يعود «ساهر» إلى دائرة الضوء عن طريق أحد أعضاء هيئة كبار العلماء، والحقيقة أنه لم يغب عن ذاكرة المجتمع، لكن الحديث عنه تناقص تدريجيا؛ لأن المسؤولين عنه لا يقبلون أي نقاش فيه، وكأننا لم نتضامن مع هذا البرنامج ونؤيده عندما بدأ؛ لأننا كنا نبحث معهم عن أي وسيلة تخفف من هول مجازر الحوادث المرورية، لنكتشف لاحقا أنها في ازدياد، بينما جيوب الناس تعاني بسببه؛ لأن جانبه المالي سيطر على الاعتبارات الأخرى. يقول عضو هيئة كبار العلماء الدكتور محمد المختار الشنقيطي إن تنبيه السائقين بوجود كاميرات ساهر جائز ومستحب، معتبرا ذلك نوعا من الإعانة على عدم تكبد الخسائر المالية الكبيرة، خصوصا لذوي الدخل المحدود، بل يؤكد أن التنبيه عنه مستحب ويثاب عليه صاحبه، وأشار إلى وجود عرف دولي يقتضي وضع لافتات تنبيهية قبل مكان الكاميرات، وبالتالي يجب أن يطبق هذا لدينا. ثم يضع الدكتور الشنقيطي يده على لب المشكلة بقوله إن الشخص قد يكون راتبه مثلا ثلاثة آلاف ريال وله أولاد، وقد لا يمضي أسبوع أو أسبوعان إلا وقد ذهب راتبه. نؤكد ــ مرة أخرى ــ أن المشكلة ليست في وجود ساهر في حد ذاته، ولكن في فلسفة استخدامه والغرض منه، وأي وسيلة يراد لها الحد أو التخفيف من ظاهرة سلبية لا بد من مراجعتها عندما لا يكون لها تأثير ملموس على تلك الظاهرة. ساهر أصبح هاجسا ماليا للناس، خصوصا عندما تتضاعف الغرامة إلى الضعف أو أكثر. ويتنقد البعض طريقة عمله؛ لأنها تتخذ أسلوب التصيد للإيقاع بالناس، وكأنهم في حرب سرية. ومما يزيد الانزعاج منه أنه أصبح من أسباب تعطيل المصالح حتى في الظروف الطارئة، إذ لا يستطيع الإنسان إنهاء أي أمر يتعلق بالوثائق الرسمية أو الإجراءات المفاجئة طالما عليه غرامة مستحقة لساهر بإمكانه تسديدها في وقت لاحق. كل الأسباب تدعو إلى إعادة النظر حتى يؤدي البرنامج هدفه الأساس.
مشاركة :