يقول السجين شون هرنانديز، إنه يغطي فم وأنفه بقميص أو منشفة عندما يخرج من زنزانته إذ أن هذه الوسيلة هي الوحيد التي يمكنه أن يحمي بها نفسه من وباء كورونا الذي يجتاح الآن سجن جزيرة رايكرز في نيويورك. قال هرنانديز، الذي أدين بالشروع في القتل ودخل السجن قبل ثمانية أعوام، إن نزلاء السجن لا سبيل لهم إلى الحصول على قفازات أو أقنعة صحية وليس لديهم لغسل أيديهم سوى الماء البارد. وقال إن النزلاء شاهدوا إحدى الحارسات يوم الخميس كانت تسعل بشدة واحمر خداها ثم انهارت على الأرض. وأضاف: “نحن نتوسل للضباط من أجل إتاحة وسائل حماية أفضل لكنهم يهزون أكتافهم. وفي النهاية لسنا سوى نزلاء، مواطنين من الدرجة الثانية. نحن أشبه بالماشية”. وحتى يوم السبت، بلغ عدد المصابين بالفيروس 132 على الأقل من النزلاء و104 من العاملين في السجون في مختلف أنحاء مدينة نيويورك. ويبدو أن الفيروس ينتشر بسرعة في شبكة السجون التي تشتهر بتكدس المسجونين فيها. وقالت إدارة الإصلاح في المدينة إنها تتخذ تدابير عديدة لحماية النزلاء وامتنعت عن التعليق على ما رواه هرنانديز عن انهيار الحارسة المصابة بالعدوى. وفي مختلف أنحاء الولايات المتحدة تبلغ السجون ومراكز احتجاز المتهمين أثناء المحاكمات عن تسارع انتشار المرض الجديد وعن اتخاذ تدابير مختلفة لحماية السجناء. واكتشفت رويترز أن السلطات تخلي سبيل آلاف السجناء دون أي فحص طبي يذكر في بعض الحالات للتأكد مما إذا كانوا مصابين بفيروس كورونا ومعرضين لنقل العدوى لغيرهم. وأظهر مسح أجرته رويترز لمدن ومقاطعات تدير أكبر 20 سجنا في أمريكا أن السجون أبلغت منذ 22 مارس آذار عن إصابة 226 نزيلا و131 من العاملين فيها بمرض كوفيد-19، وهو الاسم الرسمي للمرض الذي يتسبب فيه الفيروس. ومن المؤكد أن هذه الأرقام أقل من الحقيقة نظرا لسرعة انتشار الفيروس. ومن مراكز انتشار المرض سجن مقاطعة كوك في شيكاجو بولاية إيلينوي. ومنذ تأكد أول حالة في السجن يوم الأحد أصاب الفيروس 89 نزيلا وتسعة من العاملين. وتنتظر السلطات نتائج فحص 92 نزيلا آخرين. وينادي المدافعون عن حقوق السجناء ومسؤولون محليون ومحامون ممن تعينهم المحاكم للدفاع عن المتهمين بالتعجيل بإخلاء سبيل السجناء. وقال أوي أوفير مدير شعبة العدل بالاتحاد الأمريكي للحقوق المدنية “كل يوم لا يتحرك فيه مسؤولو الحكومة هو يوم آخر تتعرض فيه الأرواح للخطر”. وتقاوم بعض الجماعات هذا الاتجاه. فقد وجهت جمعية مارسيز لو المدافعة عن حقوق الضحايا، والتي اشتقت اسمها من اسم شقيقة الملياردير هنري نيكولاس التي راحت ضحية جريمة قتل، انتقادات لقرارات الإفراج عن السجناء وقالت إنه ينبغي إخطار ضحايا الجرائم قبل الإفراج عمن ارتكبوها، وهي عملية قد تؤخر الإفراج عن بعض السجناء لأسابيع أو شهور. غير أن المسؤولين المشرفين على الإفراج عن السجناء في نيويورك ولوس انجليس وهيوستون ومدن كبرى أخرى يقولون إنهم لا يفرجون إلا عن السجناء من مرتكبي الجرائم البسيطة غير العنيفة. وقد أفرجت مدينة نيويورك عن 450 نزيلا في سجونها منذ عطلة الأسبوع الماضي في إطار مساعيها لاحتواء الفيروس الذي قتل أكثر من 28300 شخص منهم أكثر من 2050 في الولايات المتحدة. ويزيد عدد المسجونين في الولايات المتحدة عنهم في أي دولة أخرى إذ اقترب إجمالي عدد المحبوسين من 2.3 مليون في 2017، وفقا لإحصاءات وزارة العدل الأمريكية. وقال مسجون تم الإفراج عنه يوم الاثنين من سجن جزيرة رايكرز إن المرضى والأصحاء كثيرا ما يختلطون بكل حرية داخل السجن. وبعد اكتشاف إصابة سجين وحارس بالمرض في المنطقة التي تقع بها زنزانته بالسجن قال السجين إنه بدأ يقضي وقتا أطول في الزنزانة التي تسع فردين. لكنه يضطر للوقوف في طوابير مع بقية النزلاء على نافذة الأدوية للحصول على جرعته اليومية من دواء ميثادون المخصص لعلاج الإدمان. وقال السجين البالغ من العمر 32 عاما وتحدث شريطة عدم نشر اسمه “لا توجد حماية. تود لو ابتعدت عن الناس لكن ذلك ليس في استطاعتك”. وقالت إدارة الإصلاح في مدينة نيويورك إنها اتخذت تدابير لاحتواء المرض بما في ذلك توزيع أقنعة على النزلاء في المناطق التي اتضح حدوث إصابة بالعدوى فيها ودعوة النزلاء للتباعد عن بعضهم بعضا وتنظيف الزنازين وتوفير الصابون. وتخلي بعض السجون سبيل نزلاء ربما يكونون مصابين بالمرض. ففي مارييتا بولاية جورجيا أصيب أوبري هارديواي (21 عاما) بالكحة والصداع واحتقان الحلق وارتفاع درجة حرارته إلى 39.4 درجة مئوية أثناء وجوده في مركز احتجاز كوب كاونتي بتهمة السرقة. ويقول هارديواي إنه بعد أربعة أيام من مرضه تم فحصة لمعرفة ما إذا كان مصابا بالإنفلونزا وتم أخذ عينة من حلقه. وعندما اتضح أن النتيجة سلبية نقل إلى مستشفى قريب لإجراء فحوص أخرى. ويقول هارديواي إنه لم يتم إبلاغه قط بما إذا كان الفحص شمل فيروس كورونا. ويضيف أن طبيبا أوصى رجال الشرطة بوضعه في الحجر الصحي لكن تم الإفراج عنه بعد ساعات عقب عودته إلى السجن وسداد أصدقائه للكفالة. ويقول هارديواي إنه يعتقد أنه ربما يكون قد عرض نزلاء وحراسا ممن خالطهم للإصابة. وأظهر الفحص أن شرطيا واحدا على الأقل أصيب بالفيروس ووضع آخر في الحجر الصحي بعد ظهور أعراض عليه وفقا لما قاله مصدران مطلعان على ما يدور في السجن. ولم يرد مكتب رئيس شرطة كوب كاونتي على طلبات للتعليق. وبدأت بعض المحاكم تهتم بالأمر. فقد أصدر قاض اتحادي أوامره للسلطات الاتحادية بالإفراج الفوري عن عشرة أشخاص محتجزين في سجون بنيو جيرزي لحين النظر في قضاياهم المتعلقة بالهجرة. وأمر كبير القضاة في نيوجيرزي بالإفراج عن ألف سجين في مختلف أنحاء الولاية في بداية الأسبوع سعيا للحيلولة دون موتهم وراء القضبان. وقال نزلاء في سجون اتحادية إنه تم إلغاء بعض التجمعات الدينية والبرامج التعليمية وأغلب الزيارات. وقال ستيفن جونز (55 عاما) النزيل في سجن اتحادي في ليتلتون بولاية كولورادو “إذا دخل الفيروس هنا وكلنا نتوقع ذلك فالهلاك مصيرنا”.
مشاركة :