قبل 3 أسابيع، أقام جو بايدن ومنافسه بيرني ساندرز تجمّعات انتخابية جذبت الآلاف بينما زارا مرارا ولايتين في اليوم ذاته في إطار معركتهما الشرسة لكسب الأصوات. لكن المشهد تغير الآن مع تفشي فيروس كورونا المستجد الذي دفعهما للظهور على الإنترنت وحيدين من منزليهما.وأجبر المرشحان على إعادة تشكيل حملتهما الانتخابية استجابة للتبدلات التي أحدثها كورونا المستجد في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديموقراطي وفي جميع جوانب حياة الأميركيين.وأوقف بايدن، المرشح الأبرز البالغ من العمر 77 عاما، وساندرز (78 عاما) جميع الحملات الانتخابية التي يقومان بها شخصيا. ولم تعد تنظم أي تجمعات عامة مباشرة.وأجّلت عدة ولايات الانتخابات التمهيدية لديها على خلفية المخاوف المرتبطة بكورونا المستجد. وكانت نيويورك آخر ولاية تقوم بذلك السبت. ويستبعد إجراء مناظرة جديدة بين المرشحين.وفي هذه الأثناء، اختفى عشرات الصحافيين الذين كانوا يتابعون المرشحَين على مدى شهور عن الأنظار.ويبدو أنه حتى المؤتمر الوطني الديموقراطي المقرر في منتصف تموز/يوليو والذي يسمي الحزب خلاله رسميا مرشحه لمواجهة الرئيس دونالد ترامب في تشرين الثاني/نوفمبر، قد لا ينعقد.وقال ساندرز على الإذاعة الوطنية العامة الخميس «نقوم بحملة عن بعد».وبينما انتهى الأمر بالديموقراطيين وهم يجرون بثا حيا من منازلهم، تسلط الأضواء على ترامب الذي حُرم كذلك من إقامة تجمّعاته الانتخابية الصاخبة.وتتواصل إيجازات فريق العمل المتخصص بمكافحة كورونا المستجد الذي شكله البيت الأبيض لأكثر من تسعين دقيقة يوميا على القنوات التلفزيونية، ليتحدّث ترامب خلالها أحيانا لنحو ساعة كاملة.وبينما قوبلت طريقة تعامل الرئيس الجمهوري مع الأزمة بردود فعل متباينة، إلا أن نسب التأييد لأدائه في المنصب ارتفعت وبات في الواجهة كل يوم.وفي مساع يائسة للبقاء في الصورة، يشارك بايدن وساندرز في عدّة حلقات بث مباشر عبر الإنترنت تشمل اجتماعات لكل منهما مع مستشاره الصحي لمناقشة آخر تطورات كورونا المستجد.وتخيّم جواء الكآبة على معظم المناسبات على غرار الاجتماع العام عبر الإنترنت الذي نظّمته شبكة «سي إن إن» الجمعة بشأن كوفيد-19 والذي أجاب خلاله نائب الرئيس السابق بايدن على أسئلة الناخبين في مناطق تعد بين معاقل كورونا المستجد على مثل نيويورك.لكن نائب الرئيس الأسبق نظم كذلك «ساعة سعادة افتراضية» الأربعاء في محاولة لجذب الناخبين الشباب.مع ذلك، وبغض النظر عن الأسلوب، لا يبدو أن منافسي ترامب يحظيان بكثير من الانتباه على الصعيد الوطني.وقال الاستاذ الخبير في السياسة الأميركية من جامعة فيرجينيا لاري ساباتو لوكالة فرانس برس «في الوقت الحالي، لا توجد طريقة فعلية يمكن لبايدن وساندرز تحقيق اختراق من خلالها».وأضاف «الوباء العالمي هو الموضوع الوحيد الذي يهم الناس» حاليا. حملة انتخابية من المنزلتغيرت حملات بايدن وساندرز جذريا منذ العاشر من آذار/مارس عندما ألغيا التجمّعات ليلة الانتخابات في أوهايو عملا بنصائح مسؤولين محليين سعوا لتجنّب تفشي الفيروس.ولم يجد ساندرز، الذي كانت حملته في الأساس أكثر انسجاما مع الشباب الأميركيين وميلهم للاستخدام الكثيف لوسائل التواصل الاجتماعي، صعوبة في الانتقال إلى الإنترنت.أما بايدن، وعلى الرغم من تعزيز موقعه للترشّح لمنافسة ترامب عبر فوزه السهل في العديد من الانتخابات التمهيدية التي جرت على مدى الشهر الماضي، فقد اختفى فعليا عن الساحة لأيام، وهو ما أدى لظهور نظريات مؤامرة بشأن وضعه الصحي ومكانه.وكرد على ذلك، نددت مديرة العلاقات العامة لديه كيت بيدنغفيلد بنظريات المؤامرة والتكهّنات لتفسّر أن فريق حملته كان منشغلا ببناء استوديو تلفزيوني في الطابق السفلي من منزل بايدن.وقالت عبر تويتر «ليس مصابا بفيروس كورونا، بل بات لديه كاميرا الآن. فاستعدّوا!».- «أتوق» للتحرّك -أعرب بايدن عن تفاؤله حيال فعالية هذه التكنولوجيا لكنّه أقر بشعوره بالإحباط لعدم قدرته على التحرّك بشكل مباشر لمواجهة كورونا المستجد. وقال في بث عبر الإنترنت الأربعاء «كأي شخص مهتم بالأمر، أتوق للتحرّك» لمواجهة تفشي الوباء.وأضاف «لكنني في مكاني. وآمل بأن أتمكن من إيصال رسالتي مع مرور الوقت».أما ساندرز، فهو عضو في مجلس الشيوخ الأميركي حيث ناقش وصوّت لصالح حزمة الإنقاذ الاقتصادية بقيمة تريليوني دولار التي أقرّت كقانون الجمعة.وعلى مدى أيام، ركّز المرشح الذي يصف نفسه بأنه «ديموقراطي اشتراكي» رسالته على أزمة كورونا المستجد، متجنبا بدرجة كبيرة الحديث عن انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر.وبعد خسارته جميع الانتخابات التمهيدية التي جرت في 17 آذار/مارس، أعلن فريقه أن ساندرز سيعود إلى فيرمونت لـ»تقييم» حملته الانتخابية.وبالنسبة للاستاذ الجامعي ساباتو، تبدو فرص السناتور بالنجاح ضئيلة إلى معدومة.وقال «إنه متأخّر كثيرا. وعندما تجري الانتخابات في باقي الولايات، فمن الواضح أن بايدن هو المرشح المفضل بالنسبة إلى معظمها».لكن في وقت تتسبب الأزمة الصحية المتسارعة بتأجيل غير مسبوق للانتخابات التمهيدية، فلا شيء يبدو مؤكدا.وأفاد ساباتو «ما يهم الآن هو مسار الاقتصاد والوباء. كلاهما في وضع مهلهل حاليا».
مشاركة :