة بالشكل الذي يخدم احتياجات وأغراض التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المملكة، وفي الوقت نفسه يساعد على تحقيق الأهداف الاقتصادية لتلك المنشآت. واضافوا إن غياب مثل هذه الخطة أسهم بشكل كبير، في تشتت الجهود وضعف التنسيق بين الأجهزة الحكومية وجهات القطاع الخاص المعنية بتطوير قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة، كما أن غياب مثل هذه الخطة قلل من قيمة الحاجة إلى وجود إطار عمل شامل لتنسيق برامج المنشآت الصغيرة والمتوسطة، بحيث يتضمن مجموعة من الأهداف المحددة قابلة للقياس.

مشاركة :