شيماء المرزوقي الحالة التي يعيشها عالم اليوم فريدة؛ إذ تتمثل فيها وحدة الهدف والهم الذي يعيشه كل إنسان على وجه هذه الأرض.لقد أفرز فيروس «كورونا» حالة من الاتحاد العالمي، وأقصد أن «كورونا» هو الهمّ والمؤرق لكل إنسان في هذا العصر، وقلما تجد حالة شبيهة تشغل العالم برمته.أخبار الفقر والعوز والحروب والخلافات، في العادة تكون محصورة في أصحاب الشأن والمهتمين بمعالجة هذه المخاطر، إلا أن هذا الفيروس نجح بامتياز في جعل العالم برمّته يتحدث عنه ويتابع أخباره وآثاره المدوية. وكما نلاحظ هو الموضوع الرئيسي لجميع الناس، وأيضاً للخبراء والمختصين ولبياعي الكلام، فالجميع يتحدث، وهذه مشكلة لأن أصوات من يريدون الظهور بأنهم يملكون الحقيقة ومن يعتقدون أنفسهم قادرين على القضاء على هذا الفيروس، تغطي على كلمات من هو متخصص ومن يتحدث وفق العلم والبحوث ومن أفنى عمره وهو يدرس الفيروسات والأمراض.حالة المتكلمين ومن يزعمون أن حقيقة هذا الفيروس لديهم، ليست في مجتمع واحد أو محصورة في بلد محدد، بل تجدها في أرجاء العالم دون استثناء، وكما يقال «الكلام ببلاش ومجاني».هذه الفئة لا توفر أي معلومة عابرة إلّا وتصنع منها هالة وموضوعاً كبيراً، من موضوع نظريات المؤامرة، مروراً بمن يروج لعلاجات، أو يصف أعشاباً للتداوي وغيرها كثير، ستجدها في كل مكان وتصلك بمختلف وسائل وتقنيات الاتصالات الحديثة، بل هناك من يتحدث عن طبيعة هذا الفيروس من تأليفه وبعيداً عن العلم، وسمعنا وصفات وإرشادات البعض منها قد يكون مميتاً.أظهر لنا هذا الفيروس تجار الكلام، وهم أناس ثقتهم بأنفسهم طاغية في موضوع علمي صعب ومتخصص، بينما هم عجزوا عن إنهاء تعليمهم الجامعي، أو أن تخصصهم في جوانب إنسانية ونظرية لا علاقة لها بالطب ولا بالكيمياء ولا الصيدلة ولا العلوم الصحية بصفة عامة.هذه الأزمة العالمية مع هذا الفيروس، كحال جميع الأزمات التي تقع، لها تجارها ولها متصيدون يحاولون الاستفادة والكسب، وفي هذه الأزمة تحديداً ظهر لنا نوع جديد من التجار وهم تجار الكلام وتسويقه وخداع الناس، لكسب الشهرة والانتشار، والتي تمكنهم في نهاية المطاف من تحقيق عوائد وأرباح مالية.لذا كما نكافح ونحارب تحقيق أي مكسب أو التربح والاستغلال غير الشرعي في مثل هذه الأزمات، يجب محاربة هذه التجارة الجديدة، وهي تجارة بيع الوهم والكلام للناس. Shaima.author@hotmail.comwww.shaimaalmarzooqi.com
مشاركة :