في الوقت الذي يعتبر فيه التباعد الاجتماعي، وخصوصاً البقاء في المنزل -إلا للضرورة القصوى- مع غسل اليدين بشكل سليم، أفضل التدابير الممكنة حالياً، لتجنب الإصابة بفيروس كورونا المستجد، إلا أنه من الممكن أيضاً اتباع نمط حياة صحي، يقوي جهاز المناعة، ويزيد من كفاءته في درء خطر العدوى بهذا الفيروس، وغيره من الميكروبات والجراثيم، أو على الأقل يقلل من وطأة العدوى إذا ما حدثت. أحد أهم مكونات نمط الحياة ذلك، هو ممارسة النشاط البدني بشكل منتظم، حيث تظهر الدراسات الصحية أن النشاط البدني والتمارين الرياضية المعتدلة، لها تأثير إيجابي على جهاز المناعة، كما يرتبط هذا النوع من التمارين الرياضية الخفيفة والمعتدلة، بانخفاض مماثل بنسبة 29 في المئة من احتمالات الإصابة بعدوى المجاري التنفسية العليا. ويعتقد أن هذا التأثير ناتج عن انخفاض المؤشرات البيولوجية للالتهاب (Biomarkers of Inflammation)، مثل البروتين المعروف باسم (C-reactive) المرتبط بالأمراض المزمنة، والذي يلاحظ انخفاض مستوياته في الأشخاص النشيطين بدنياً، ولذا ربما يكون التأثير الإيجابي للنشاط البدني، يتم من خلال خفض درجة الالتهاب داخل أنسجة وأعضاء الجسم. كما يساعد النشاط البدني الجسم على طرد الجراثيم من الرئتين، مما يقلل من احتمالات الإصابة بالأمراض التنفسية، مثل البرد الشائع، والإنفلونزا، وغيرهما، ويحقق النشاط البدني نفس الفائدة من خلال التغيرات التي يحدثها في الأجسام المضادة، وكريات الدم البيضاء، المنوطة بمكافحة الجراثيم الغازية، ففي أوقات النشاط البدني، تتسارع هذه الأجسام المضادة وخلايا الدم البيضاء لتنتشر بشكل أكبر وأوسع، وبالتالي يمكنها مجابهة تلك الجراثيم، ومحاصرتها، والقضاء عليها قبل أن تستفحل وتنتشر في الخلايا والأنسجة. أضف إلى ذلك، أنه من المعروف أن ممارسة النشاط البدني والتمارين الرياضية، يقلل من إفراز هرمونات التوتر، مثل الأدرينالين والكورتيزول، ومن الثابت والمؤكد علمياً أن التوتر يؤثر سلبياً بشكل كبير على قدرة جهاز المناعة، ويحد من كفاءته في مقاومة العدوى. ولا يمكن التحجج بالاضطرار للبقاء في المنزل حالياً، كسبب لعدم ممارسة التمارين الرياضية، فالمطلوب هو قدر معتدل من التمارين، التي يمكن ممارستها بسهولة في أي من غرف المنزل، ويمكن تحقيق ذلك بمتابعة آلاف الفيديوهات الموجودة على اليوتيوب، والتي تزخر ببرامج تمارين بسيطة وسهلة التنفيذ لكل الأعمار، وبغض النظر عن مستوى اللياقة البدنية الحالية. *كاتب متخصص في الشؤون العلمية والطبية
مشاركة :