عبدالعزيز أبو عباة يكتب: العلاقات الأسرية بين الواجب والجفاء

  • 3/29/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

العلاقات الأسرية علاقة مقدسة وقيمة مجتمعية مهمة حث عليها الإسلام وامر بها يقول تعالى (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ) وهكذا عظم الله شأن العلاقات الأسرية ووصف من قطعها بأنه مفسد في الأرض بل إن الاسلام اشترط لدخول الجنة على وجوب وصلها عن جبير بن مطعم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “لا يدخل الجنة قاطع”. وتظل العلاقات الأسرية سببًا في شيوع المحبة بين الناس ووسيلة للترابط والاجتماع فالإنسان بطبعة مدني ولا يستطيع أن يعيش بعيدًا عن أسرته وكيانه المجتمعي ولهذا تعظيم قيمة الأسرة وتنظيم العلاقات فيما بينها أضحى أمر مهم في ظل العولمة التي قربت المسافات وجعلت المجتمعات كأنها أسرة تعيش في قرية واحدة فالتواصل بينها أصبح أمرًا ميسورًا وعلى الرغم من الأهمية النسبية لهذه الميزة إلا أن العلاقات الأسرية أصبحت متباعدة ومتنافرة بسبب وسائل الاتصال في زمن العولمة التي قربت فعلًا المسافات إلا أنها باعدت بين الأرواح واختفت بين الناس لغة الجسد التي تعبر عن أحاسيس الإنسان ومشاعره تجاه أخيه الإنسان. وأصبحت الاتصالات والتواصل الجامد بين الناس مجرد أداء أو واجب ونوع من المجاملات والعلاقات العامة التي لا تحمل أي مغزى إنساني فصار الجفاء وتبلد المشاعر تسود بين الأفراد حتى المناسبات أضحت لا طعم لها ولا لون فاختفت مظاهر الفرح ومشاركة الناس أفراحهم بسبب الإكتفاء بوسائل الاتصال دون اللقاء وتجاذب أطراف الحديث وجهًا لوجه والسلام بالأحضان والاطمئنان عن الصحة والتعرف على الأحوال عن قرب ومد يد العون في حالات العوز والتي تعد قيمة تكافلية لا تتحقق إلا بالتواصل واللقاء فإذا فقد المجتمع هذه القيمة يكون المجتمع قد فقد أهم ركيزة مجتمعية إلا وهي الأحساس بالآخر والرحمة والتعاطف والتعاون وهي قيم جبل الله بها المجتمع المسلم وفي الحديث النبوي يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”. وفي تصوري إذا أردنا أن نعيد للعلاقات الأسرية نضارتها وحيويتها هو أن نجمع بين الحسنيين الإستفادة من وسائل العولمة في التواصل الأسري وكذلك تنظيم اللقاءات الأسرية التي تبدأ بالأسرة الصغيرة (أهل البيت) ثم الأسرة الكبيرة (الأهل والأقارب) ثم المجتمع الكبير بما يحقق الألفة والتعاضد والمحبة.

مشاركة :