ما هو دعاء الاستفتاح؟.. سؤال يطرأ على أذهان كثيرين ، و يعتبر دعاء الاستفتاح من سنن الصلاة؛ فمن سنن الصّلاة ابتداؤها بدعاء الاستفتاح، و ليس هناك نصًّا محدّدًا ينبغي الالتزام به في دعاء الاستفتاح. حكم قول دعاء الاستفتاح دعاء الاستفتاح سنة مؤكدة في كل الصلوات التي فيها سجود وركوع مثل: الصوات الخمس والنوافل وصلاة العيد والكسوف وغيرها، ولو صلّى المسلم ولم يستفتح كانت صلاته صحيحة عند جميع العلماء. و يعتبر دعاء الاستفتاح من سنن الصلاة، وهذا هو مذهب جمهور العلماء من الحنفية، الشافعية، والحنابلة وقول أكثر أهل العلم، ومن الأدلة عل ذلك ما وردَ عن ابن عمر - رضيَ الله عنه-: (بينما نحنُ نصلِّي مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذ قال رجلٌ في القومِ: اللهُ أكبَرُ كبيرًا، والحمدُ للهِ كثيرًا، وسبحانَ اللهِ بُكرةً وأصيلًا، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَن القائلُ كذا وكذا؟ قال رجلٌ مِن القومِ: أنا يا رسولَ الله، قال: عجِبْتُ لها، كلمةٌ فُتِحَتْ لها أبوابُ السَّماءِ، قال ابنُ عُمَرَ: فما تركتُهنَّ منذُ سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقولُ ذلك). صيغة دعاء الاستفتاح هناك العديد من الصيغ التي وردت وثبتت عن الرسول عليه الصلاة والسلام، و يستحب أن يلتزم المسلم بها جميعها فيأتي بهذه مرة وهذه في مرة أخرى، والهدف من ذلك إحياء للسنة من خلال الإتيان بكل السنن وهذا أحضر للقلب، لأنَ الإنسان إذا التزم أمرًا واحدًا أصبحَ عادةً له ولم يساعده ذلك على الخشوع في صلاته. وقد وردت العديد من الأحاديث والأدعية في شأن ما يقال في استفتاح الصلاة، منها: (وجّهت وجهي للّذي فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين، إنّ صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله ربّ العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهمّ أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربّي وأنا عبدك، ظلمت نفسي، اعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، إنّه لا يغفر الذّنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنّي سيئها لا يصرف عنّي سيئها إلا أنت، لبّيك وسعديك والخير بين يديك، والشرّ ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك)، رواه مسلم. (كان صلّى الله عليه وسلم يقول إذا قام إلى الصلاة في جوف الليل: اللهمّ لك الحمد أنت نور السموات والأرض، ولك الحمد أنت قيام السموات والأرض، ولك الحمد أنت ربّ السموات والأرض ومن فيهن أنت الحق، ووعدك الحق، وقولك الحق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت، وعليك توكّلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدّمت وأخّرت وأسررت وأعلنت، أنت إلهي، لا إله إلّا أنت)، متّفق عليه. (سبحانك اللهمّ وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك)، صحيح سنن ابن ماجه، (سبحانك: أي أسبّحك تسبيحًا: أي بمعنى أنزّهك تنزيهًا من كلّ النقائص)، (تبارك: أي كثرت بركة اسمك إذ وجد كلّ من ذكر اسمك)، (جدّك: أي علا جلالك وعظمتك) وكان يزيد في الصلاة على هذا الدّعاء. (الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلآ، استفتح به رجل من الصّحابة فقال صلّى الله عليه وسلم: عجبت لها ! فتحت لها أبواب السماء)، رواه مسلم. (كان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل: اللهمّ ربّ جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشّهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك إنّك تهدي من تشاء إلى صراطٍ مستقيم)، رواه مسلم، (بإذنك: اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك: أي ثبّتني). (الحمد لله حمداُ كثيراُ طيّباُ مباركاُ فيه استفتح به رجل فقال صلّى الله عليه وسلم :لقد رأيت اثني عشر ملكاُ يبتدرونها أيّهم يرفعها)، رواه مسلم. (اللهمَّ بَاعِدْ بيني وبينَ خطايَايَ ، كما باعدتَ بينَ المشرقِ والمغربِ ، اللهمَّ نَقِّنِي من الخطايَا كما يُنَقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ ، اللهمَّ اغْسِلْ خطايَايَ بالماءِ والثلجِ والبَرَدِ) ،صحيح البخاري. (سُبحانَكَ اللَّهمَّ وبِحمدِكَ، وتبارَكَ اسمُكَ، وتعالى جدُّكَ ولا إلَهَ غيرُكَ)، صحيح. دعاء الاستفتاح عندَ التأخر عن الصلاة إذا أدرك الشخص الإمام في الركعة الأولى أو الركعة الثانية، عليه بقراءة دعاء الاستفتاح إذا لم يكن يخشى أن يركع الإمام، أما إذا خشيَ ذلك فعليه الاقتصار على قراءة سورة الفاتحة دون الاستفتاح. دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة دعاء الاستفتاح سنة مؤكدة للصلوات التي فيها ركوع وسجود، ولكن صلاة الجنازة لا ركوع فيها ولا سجود، ولهذا اختلف العلماء في مشروعية الاستفتاح وفي الأمر قولان وهما: لا يسن دعاء الاستفتاح وذلك قول الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة، واستدلوا على ذلك بأمرين، الأول: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يستفتح في صلاة الجنازة، ولأنَّ صلاة الجنازة شرع فبها التخفيف والأنسب ترك الاستفتاح، وهو القول الأقرب. يسن دعاء الاستفتاح في صلاة الجنازة وهو قول الحنفية، واستدلوا على ذلك بأنها صلاة ويستفتح لها كما يستفتح لسائر الصلوات. عدد مرّات ترديد دعاء الاستفتاح إذا كان المسلم يصلّي فروضًا؛ فإنّه يستفتح في أول ركعة من كلّ صلاة يؤديها، فإذا كان يصلّي أربع ركعات بتسليمة واحدة فإنّه يستفتح مرّة واحدة بعد تكبيرة الإحرام، وإن كان يصلّي أربع ركعات بتسليمتين فإنّه يستفتح في الصلاة الأولى بعد تكبيرة الإحرام، وفي الصلاة الثانية بعد تكبيرة الإحرام. إذا كان المسلم يصلّي نافلة؛ فإنّه يستفتح في الركعة الأولى فقط. فوائد دعاء الاستفتاح دعاء الاستفتاح في الصلاة له فوائد عديدة لعل أهمها: زيادة التركيز في الصلاة وطرد وساوس الشيطان وعدم السرحان ، وقال بعض العلماء ان من فوائد دعاء الاستفتاح : موضعه في بداية الصلاة قبل القراءة دلالة على أنه تقدمة بين يدي الملك؛ فالفاتحة مناجاة بين العبد وربه، وقبل هذه المناجاة يكون دعاء الاستفتاح كتوطئة. احتواء إحدى الصيغ على الاعتراف بالذنوب والخطايا، وبالتالي يزول العُجْب والكِبر من النفس. إظهار ذل العبد وضعفه بين يدي ربه عندما يطلب منه تخليصه من الذنوب، وهذا من مقاصد العبادة. التأكيد في قول "وجهت وجهي" على الاعتراف بتوحيد الله سبحانه وتعالى وأن المصلي عندما يناجي ربه يذكر له توحيده إياه وإيمانه به. احتواء ألفاظ أدعية الاستفتاح على المدح والثناء على الله سبحانه وتعالى، مما يؤدي إلى تربية المؤمن على تعظيم الله تعالى وتنزيهه وإجلاله والاعتراف بالعبودية له جلّ وعلا. آداب الدعاء أن يكون الداعي مؤمنٌ بربوبية الله، وألوهيته، وأسمائه وصفاته. الإخلاص في الدعاء؛ فالدعاء عبادة، والإخلاص شرط لقبول العبادات. أن يُسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى. عدم التكلّف بالدعاء؛ ويكون ذلك بالابتعاد عن السجع والمحسّنات البديعية. الثناء على الله تعالى قبل البدء بالدعاء، وذلك بحمده سبحانه، ثمّ الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم. استقبال القبلة، ورفع اليدينن حيث يكون باطن الكفّ تجاه السماء على صفّة العبد الفقير المنتظر عطاء الله. الثقة بالله واليقين بالإجابة؛ فالله سبحانه قادرٌ على كلّ شيء. استشعار وجود الله، عن طريق الخشوع، واستحضار مشاعر الحبّ لله والخشية من عقابه. الإلحاح في الدعاء وعدم استعجال الإجابة. الجزم والعزم في الدعاء دون قول استثناءات، فلا يجوز القول اللهم ارحمني إن شئت؛ فالله لا مُكرِه له. عدم الجهر بالدعاء؛ إنّما يكون بين المخافتة والجهر. عدم الاعتداء في الدعاء، وعدم الدعاء بالإثم أو قطيعة الرحم.
مشاركة :