انهيار قطاع السياحة في الصين بالدرجة الأولىعزل مدينة ووهان بشكل حاسم أسهم في حصار الوباءبكين - من أورينت برسيتضح وبشدة التأثير الاقتصادي لفيروس كورونا الجديد الذي تفشى في الصين، لا سيما وان بعض القطاعات مثل السياحة والتجارة والنقل تضررت فعلا في الوقت الحالي، مع توقع المزيد من الانهيارات في الفترة المقبلة بسبب مخاوف الدول من انتقال الفيروس إليها.واللافت انه بعد 18 شهرا من التوترات، بين الصين والولايات المتحدة, كان الهدف من توقيع الاتفاق التجاري مع واشنطن في 15 كانون الثاني/ يناير جلب مزيد من الانتعاش للاقتصاد الصيني، لكن الوضع بات مختلفًا تمامًا بعد انتشار فيروس كورونا الفتاك.«أورينت برس» أعدت التقرير التالي:في الآونة الأخيرة سجلت الحكومة الصينية بارتياح علامات تشير إلى استقرار الاقتصاد، بعد تسجيل فترات من التباطؤ، لكن يبدو أنها لم تأخذ بعين الاعتبار انتشار وباء فيروس كورونا الجديد والتدابير الصارمة لمحاولة القضاء عليه.داخليًا، يؤثر الوباء على الصين في منتصف العام القمري الجديد، وهي فترة تنفق فيها الأسر أكثر من المعتاد على السفر والترفيه والهدايا. حتى خارج منطقة الحجر الصحي التي طالت ما يقارب من 60 مليون شخص في منطقة ووهان، اتخذت تدابير صارمة في جميع أنحاء الصين لتجنب التجمعات العامة. كما أن السياحة في الصين تضررت كثيرا جراء الفيروس، حيث ألغى ملايين الصينيين رحلاتهم خلال العام الجديد.وبات محظورا على وكالات الأسفار بيع بطاقات الرحلات السياحية المنظمة وحجز الفنادق، وقد شكل ذلك ضربة موجعة للصناعة المحلية، وللعديد من الوجهات المفضلة للسياح الصينيين الذين حرموا من زيارتها في آسيا، مثل تايلاند وفيتنام واليابان والفلبين، وفي فرنسا أيضا.كما عانت السلع الكمالية والنقل الجوي والسلع الفاخرة بشكل خاص من تغير ثقة المستثمرين، وتراجع الطلب والاستثمارات، فيما أغلقت الكثير من الشركات العالمية مكاتبها في الصين بما في ذلك غوغل.مدة التأثير الاقتصاديبالنظر إلى سابقة مرض متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (سارس) في عام 2003 فقد توقع خبراء الاقتصاد أن يكون استهلاك الأسر المحرك الأكثر تضررا من الأزمة.ورجح محللون انه من المحتمل أن يكون لتفشي فيروس كورونا تأثير قوي لكن قصير الأمد مقارنة بفترة فيروس سارس. ففي ربيع 2003 انخفض نمو الاقتصاد الصيني إلى 9.1 في المئة قبل أن يستعيد نشاطه من جديد وبسرعة وبمعدلات مزدوجة، لكن هناك العديد من التغيرات التي تستوجب الملاحظة. وإذا كان التأثير الاقتصادي رهينا بمدة الأزمة فإن «الاستهلاك» بات يحتل وزنا أكبر بكثير في الاقتصاد الصيني مقارنة بما كان عليه الوضع قبل 17 عاما، حيث يشكل 57 في المئة من نمو الناتج المحلي الإجمالي.علمًا ان تفشي فيروس سارس كلف الصين حينها 40 مليار دولار، لذلك تبدو استجابة الصين للفيروس هذه المرة أقوى بكثير من تجربة السارس.الاقتصاد العالميخارجيًا، ومع ظهور وانتشار فيروس كورونا في الصين أكبر مصدر للسلع في العالم وثاني أكبر اقتصاد على ظهر الكوكب، فإن الاقتصاد العالمي أمام وقت صعب إذا لم تجر السيطرة على الفيروس الجديد.وبدا أن الصين عازمة بكل قوة على وقف انتشار المرض بأي ثمن. والذي يستمع لحديث الرئيس الصيني تشي جين بينغ يظن أن بكين دخلت في حالة حرب، قائلا إن بلاده «قادرة على الانتصار على الفيروس».وبالفعل اتخذت الصين إجراءات غير مسبوقة لمواجهة الفيروس، إذ عزلت مدينة ووهان، منشأ الفيروس، عن العالم الخارجي، فألغت الرحلات الجوية إليها وقطعت الشوارع والسكك الحديدية المؤدية إليها، في أكبر عملية حجر صحي في العالم. ويبدو أن أحد الأسباب التي تدعو الصين لمواجهة الفيروس هو الاقتصاد، الذي سيتأثر حتما بأي تفش للأمراض.ويمكن تقسيم التداعيات المترتبة على تفشي فيروس كورونا إلى قسمين: على المدى القصير وعلى المدى البعيد. فعلى المدى القصير تراجعت الأسهم في الأسواق الآسيوية متأثرة بالتراجع الكبير الذي طرأ على بورصة بكين، وسجل على سبيل المثل مؤشر نيكي الياباني، أكبر خسارة يومية على مدى 5 أشهر، مع تعرض أسهم الشركات المرتبطة بالسياحة للضغوط. وفي الولايات المتحدة تراجع مؤشر داو جونز الصناعي بـ500 نقطة في التعاملات متأثرا بمخاوف كورونا، خاصة بخسائر شركات الطيران بسبب الخوف من السفر إلى الصين.التأثير الأخطرتعتمد سيناريوهات تداعيات الفيروس على الاقتصاد العالمي على درجة تفاقمه وتفشيه، وقدرة الصين على وقف انتشاره.وربما يكون التأثير الاقتصادي الأخطر على الاقتصاد العالمي هو القيام بإغلاق الشركات والمصانع في الصين والتي تملكها دول أجنبية مثل الولايات المتحدة، مما يعني فقدان وظائف وتباطؤ النمو وانخفاض العملات الأجنبية المحولة إلى البلاد.وتم إغلاق جميع مصانع السيارات في الصين خلال عطلة السنة القمرية الجديدة، وفي حال امتد الإغلاق فترة طويلة، فهذا يعني توقفا في عجلة الإنتاج، وخاصة أن هذه الشركات مثل شركة نيسان وجنرال موتورز وهوندا سوف تقوم بإجلاء موظفيها غير الصينيين، الأمر الذي سيؤثر بشكل وبآخر على عملية الإنتاج.أهمية ووهانإلى ذلك تتصاعد المخاوف بشأن الخسائر الاقتصادية جراء تفشي فيروس «كورونا» في ووهان وسط الصين، وترجع أهمية هذه المدينة بالنسبة للاقتصاد الصيني كونها تعد مركزًا مهمًا للنقل في البلاد.ويصل عدد سكان ووهان إلى أكثر من 11 مليون نسمة وتمثل أحد المحركات الرئيسية لثاني أكبر اقتصاد في العالم، وتضم العديد من وسائل النقل العامة من قطارات وطائرات وزوارق وحافلات.وفي حال خروج الأمور عن السيطرة وأصبح الفيروس وبائيًا في الصين، ستزيد الحكومة معدلات الإنفاق على الرعاية الصحية، مما يؤثر على النفقات في مجالات أخرى كالبنية التحتية وإجراءات التحفيز النقدي.وتعد ووهان عاصمة مقاطعة هوبي وهي مقر رئيسي لمنتجي السيارات والصلب محليًا، وتعرف باسم ممر الصين، بسبب أهميتها للصناعة والنقل، كما أنها تمثل مركزًا تجاريًا واقتصاديًا وسياسيًا لبكين.وبلغ إجمالي صادرات وواردات ووهان نحو 244 مليار يوان (35.3 مليار دولار) العام الماضي، وتعمل 300 من بين أكبر 500 شركة على مستوى العالم في المدينة مثل «مايكروسوفت» الأمريكية و«ساب» الألمانية و«بي إس إيه» الفرنسية للسيارات. واستثمرت المدينة أخيرًا بشكل كبير في القطاع التكنولوجي بجانب صناعة البصريات والسيارات واللوجستيات، وبالتالي، فهي ذات أهمية كبيرة للاقتصاد الصيني.حتى إشعار آخرحتى الآن، قالت وزارة المال الصينية في بيان على الإنترنت أنها ضخت 11.2 مليار يوان (نحو 1.6 مليار دولار) كدعم للجهود الصحية وشراء المعدات اللازمة للسيطرة على المرض. ويبدو أن الجهود قد بدأت تؤتي ثمارها في السيطرة على كورونا، فقد انتشرت صور لعناصر حكومية ترتدي سترات واقية تجوب الشوارع في ووهان لتطهير وتعقيم الهواء. وتم إغلاق العديد من المدارس المحلية والجامعات أيضًا كما طلبت شركات وجهات عمل من الموظفين بالتواجد في المنازل والعمل عن بعد.وأغلقت الحكومة الصينية العديد من المنتزهات الترفيهية في البلاد، بما في ذلك حديقة المحيط (أوشن بارك) الشهيرة في هونغ كونغ، وأوصدت العديد من دور السينما أبوابها، وهذا يعني اقتصاديا انخفاضا في الدخول المتوقعة، خاصة أن الإغلاق يأتي حتى إشعار آخر.وتزامن تفشي فيروس كورونا الجديد الذي يسبب التهابا رئويا حادا، مع احتفالات الصينيين بالسنة القمرية الجديدة، وهو الموسم الذي يسافر فيه ملايين الصينيين داخل بلادهم أو خارجها.وفرضت الصين قيود سفر على 35 مليون صيني، ونسبة من هؤلاء كانت بصدد الاحتفال بالسنة القمرية خارج الصين، وتقييد سفرهم حرم دولا وشركات طيران من نفقات هؤلاء. وألغت الصين العديد من الاحتفالات العامة الكبرى بهذه المناسبة، الذي يعني خسائر مؤكدة بالنسبة إلى صغار التجار وتجارة التجزئة والمرافق الترفيهية.واضطرت بكين إلى إغلاق المدينة المحرمة، التي تعد أبرز المعالم السياحية في العاصمة الصينية، التي يزورها يوميا 80 ألف شخص. وفي السياق ذاته، ألغت العديد من الشركات السياحية في أوروبا رحلات إلى الصين، كما أوقفت العديد من شركات الطيران العربية والدولية رحلاتها إلى الصين.
مشاركة :