إن المشهد المفزع الذي يطالعنا كل يوم، بشأن تطورات فيروس كورونا المستجد على مستوى العالم، لا ينبغي أن يجعلنا نقع فريسة للهلع ويفقدنا الأمن والطمأنينة. كما لا ينبغي - على الجانب الآخر - أن نعتقد أنه شأن يخص الدولة، فهو اعتقاد خاطئ تماما، حيث لا يمكن مواجهة هذا العدو الغامض دون بذل كل الجهود من كل المواطنين، دون الاستغناء عن أي واحد منهم، فالكل معرضون للإصابة به. لقد أظهر هذا الوباء كيف يمكن لبعضنا أن يقوي البعض الآخر من خلال مراعاة سلوكيات التعامل، فالسلوك الذي يراعي الآخرين هو واجب الوقت على كل مواطن أو وافد. ففيروس كورونا المستجد لا يفرق بين هذا وذاك، الكل عنده سواء. ومن ثم ينبغي لكل واحد فينا أن يتبع إجراءات الحماية التي تطلبها الدولة، وأن يستجيب للضوابط والقواعد الموضوعة رغم صعوبتها، وأن يستمع إلى نصائح الخبراء: الحفاظ على مسافة 1.5 متر على الأقل من أقرب شخص، لا مصافحة بعد الآن، غسل الأيدي بشكل جيد وبصورة متكررة، عدم الاقتراب من كبار السن لأنهم الأكثر عرضة للخطر. ولا ينبغي أن يتملكنا الإحساس الزائف بالأمان، فارتداء الشخص الكمامة أو استخدامه المطهرات قد يتسببان في أن يشعر أنه في أمان، فيعرض نفسه بصورة أكبر إلى مصادر العدوى. كما أن اعتقاد الشخص أنه مستبعد من التعرض لمضاعفات العدوى طالما أنه ليس من شريحة المسنين قد يدفعه إلى التصرف بلا مبالاة. ولنحذر الطابور الخامس الذي يعمل بيننا لصالح فيروس كورونا المستجد، والذي يضم شرائح متنوعة من محبي الظهور ومدمني الشهرة ومروجي الإشاعات الذين يجدون في هذه الأجواء الملتهبة تربة صالحة لإشباع شهواتهم وتحقيق أغراضهم، حيث تنهال علينا المقاطع الصوتية والمرئية لأناس معروفين وغير معروفين، مختصين وغير مختصين، يدلون بتصريحات وأخبار متضاربة، بعضها يهون من شأن كورونا ولا يراه شيئا، وبعضها الآخر يهول من شأنه حتى ليعده نهاية العالم. وثمة أحاديث عن مؤامرات، ومصالح عالمية، وحروب بيولوجية، ونوايا خبيثة، وغير ذلك. إن هذه المعلومات المضللة التي يتفاقم أثرها عن طريق شبكات التواصل الاجتماعي، لن تؤدي إلا إلى زيادة قلقنا واضطرابنا. فلنتجاهلها حفاظا على سلامتنا النفسية، ولنجعل مصدر معلوماتنا هو الدولة، فهي المصدر الوحيد الموثوق.
مشاركة :