الأستاذ الصديق ناصر بن محمد المشعل رحمه الله

  • 4/1/2020
  • 00:00
  • 10
  • 0
  • 0
news-picture

وكل خليل يُخلِقُ النأي حُبه وحبك ما يزدادُ إلا تجددا الإنسان في هذا الوجود اجتماعي بالطبع منذ فجر حياته وطفولته لكلا الجنسين، وقد ذكر بعض علماء النفس ذلك مفصلاً في صغرهما؛ إذ ينضم بعضهما لبعض في تآلف ومرح، ومزاولة الهوايات والألعاب المحببة لهما معًا.. حتى بلوغ سن التمييز تحت العاشرة، ثم يبدأ التباعد شيئًا فشيئًا بين الجنسين؛ فالبنات يعشن مع نظرائهن؛ فتقوى أواصر المحبة والصداقة بينهن، وقد يستمر ذلك مدى العمر. كذلك الكبير من الذكور لمن يحتفظ بالصداقة، وذكريات الطفولة والشباب مع أقرانه إلى أن تنتهي سنوات إقامته في الحياة الدنيا.. وهذا هو شأني مع شقيق الأستاذ ناصر: صديقي الحبيب عبدالله بن محمد المشعل -رحمهما الله-. وقد سحبتنا هذه الديباجة والمقدمة عن سرد بعض ذكرياتنا الجميلة مع حبيبنا الأستاذ ناصر بن محمد المشعل الذي يعد من أحد طلابنا النجباء النابهين خلقًا وأدبًا بالمرحلة الابتدائية ومعهد المعلمين بحريملاء منذ عام 1379هـ؛ إذ كنت مديرًا للمعهد مع إشرافي على المرحلة الابتدائية حتى تخرَّج من كلتا المرحلتين بتفوق ونشاط -رحمه الله- ثم عُيّن مدرسًا بمدرسة المأمون الابتدائية الواقعة في حي الشميسي بالرياض التي كان الأستاذ محمد بن عقيل مديرًا لها، ثم خلفه الأستاذ ناصر بن إبراهيم الجريبة فترة من الزمن، بعد ذلك انتقل أبو خالد مدرسًا، ثم وكيلاً لنا في حريملاء حتى تقاعد حميدة أيامه ولياليه، وكان أثناء وجوده بيننا ننتهز فرصة الإجازة الأسبوعية، والإجازات الطوال لأجل السير في جوانب مملكتنا رحبة الجهات الحبيبة إلى قلوبنا، سياحيًّا، ولزيارة بعض الزملاء والأصدقاء في أماكنهم: سح في البلاد إن أردت تعلُّما إن السياحة في البلاد تفيد فمن سعادة الإنسان في هذا الوجود أن يألف ويؤلف، مستمتعًا بحياته الزمنية العمرية بين أهله ومجتمعه، وبين رفاق دربه في أجواء جميلة تحفها أجنحة الود والمسرات، بعيدًا عن منغصات النفوس وكدرها: وخذ ما صفا من كل دهر فإنما غضارته غُنم لنا ونهاب وهذا ما يتمناه كل إنسان سوي، ينشد راحة البال، وصحبة الأخيار مدى إقامته على أديم هذا الكون العريض حتى يفرق الله بين كل خليل وخليل إلى دار النعيم المقيم -برحمته وفضله-. وهذا هو حال الدنيا، والحال مع الصديق الوفي ناصر المشعل (أبي خالد) -رحمه الله رحمة واسعة- الذي قضيت معه وبصحبته أحلى أيام العمر: عقودًا مديدة وأعوامًا طويلة.. تخللها الكثير من الأسفار والرحلات للاطلاع على بعض المعالم الأثرية ذات الأهمية التي تقادم عهدها في أنحاء بلادنا المباركة.. وقد طُبع أمم من البشر على حب التنقل من مواطنهم إلى أماكن أخرى -وإن بعدت- لإرواء غلة النفس، وإمتاع العيون مما تطمع إلى مشاهدته، كمن يؤم الديار المصرية لمعاينة تلك الآثار العريقة في القدم، مثل الأهرامات المتربعة على أرض الجيزة، و(أبي الهول) الجاثم على هاتيك الكثبان الرملية.. التي لم تؤثر فيها عوامل التعرية وهطول الغوادي. ولقد أجاد الشاعر المصري إسماعيل صبري باشا في وصفه الأهرامات المواكث: قد مر دهر عليها وهي ساخرة بما يضعضع من صرح وإيوان لم يأخذ الليل منها والنهار سوى ما يأخذ النمل من أركان ثهلان جاءت إليها وفود الأرض قاطبة تسعى اشتياقًا إلى ما خلف الفاني وستظل تلك الرحلات والزيارات المتعددة مع أبي خالد ذكرى خالدة مضيئة في شعاب النفس مدى العمر، وأفضلها زيارة الحرمين الشريفين (مكة المكرمة والمدينة المنورة)، والمكث فيهما فترة أطول تعبدًا ورغبة في رحمة المولى جل ثناؤه، مختتمًا هذا المقال بهذا البيت تعبيرًا عن صفوة المودة بيننا، وإن بُعد عن ناظري -تغمده الله بواسع رحمته-. وما أحدث النأي المفرق بيننا سُلُوًّا ولا طول اجتماع تقاليا ** **

مشاركة :