غياب الواقعية عن السينما المصرية يبعدها عن المهرجانات الكبرى

  • 4/1/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

القاهرة: محمد فتحي عقب فوز الفيلم الكوري «الطفيلي» بجائزة الأوسكار، قارن البعض بينه وبين الأفلام المصرية؛ حيث فاز بالجائزة بسبب اقترابه من الواقع، وتجسيده مشاكل مجتمعه، وهو ما ينقص السينما المصرية، التي تحقق إيرادات كبيرة، لكنها تواجه العديد من الانتقادات بسبب ابتعادها عن الواقع ومناقشة قضايا المجتمع، ما جعلها بعيدة عن المنافسة في المهرجانات الكبرى، لدرجة أنها بعيدة حتى عن المنافسة في مهرجان القاهرة السينمائي، فكيف أثر ابتعاد الأفلام المصرية عن الواقع في تحقيقها أي إنجازات تذكر؟ هذا ما نناقشه في التحقيق التالي.في العام الماضي، أكد ألبرتو باربيرا، المدير الفني لمهرجان فينسيا السينمائي الدولي، أن مشكلة السينما المصرية، أنها لا تهتم بإنتاج أعمال بمعايير فنية عالية تصلح للمشاركة في المهرجانات السينمائية الدولية، وتعتمد في الأساس على الأفلام التجارية والجمهور المحلي، وهناك محاولات ضعيفة لإنتاج أفلام تصلح مثل «يوم الدين» الذي عرض في مهرجان «كان»، وهذه ليست أزمة السينما المصرية فقط، فهناك دول أوروبية تواجه نفس الأزمة مثل ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، والأمر يحتاج إلى موازنة لتحقيق التواجد على المستوى الدولي كما كانت- دائماً- في عصر يوسف شاهين.وعقب انتهاء مهرجان القاهرة السينمائي الدولي الأخير، أكد المنتج السينمائي ورئيس المهرجان محمد حفظي، أن الأفلام المصرية المنتجة العام الماضي لا ترق للعرض في المسابقة الرسمية؛ حيث تمت مشاهدة أفلام مصرية عدة في لجنة المشاهدة، لكنهم قرروا في النهاية عدم اختيار أي فيلم منها لضعف مستواها.ويقول المخرج مجدي أحمد علي: أشعر بأن الأفلام التي تقدم حالياً ليست مصرية بشكل كبير، وأصبح «الأكشن» هو السائد، إلى جانب الاقتباس من الأعمال الأجنبية، فلا نرى الهوية المصرية والواقع المصري في أفلامنا، صحيح أن هناك تطوراً في الصوت والصورة، وأصبح هناك مخرجون جدد ومصورون جيدون، لكن الأهم هو توظيف كل ذلك في أعمال تنقل الواقع بشكل صحيح.ويرى السيناريست بشير الديك، أن السينما المصرية تجدد نفسها باستمرار، وأن صعود موجة وهبوط أخرى، أمر طبيعي وحدث على مدار تاريخ السينما المصرية، لكنها طوال الوقت كانت مخلصة للواقع، وتقدم أفلاماً تعكس المرحلة، أما السينما الآن فهي منفصلة تماماً عن الواقع، لكن هذا لن يستمر فترة طويلة، وإنما سيحدث اندماجاً بين الأفكار الحالية والأفكار التي تعكس الواقع، وسيحدث هذا على مستوى النجوم أيضاً.أما الفنان القدير محمد صبحي، فيقول: الواقع يؤكد أن السينما حالياً انعدم فيها التأثير الإيجابي، وأصبحت للترفيه فقط، فالهدف من الفن هو الإمتاع وبناء مواطن له قيمة في المجتمع، فالفن متعة بصرية وفكرية وذهنية وجمالية ويهدف إلى الترفيه، لكن بدون إسفاف أو ابتذال أو هدم للأخلاق والقيم، فالسينما الآن لا تقدم سوى النماذج السلبية عن المجتمع مثل: تقديم المرأة في صورة خاطئة ومغلوطة، على الرغم من أنه من أعظم 100 فيلم في العالم نجد أفلاماً مصرية، قدمت نماذج من الواقع، ولم تقدمها بصورة ملائكية، فرأينا الفتوة والشرير وسيئ الأخلاق، وكنا نكره هذه النماذج من خلال ما يقدم ويوصل الفيلم رسالة تجعلك تنفر من هذه النماذج، لكن حالياً السينما تقدمهم كأبطال وقدوة.وتعلق المخرجة أيتن أمين قائلة: ليس هناك أي مانع من وجود أفلام تجارية، لكن يجب أن تتم صناعتها بإتقان لتصبح سينما جيدة تجلب الربح للمنتج، لاسيما أن الفن يجب ألاّ يكون موجهاً أو يحمل فكرة معينة، فأغلب المؤلفين والمخرجين يعبرون عن موضوعات خاصة بهم وليس بالمجتمع.ويقول الناقد طارق الشناوي: على الرغم من تحقيق الأفلام المصرية لكم كبير من الإيرادات، إلا أنه لا يوجد فيلم نحن سعداء به فنياً، فكلها أعمال تجارية، لكنها فقيرة إبداعياً، ما جعلنا نبتعد عن التواجد في المهرجانات الكبرى، فللأسف الأفلام التي تعرض في مصر طوال العام تجارية ولا توجد بها ناحية فنية جيدة تصلح للتواجد في مهرجان سينمائي، لذلك لم تعد هناك أفلام مصرية في المسابقات الرسمية المهمة في المهرجانات، أما فيلم مثل «الطفيلي»، فقد بدأ رحلة الجوائز من مهرجان «كان» وفاز بالسعفة الذهبية، ثم حصل على «جولدن جلوب» كأفضل فيلم أجنبي، إلى أن وصل إلى الأوسكار، فقد مزج الفيلم بين عمق القضية الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والحالة الإبداعية الجمالية التي حافظ على تحقيقها في كل التفاصيل، ولو استمر الإنتاج السينمائي يعتمد فقط على تحقيق الإيرادات المرتفعة فقط تجارياً، والكسب المادي دون النظر إلى أهمية تقديم منتج سينمائي قوي فني، ويحمل جودة عالية ورسائل مهمة للمجتمع، سنظل «محلك سر»، ولن يتواجد أي فيلم مصري في مهرجان سينمائي مهم. الهروب من الواقع في رسالة دكتوراه بكلية الآداب جامعة عين شمس، حول دور أفلام السينما المصرية في إدراك الجمهور لقضايا المجتمع المصري، أكدت د. مرام أحمد في رسالتها أن الهروب من مواجهة الواقع كان الأسلوب الأكثر استخداماً في الحبكة الدرامية خلال عينة الدراسة التحليلية، المكونة من 88 فيلماً، وهي نقطة تؤخذ على أفلام السينما المصرية، فحسب الدراسة، تسبب ذلك في إعطاء وسيلة لعقل المتلقي للهروب من المشكلات والأزمات التي تواجهه في حياته، وقد لاحظت الباحثة تعمّد بعض المنتجين إلى إنتاج أفلام غنائية شعبية بغرض الربح والتجارة فقط، دون الاهتمام بالشكل أو المضمون المقدم.

مشاركة :