«كـورونـا».. يعزز التواصل الأسري في زمن التباعد الاجتماعي

  • 3/30/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تحقيق: ميرفت الخطيب رغم الالتزام بالبقاء في المنزل والمحافظة على التباعد الاجتماعي الذي فرضه انتشار فيروس كورونا المستجد «كوفيد 19» حول العالم، إلا أن ذلك الأمر لم يفسد للود قضية بين أبناء الأسرة الواحدة، بل أتاح فرصة لتلاقي الأسرة واجتماعها سواء على الطعام أو تبادل الأحاديث العائلية أو متابعة المستجدات والأخبار اليومية، ما زاد من التلاحم والتكاتف العائلي. بل إن البعض رأى فيه فرصة لإعادة صياغة العلاقات الأسرية فيما بينها، وتوزيع الأدوار كما يجب، أو بتعبير آخر فرصة للتعرف على بعض من جديد، لأن زحمة الحياة ومشاغلها ألهت أفراد الأسرة عن أدوارهم الحقيقية وبعدت المسافات بينهم. أما البعض الآخر فرأى أن مواقع التواصل الاجتماعي الافتراضية حلّت مكان التواصل البشري بين الأفراد وبشكل أقوى. فرض وبقوة التواصل الافتراضي الدكتور رشاد سالم مدير الجامعة القاسمية في الشارقة، يرى أن التباعد الاجتماعي المفروض على الجميع نتيجة للاحتراز من وباء الكورونا، والامتناع عن الزيارات بين الأهل وأسرهم وبين الأصدقاء فعلياً، قد فرض نوعاً آخر من التواصل عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي وفرت إلى حدٍ ما، مهام الاطمئنان على بعضنا البعض، في حين أن هذا التباعد القسري مع الآخرين كان له نوع آخر من التقارب بين أفراد الأسرة الواحدة، بل ربما نستطيع القول إنها قوّت العلاقات بين الأب وأولاده ومشاركته لهم في الحوار والمناقشات واللقاءات على طاولة الطعام والمشاركة معاً في الأنشطة، بعدما كان الجميع قبل الكورونا، لاهياً بنفسه وأعماله وزياراته التي قد تحرمه من الالتقاء بأفراد الأسرة في الأيام العادية. تقليل معدل الجريمة ويقول الدكتور رشاد إن الوضع الحالي، الموصوف بالتباعد الاجتماعي، أحد عيوبه أنه قلل التواصل الطبيعي أو الواقعي بين الأفراد، وحلّ مكانه التواصل الافتراضي عبر قنوات التواصل الاجتماعي.واستطرد قائلاً: وأيضاً قلل من المشاكل الأسرية، التي كانت تحدث بسبب العمل أو الزيارات أو الأصحاب، بل ما ألمسه بنفسي أن الأقرباء أصبحوا أكثر حرصاً على السؤال عن أقاربهم، عبر وسائل الاتصال الاجتماعي، القريبين أو البعيدين، وهذا ما قوى العلاقات والروابط الأسرية. وبعض الدراسات تشير إلى أن معدل الجرائم والعداوة قل معدلها عن السابق، وكذلك المشاحنات بين أفراد الأسرة الواحدة، وما يقال عكس ذلك فهي شائعات يراد بها تضليل الناس. وبرأيي أن كورونا قلصت التباعد الاجتماعي بين أفراد الأسرة، والدليل أن كل أسرة أصبح لديها «Family Group» ليبقوا على تقارب بين بعضهم البعض. عودة الأسر إلى طبيعتها خولة الملا الأمين العام للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة رأت أن التباعد الاجتماعي موجود حالياً، ولكن في المقابل نتج عنه تضامن أسري، في ظل وجود الأسرة بكامل أفرادها في المنزل تحت مظلة الأم والأب اللذين لم تكن لديهما القدرة على تحديد وقت للجلوس والحوار معاً، ما أدى إلى تباعدهم.اليوم يوجد تباعد اجتماعي قسري، ولكنّ هناك تقارباً روحانياً اجتماعياً نتج عنه تفعيل أدوار الأسرة وتحمل كل واحد لمسؤولياته، ومثال على ذلك التعليم عن بُعد والذي تطلب من أولياء الأمور متابعة أولادهم وتعليمهم وليس كما كان سابقاً على المدرسين الخصوصيين. أن المجلس الأعلى لشؤون الأسرة كان أول من طلب من مؤسساته العمل عن بعد للحفاظ على الأسرة كي تكون مجتمعة ومتقاربة. والتباعد الاجتماعي نتج عنه أيضاً عودة الأسر إلى طبيعتها البشرية من ناحية الاهتمام بالمنزل والأفراد كباراً وصغاراً، وهذا الوضع يجب أن نتعلم منه درساً، وهو أن الأسرة استشعرت أدوارها الحقيقية نحو بعضها البعض بالاهتمام بالأمور الرئيسية وليس الثانوية والتي شغلتهم عن أدوارهم الحقيقية عن أسرهم كما من قبل. وختمت بالقول: الحقيقة أنها فرصة تصحيحية للكل أن يعودوا إلى تضامنهم الاجتماعي، وهو هدف معظم أفراد المجتمع، وعبرة أن نعود إلى صفاء القلوب والبعد عن الظلم والفساد، وتعود البشرية كما يريدها الله عز وجل نقية متعاونة ورحومة بين بعضها البعض. المنزل أفضل للجميع «البقاء كل في منزله هو أفضل للجميع ومطمئن أكثر».. هكذا تقول مهى هاشم قاسم ربة منزل، وتضيف: لديّ بنت وولدان متزوجان كل واحد منهما يسكن في داره مع أسرته، وأطمئنّ عليهما بالهاتف أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ونتحدث معاً أو أتواصل معهما من خلال إرسال صورهم وصور أحفادي. كما وأتواصل معهم حالياً عبر ال Video Call . في السابق وقبل الكورونا كنا نجتمع كل أسبوع على الغداء وهو تقليد أسرى يجمعنا معاً، ولم يكن أحد من أولادي يتغيب عنه، بل إن الجميع يلتزم بهذا اللقاء بيننا كباراً وصغاراً. وهذا الوضع الطارئ الذي نعيشه الآن مؤقت بإذن الله وسوف نعود إلى لحمتنا واجتماعاتنا كالسابق بعد انتهاء هذه الأزمة.صحيح إن الأمر صعب ولكن الوقاية والالتزام بالبقاء في المنزل هو أفضل للجميع كي نحافظ على بعضنا البعض. نظام معيشي جديد «أم محمد» ربة منزل وأم لثلاثة أطفال في المرحلة الابتدائية تقول: إن هذا الوضع فرض علينا نظاماً معيشياً جديداً وهو التباعد عن الناس، وأيضاً نقل فصول المدرسة إلى البيت والتعلم عن بعد وإرسال الفروض المدرسية عن بعد أيضاً، وهذا ما سبب الكثير من العصبية لكافة أفراد الأسرة، وخاصة الأطفال الذين لم يعتادوا على البقاء في المنزل وعدم التنزه هنا وهناك. وبالنسبة لي فأنا مقيمة في الإمارات منذ أكثر من 15 سنة وليس لديّ أقارب، ولكن لديّ العديد من الأصدقاء والمعارف الذين هم بمثابة أهلي في الغربة، ومن الطبيعي في هذه الأجواء أن تقتصر لقاءاتنا عن بعد لضرورة تنفيذ التباعد الاجتماعي والذي من شأنه الحفاظ على أرواحنا وأرواح أولادنا. ولكن في المقابل نتخطى هذه الإشكاليات بالاتصال عبر «الفيديو كول». عدم زيارة كبار السن «أكثر ما يزعجني هو عدم قدرتي على زيارة أمي وأبي وعدم قدرتهم على زيارتي» .. تقول «حنان. م» بحزن شديد، فمنذ بداية انتشار الكورونا وإطلاق التحذيرات بعدم الخروج منذ المنزل وعدم التجمعات وهي حريصة على عدم زيارتهم والاكتفاء بالتحدث معهم عبر الهاتف، فوالدها مريض كلى ووالدتها مريضة ضغط وسكر وكلاهما معرضان للعدوى. وتشير إلى أن التباعد الاجتماعي لم يقتصر على والدتها ووالدها، بل على كافة أشقائها الذين يعيش كل واحد منهم في إمارة في أبوظبي ودبي والشارقة، وكانوا يلتقون جميعهم ويتزاورون بشكل منتظم، كل مرة في بيت واحد منهم، لكنهم اليوم يشتاقون إلى بعضهم البعض، آملين أن تزول هذه الأزمة، وتعود الأحوال إلى سابق عهدها.

مشاركة :