كل ما تريد معرفته عن عبد الرحمن الشربيني الأمام الـ29 للأزهر

  • 3/29/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تحل اليوم الأحد، ذكرى تولي الشيخ عبد الرحمن بن محمد بن أحمد الشربيني، الفقيه الشافعي تولي منصب مشيخة الأزهر ليصبح بذلك الإمام التاسع والعشرون للأزهر الشريفنشأ في قريته شربين بمحافظة الدقهلية، وحفظ القرآن الكريم ثم قدم إلى القاهرة تمهيدًا للالتحاق بالأزهر، الذي درس به علوم الأزهر المقررة حينئذ مثل: التفسير، والحديث، والتوحيد، والتصوف، والفقه، وأصول الفقه، وعلم الكلام، والنحو، والصرف، والعروض، والمعاني والبيان، والبديع والأدب، والتاريخ، والسيرة النبوية، على يد كبار مشايخ عصره وظهر نبوغه ورشحه أساتذته للتدريس بالأزهر الشريف وكان فاهمًا لمشكلات الدراسة والتدريس ويميل إلى دراسة أمهات الكتب والمتون، وكان يحمل الطلبة على التعمق في أصول أمهات الكتب، ودراسة هذه المصنفات وكان الشيخ عازفًا عن الدنيا وزاهدًا فيها وكان مؤمنا بفكرة المحافظة على القديم مشفقًا على الأزهر من التطور "المذموم" فيهجر علوم الدين إلى علوم الدنيا. أخلاقه:كان "الشربيني" محبوبًا من أساتذته، معروفًا بينهم بالتقوى والصلاح والزهد، مشهورًا بحُبِّ التعمق في دراسة المصادر القديمة، ولما استوى عوده باشر التدريس، فلفت إليه الأنظار بعلمه الغزير مع تواضعه، وزهده، وشدة تمسكه بالتقاليد المتوارثة، وضيقه الشديد بحركات التجديد، وكان -وهو عالم كبير- يتواضع ويتطامن أمام شيوخه.ذكر الشيخ محمد سليمان في كتابه (من أخلاق العلماء): «أنه سمع من رأى الشيخ عبد الرحمن الشربيني الذي ولي مشيخة الأزهر، وقد جاء إلى الشيخ الأشموني العالم المشهور، فرآه مضطجعًا على جنبه، فوضع الشيخ الشربيني حذاءه بعيدًا، ثم أقبل متخضعًا حتى جثا ولثم يد الشيخ الأشموني، وقال محدثي: وكان الأشموني ربما قال له المرة بعد المرة: (إزيك يا عبد الرحمن) فيكون الشيخ كأنما حيته الملائكة».مكانته العلمية:شهد الجميع للإمام الراحل بالعلم الغزير، والثقافة الواسعة، ومن هؤلاء الشيخ الإمام عبد المجيد سليم فقال في معرض حديثه عن الشيخ الإمام محمد بن مصطفى المراغي: وكان له -أي المراغي- قدرة عظيمة على التعبير عن أفكاره في لفظ رائق، وأسلوب قوي، وبيان فصيح، وهذا هو السر في أنه ظهر بين شيوخ الأزهر مُبرزًا قويًّا مجلجلا قويًّا، وإن لم يكن أكثر علمًا من الشيخ أبي الفضل ولا من الشيخ الشربيني.ولايته للمشيخة:تولَّى الشيخ الإمام عبد الرحمن الشربيني مشيخة الأزهر في عام 1905م، بعد إلحاح من الخديوي عليه لقبول هذا المنصب، وأقام الخديوي حَفْلا كبيرًا خلع فيه كسوة التشريفة على الإمام الشربيني، وقال يومئذ:"إن الجامع الأزهر قد أسس وشُيِّدَ على أن يكون مدرسة دينية إسلامية تنشر علوم الدين في مصر وجميع الأقطار الإسلامية، وأول شيءٍ أطلبه أنا وحكومتي أن يكون الهدوء سائدًا في الأزهر الشريف، فلا يشتغل علماؤه وطلبته إلا بتلقي العلوم الدينية النافعة، البعيدة عن زيغ العقائد وتشعب الأفكار؛ لأنه مدرسة دينية قبل كل شيء"..وبعد فترةٍ مَرِضَ الشيخ الإمام الشربيني فلم ير الخديوي عزله، وإنما انتدب الشيخ محمد شاكر للإشراف على الأزهر نيابة عن شيخه حتى يتمَّ شفاؤه، فلمَّا برئ الشيخ من مرضه باشر عمله.ثم بعد ذلك بفترة حاول الخديوي أن يُطلقَ يده في شئون الأزهر من وراء ظهر شيخه، فأَبَي عليه الشيخ الإمام الشربيني، وبادر بتقديم استقالته من منصبه في السادس والعشرين من ذي الحجة سنة 1324هـ الموافق 9 من فبراير سنة 1907م، فقُبلت ثم أُعيدَ الشيخ حسونة النواوي إلى منصبه فتولى مشيخة الأزهر للمرة الثانية.موقفه من فكرة الإصلاح:الواقع أن الصراع بين القديم والحديث أمرٌ مألوفٌ في كُل زمان ومكان، وهذا الصراع يحفظ التوازن دائمًا بين جمود القديم وجموح الحديث، فيسير ركب الحياة في اتساق واتزان آخذًا من القديم ما أثبتت تجارب القرون الماضية نفعه، ومن الحديث ما تقتضيه سنة التطور والتقدم والارتقاء.وكبار المفكرين يتراوحون بين هذا الاتجاه وذاك بحسب مواهب كل منهم، واستعداده الفطري: فمنهم المحافظون، ومنهم التقدميون، ومنهم من يقوده التقليد إلى الجمود، ومنهم من يقوده التجديد إلى التبديد.وكان علماء الأزهر منقسمين إلى فريقين كبيرين: فريق يتمسك بالقديم ويحرص عليه ويقاوم كل حركة تجديدية ويكاد يُعدُّها هدمًا للأزهر وخروجًا على تعاليم الدين، وفريق يدعو إلى أن يخرج الأزهر من عزلته الفكرية ومن جموده على الأوضاع القديمة وأن يتجاوب مع حركات التجديد والإصلاح تبعًا لسنة الحياة.وكان الشيخ مؤمنًا بفكرة المحافظة، وكان مُشْفِقًا على الأزهر من أن يتطور به الأمر فيهجر علوم الدين إلى علوم الدنيا ويصبح مدرسة من مدارس وزارة التربية والتعليم. وكان رأيه أن يقتصر الأزهر على التخصص في علوم اللغة والدِّين ويترك المدارس الأخرى للتخصص في العلوم الحديثة كما شاء لها المشرفون عليها في ذلك الحين، وأن يبتعد الأزهر عن أهواء السياسة والحكام.

مشاركة :