في أوقات الطوارئ الوطنية، غالباً ما تتخذ البلدان خطوات يرى الناشطون الحقوقيون أنها تحد من الحريات المدنية، مثل زيادة المراقبة على المواطنين، وحظر التجول، وفرض قيود على السفر، وتقييد حرية التعبير.ومنذ التفشي الواسع لفيروس كورونا المستجد في الصين في شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أغلقت بكين مدناً بأكملها لوقف انتشار الفيروس، كما فعلت الهند مع الأمة كلها.وقال ماسيمو موراتي، الباحث في منظمة العفو الدولية، إن حالات الطوارئ مسموح بها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، لكنه حذر من أن الإجراءات التقييدية يجب ألا تصبح «وضعاً تقليدياً جديداً».وتابع: «ينبغي أن تستمر هذه الإجراءات فقط لحين انتهاء المخاطر المتعلقة بالفيروس».ويتخذ القادة في أوروبا الشرقية وغيرها من المناطق تدابير قاسية وسط تفشي الفيروس، بما في ذلك مراقبة هواتف المواطنين، مع فرض عقوبات بالسجن على أولئك الذين ينتهكون قرارات العزل المنزلي.وقال رئيس مكتب حقوق الإنسان في منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، إنه بينما يتفهم الحاجة للعمل بسرعة لحماية السكان من جائحة «كوفيد - 19»، يجب أن يتم تحديد مهلة زمنية لحالات الطوارئ المعلنة حديثاً، وأن يتم تطبيقها تحت إشراف برلماني.ومنذ أن أعلن الرئيس الصربي ألكسندر فوتشيتش، حالة الطوارئ المفتوحة في 15 مارس (آذار) الحالي، تم تهميش البرلمان، وإغلاق الحدود، وفرض حظر التجول لمدة 12 ساعة، وتم منع من تزيد أعمارهم عن 65 عاماً من مغادرة منازلهم، وهي بعض الإجراءات الصارمة المتبعة في أوروبا بشكل عام لمكافحة جائحة «كوفيد - 19».إلا أن الفارق هو أن الزعيم الصربي يقوم يومياً بإصدار مراسيم جديدة تعزز سلطته الكاملة، ما أثار سخط وغضب المعارضين الذين يقولون إنه استغل فيروس كورونا، للسيطرة على الدولة بطريقة غير دستورية.ويقول رودولوب سابك، مفوض الدولة السابق لحماية البيانات الشخصية، «بإعلانه حالة الطوارئ، اعتزم فوتشيك السيطرة التامة على صنع القرار خلال الأزمة، على الرغم من أن الدستور لا يكفل له ذلك».وأضاف سابك: «إنه يصدر أوامر تقبلها الحكومة تلقائياً. لا يوجد أي ضوابط لأفعاله في الوقت الحالي».وفي المجر، أعطى البرلمان رئيس الوزراء فيكتور أوربان، أمس (الاثنين)، سلطات إضافية مفتوحة لمكافحة تفشي فيروس كورونا.وأثار التشريع الذي يمدد حالة الطوارئ انتقادات من أحزاب المعارضة وجماعات حقوق الإنسان والمجلس الأوروبي، وهو الهيئة الرئيسية المعنية بحقوق الإنسان في أوروبا، لأنه لا يحتوي على إطار زمني.كما يفرض هذا القانون عقوبة السجن لمدد تصل إلى خمس سنوات على من يعرقل إجراءات احتواء انتشار الفيروس، وعلى من ينشر معلومات خاطئة تتعلق بالأزمة.وأشارت جماعات حقوقية إلى أن القانون ربما يُستخدم لإسكات الصحافيين.وقالت تانيا فاغون، عضو البرلمان الأوروبي: «إن أوربان يزيل الديمقراطية أمام أعيننا. هذا عار على أوروبا وقيمها الأساسية وديمقراطيتها. لقد اتخذ أوربان (كورونا) ذريعة لقتل الديمقراطية والقضاء على حرية الإعلام».وفي إسرائيل، أقر مجلس الوزراء برئاسة بنيامين نتنياهو، سلسلة من الإجراءات التنفيذية الطارئة بدعوى محاولة القضاء على انتشار الفيروس. وتشمل هذه الإجراءات الإذن بمراقبة إلكترونية غير مسبوقة للمواطنين الإسرائيليين وإبطاء نشاط المحاكم ما أدى إلى تأجيل محاكمة نتنياهو بتهمة الفساد.أما في روسيا، فقد زادت السلطات الضغط على وسائل الإعلام ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي للسيطرة على المعلومات المتداولة حول الفيروس، الأمر الذي قال معارضون إن الهدف منه هو قمع الحريات، ومنع تشارك الآراء وانتقاد الحكومة.ودخلت موسكو وغيرها من المناطق الروسية الأخرى في حالة إغلاق تام، أمس (الاثنين)، للسيطرة على تفشي الفيروس.وفي بولندا، يشعر الناس بالقلق بعد إطلاق الحكومة تطبيقاً جديداً للهواتف الذكية يستهدف التأكد من التزام المواطنين بالحجر الصحي المنزلي.وتقول مؤسسة «Panoptykon»، المعنية بحقوق الإنسان، إن هذا التطبيق قد يكون الهدف منه هو حصول الحكومة على بيانات المواطنين الخاصة ومراقبتهم.يذكر أن فيروس كورونا تسبب في إصابة ما يقرب من 800 ألف شخص حول العالم، ووفاة قرابة 38 ألف حالة، حسب أحدث الإحصائيات المعلنة.
مشاركة :