يقول : رومان ليرلوت، رئيس مختبر الذكاء الاصطناعي لدى كريتيو: تدرج المملكة العربية السعودية تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي على رأس أجندة أولوياتها؛ وتحرص على توظيفه بطريقة مبتكرة لتحقيق الأهداف التنموية المدرجة ضمن رؤية 2030. ويتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي (AI) بنحو 500 مليار ريال سعودي (133 مليار دولار) في الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بحلول العام 2030، وذلك وفقًا للهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي “سدايا” هذا واستثمرت الحكومة، حتى الآن، ما يقرب من 3 مليارات دولار أمريكي في بناء البنية التحتية لضمان استعداد المملكة لتقنيات للذكاء الاصطناعي، في ظل حرصها على تعزيز مكانتها لتتصدر الريادة في هذا المجال. يأتي ذلك ضمن حرص المملكة على تحسين جودة حياة المواطنين من خلال استخدام الذكاء الاصطناعي بهدف الارتقاء بالنظم التعليمية والصحية والنهوض بمستوى الخدمات؛ وذلك عبر تطوير المدن الذكية. في هذا السياق؛ أعلنت المملكة العربية السعودية مؤخرًا عن استثمارات بقيمة 500 مليار دولار أمريكي لإنشاء مدينة ذكية بتقنيات رقمية” نيوم”، وهو اسم يدل على مستقبل جديد وتهدف تقنية الذكاء الاصطناعي إلى مساعدتنا باستخدام أنظمة الكمبيوتر لأداء المهام البشرية. لا نعلم غالبًا أن المهام الشائعة التي نقوم بها حاليا تحتوي بالفعل على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك: عندما تسمع أغنية مفضلة لك عبر تدفق الصوت من خلال تطبيق Spotify أو Deezer على سبيل المثال، فإن هذا التطبيق يوصي أيضاً بالسماع إلى الأغاني بناءً على ما أحببته واستمعت إليه. وأما تدفق الفيديو فهو عبار عن مشاهدة المسلسلات مثل Netflix. لذلك عند الانتهاء من سلسلة ، تقترح Netflix تلقائيًا شيئًا آخر يمكنك مشاهدته بناءً على تفضيلاتك. عندما نستخدم تدفقات(بث) الصوت ولكن ماذا لو انتهت الأغنية أو البرنامج المفضل؟ نحن ننظر إلى التوصيات التي تناسب تفضيلاتنا. نستخدم الترجمة الآلية للتقارير بلغات مختلفة في بضع ثوانٍ فقط. نحب التسوق عبر الإنترنت، ولكن هل نحب أن يتم تسليم كل طرد بشكل منفصل، مع العلم أنه يجب أن يكون هناك عدد من السلع ليتم شحنها إلى منطقتي أيضاً؟ لا ، نحن نفضل خدمات لوجستية سريعة وصديقة للبيئة في نفس الوقت. البقاء على استخدام التجارة الإلكترونية: هناك الملايين من المنتجات المختلفة المتاحة من آلاف المتاجر المختلفة. لا نريد أن نعرفهم جميعاً، بل نريد فقط تلك التي تدخل دائرة اهتمامنا. ضرورة مناقشة أمثلة مثل هذه في كثير من الأحيان، حيث أن جميعها تشترك في جانب واحد مهم: مدعومة بالذكاء الاصطناعي، وليس بواسطة الروبوتات على الإطلاق. الذكاء الاصطناعي ليس المستقبل فحسب، بل هو أيضاَ سبب رئيسي للإعمال الناجحة حالياً. جدير بالذكر أن الذكاء الاصطناعي قد أعاد ابتكار الطرق التي تعمل بها الشركات وتنافسها اليوم مع تحقيق نتائج ملموسة وإيجابية للمستهلكين. يعتمد عدد كبير من الشركات، بشكل متزايد، على تقنيات الذكاء الاصطناعي لتعزيز عملية صنع القرار باستخدام التحليلات التي تعتمد على البيانات وتقديم منتجات وخدمات مخصصة لعملائها لتوفير أفضل تجارب الدعم. . رغم أن كافة تطبيقات الذكاء الاصطناعي لا تتعامل مع العملاء بشكل مباشر، إلا أن لديها تأثيرًا كبيرًا على العديد من الصناعات. يمكن أن يعني الذكاء الاصطناعي أيضًا الذكاء المعزز، وبالتالي يشير إلى تقنية تساعد ببساطة في صنع القرار البشري عن طريق تحليل كميات هائلة من البيانات. ومن الأمثلة على ذلك التشخيص الطبي واسع النطاق للكشف المبكر عن أمراض مثل اعتلال الشبكية الناجم عن مرض السكري. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يشير الذكاء الاصطناعي إلى الأتمتة الذكية، والتي هي في الأساس أتمتة العمليات القياسية في الشركات لتوفير وقت الموظفين حتى يتمكنوا من أداء مهام وأعمال أخرى ذات أهمية كبيرة. تتبوأ مكانة رائدة في ثورة الذكاء الاصطناعي العالمية من المتوقع أن يسهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبيرة في بلورة الاقتصاد العالمي. وبدأت الحكومات والشركات في منطقة الشرق الأوسط في التحول نحو تبني تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي. ووفقًا لأحدث الدراسات، فإن الذكاء الاصطناعي يسهم في تعزيز الاقتصاد السعودي بما يقدر بـ 215 مليار ريال بحلول عام 2035. هذا وتخطط المملكة لتوظيف الذكاء الاصطناعي في مجال الحج والعمرة ، حيث تهدف إلى زيادة عدد الحجاج السنوي من 8 ملايين إلى 30 مليون بحلول العام 2030. وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن المملكة العربية السعودية تمتلك مصدرا جيدا لرأس المال البشري الذي يمكن أن يساعد في سعيها لتحقيق اقتصاد قائم على التكنولوجيا. هذا ويقدر الاقتصاديون أيضًا أنه، خلال السنوات القادمة، سوف تمثل العوائد الاقتصادية من مشاريع الذكاء الاصطناعي ما نسبته 12.4 % من الناتج المحلي الإجمالي السعودي. ومن أجل تسليط الضوء على الأهمية المتزايدة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في الارتقاء بالاقتصاد السعودي ، استحدثت الحكومة العديد من الجمعيات الخيرية لتدريب الشباب السعودي في هذا المجال، أبرزها مؤسسة الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الخيرية “مسك الخيرية”؛ حيث قامت بتدريب الآلاف من الشباب من الجنسين على البرمجة الرقمية والذكاء الاصطناعي. إن الشركات التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لم تسهم في خلق وظائف في الذكاء الاصطناعي فحسب، بل تساهم أيضاَ في نمو أعمال عملائها، الأمر الذي يدفع إلى خلق فرص عمل جديدة، بل نحتاج إلى حماية قوية للمستهلكين بشأن تطبيقات الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر في جميع أنحاء العالم. ولكن في الوقت نفسه، لا ينبغي تنظيم تطبيقات الذكاء الاصطناعي منخفضة المخاطر مثل تلك التي ذكرتها أعلاه، والتي تم تطويرها بكل نزاهة وأخلاقيا؛ بشكل مبالغ فيه لتجنب الآثار الجانبية غير المقصودة التي تبطئ الابتكار. ومن خلال تبني إطار تنظيمي قوي ومتسق للذكاء الاصطناعي، ستكون دول المنطقة في طريقها إلى دمج الذكاء الاصطناعي في الحياة اليومية بسلاسة.