قبل أسبوع من مغادرة وزير الخارجية الفلسطيني، رياض المالكي، إلى لاهاي (في الخامس والعشرين من الشهر الحالي)، للقاء المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية وفريق التحقيق بالشأن الفلسطيني، لتسليم ملفي الاستيطان والعملية الإسرائيلية في غزة، وعشية نشر تقرير لجنة التحقيق الدولية حول الحرب الأخيرة على غزة التي سميت «الجرف الصامد» (يفترض نشره اليوم الاثنين)، أطلق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، حملة دبلوماسية مكثفة من أجل التصدي واستباق تقرير مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة حول تلك الحرب، المتوقع أن يدين إسرائيل بجرائم حرب. ADVERTISING وقال نتنياهو إن مطالعة تقرير الأمم المتحدة بشأن حملة «الجرف الصامد» هي مضيعة للوقت. ونشر ديوانه بالمقابل تقريرا صادرا عن وزارتي الخارجية والعدل في حكومته بالتعاون مع القيادة العسكرية، يبرئ الجيش الإسرائيلي من اتهامه بارتكاب جرائم حرب. وبالمقابل، يتهم حركة حماس بأنها اتبعت استراتيجية تمثلت في نقل القتال إلى المناطق المدنية المأهولة واستخدام مدنيين دروعا بشرية. وينسب التقرير إلى حماس أحداثا تنكر فيها مقاتلوها وكأنهم مدنيون وجنود إسرائيليون، ونسب لهم التقرير أحداثا أخرى استخدم فيها مقاتلو حماس المنازل كمقرات عسكرية والمساجد كمواقع للقناصة. كما يشير التقرير إلى أن الأنفاق التي استخدمتها التنظيمات الفلسطينية في القطاع حفرت داخل عمارات سكنية وفي مناطق مأهولة. ويدعي التقرير الإسرائيلي أن جيشه «التزم بالقانون الدولي»، وأنه «اتخذ خطوات عديدة لتفادي المساس بمدنيين في مناطق القتال، وللتأكد من أن المناطق المستهدفة تعد مواقع عسكرية ليس إلا». ويضيف التقرير أن «الجيش الإسرائيلي استخدم أسلحة دقيقة للتقليل من حجم الأضرار غير المباشرة». ويشير كذلك إلى أنه «تم إلغاء بعض العمليات العسكرية التي خطط لها بعد أن تبين أنها قد تؤدي إلى إصابة مدنيين»، وأن «إسرائيل واصلت وبالتزامن مع العمليات العسكرية نقل المواد الغذائية والعتاد الطبي وإمدادات أخرى إلى القطاع، بغض النظر عن إقدام حماس وباقي التنظيمات (الفلسطينية) على مهاجمة المعابر في الوقت الذي جرت فيها عمليات نقل الإمدادات». وجنبا إلى جنب مع هذه الحملة، نشر في تل أبيب تقرير تمت صياغته، بمبادرة إسرائيل، من طرف طاقم دولي لضباط كبار سابقين، ممن زاروا إسرائيل أخيرا، وعرضوا نتائج معاكسة تمامًا لما هو متوقع من لجنة شاباس (القاضي اضطر للاستقالة وتمّ استبدال القاضية ماري ميكغاون ديفيس به). ومن بين أعضاء الطاقم الذي أعد هذا التقرير رئيس الأركان الألماني السابق الجنرال كلاوس ناومان (وهو رئيس الطاقم)، وعشرة من القادة العسكريين في العالم، والدبلوماسيين الكبار في الولايات المتحدة، وبريطانيا، وهولندا، وإيطاليا، وأستراليا، وكولومبيا. وسعى أعضاء طاقم الفحص إلى تفنيد الادعاءات بأن الجيش اقترف جرائم حرب في غزة: «نحن نعرف هذه الاتهامات التي تدعي أن إسرائيل عملت عكس القانون الدولي، لكن النتائج تثبت العكس». ورد الفلسطينيون على هذه التقارير بالرفض والاستخفاف، مؤكدين أن «الأدلة على ارتكاب جرائم حرب إسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة واضحة وضوح الشمس». وأكدوا أن برنامجهم لطرح ملف هذه الحرب، إلى جانب ملف الاستيطان، سيقدمان إلى المحكمة الدولية لجرائم الحرب في الموعد المقرر. وأن الوزير المالكي اتفق على ذلك مع المدعي العام للمحكمة.
مشاركة :